(موقع ” Algérie patriotique- الجيغي بوتخيوتيك” الجزائري, الناطق باللغة الفرنسية- ترجمة: أسماء بجاش, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)

أثناء نومنا العميق، يمزق الألم المستمر والجارف قلوبنا المكلومة، حتى في أعماق يأسنا، رغماً عن إرادتنا، حكمة مهدئة تغمرنا بنعمة الله المتوهجة, فهذا العالم الغريب عن عالمنا، فيه الضمير الغربي يدعو للرد على اضطهاد رجل واحد، في حين يموت شعب بأكمله في اليمن، تحت نير أولئك الذين يقدمون أنفسهم مدافعين عن الكرامة الإنسانية.

منذ سنه 2015, تعرض اليمن للدمار الشامل بسبب صراع أودى بحياة مئات الآلاف من المدنيين, في حين ترك الملايين من السكان دون الحصول على الرعاية الصحية أو المياه النظيفة أو المرافق الصحية, وهو أمر بالغ الأهمية للحياة الطبيعية.

حظر التحالف الذي تفرضه دول التحالف العربي العسكري مع خططه الشريرة إمدادات الغذاء والأدوية والوقود بسبب الحصار البري والبحري والجوي الكامل.

فعلى مدى السنوات الست الماضية، كان هذا التحالف بقيادة نخب الظلام ينتهك مع الإفلات من العقاب حق المدنيين في اليمن في الحماية من الحرب، دون أن يشعروا بالقلق حيال ذلك.

لقد تسببت الحرب الدائرة في اليمن في وقوع واحدة من أكبر المجاعات من صنع الإنسان, ناهيك عن كون ثلاثة أرباع سكان البلد البالغ عددهم 29 مليون نسمة بحاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية العاجلة، حيث أشارت التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة إن 400 ألف طفل من الفئات الأشد ضعفاً يواجهون خطر الموت الوشيك.

بعد ستة سنوات من اندلاع الصراع المسلح الذي أودى بحياة أكثر من مئات الآلاف من المدنيين، لا تزال اليمن أكبر أزمة إنسانية في العالم, حيث يعاني البلد من أسوأ أزمة للأمن الغذائي في العالم, ونتيجة لذلك يحتاج 20.1 مليون نسمة – أي ما يقرب من ثلثي عدد السكان – إلى المساعدة الغذائية منذ مطلع العام 2020.

يعود كل ذلك إلى أواخر مارس من العام 2015, عندما أخذت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على عاتقهما تشكيل تحالف عسكري, تتمحور مهمته أولى في صد القوات التي يقودها الحوثيون الذين تمكنوا من بسط سيطرتهم على العاصمة اليمنية صنعاء في أواخر سبتمبر 2014, ومن ثم أجزاء شاسعة من المناطق الشمالية من البلد.

وفي العام 2020, ارتفعت حدة العمليات القتالية في المناطق الشمالية من اليمن بشكل كبير مع استيلاء الحوثيين على المناطق التي تسيطر عليها القوات الحكومية والمدعومة من دول التحالف وتقدمهم إلى محافظة مأرب، حيث نزح الآلاف من اليمنيين داخليا, حيث يواجهون ظروفا إنسانية رهيبة وتزايد خطر مع انتشار جائحة الفيروس التاجي.

في المناطق الجنوبية من اليمن، واصلت دولة الإمارات عملياتها الجوية وتقديم كافة أوجه الدعم للقوات اليمنية المحلية على الأرض على الرغم من انسحاب معظم قواتها البرية من البلد في منتصف العام 2019.

ومن جانبه, استمر المجلس الانتقالي الجنوبي، بدعم من الإمارات، في تحدي الحكومة اليمنية المعترف بها في الجنوب.

كان للصراع الذي طال أمده أثر مدمر على حياة المدنيين في جميع أنحاء البلد, حيث يعاني المدنيون جراء تدمير الهياكل الأساسية الحيوية، والافتقار إلى الوقود والخدمات الأساسية، وإساءة استخدام قوات الأمن المحلية، وضعف الدولة وتجزئة الحكم.

كما أدت الأمطار الغزيرة – التي لم يسبق لها مثيل- التي هطلت على أجزاء كثيرة من اليمن في العام 2020 إلى مقتل عشرات الأشخاص وتشريد آخرين, بالإضافة إلى تدمير الفيضانات العديد من المنازل والهياكل الأساسية وألحقت أيضا الأضرار الجسيمة بها، بما في ذلك المباني في مدينة صنعاء القديمة التي تم تصنيفها أحد مواقع التراث العالمي بحسب منظمة الأمم المتحدة “اليونسكو”.

لم يتوقف الوضع المأساوي في البلد عن هذا الحد, حيث دُمر الاقتصاد اليمني جراء سنوات من الصراع.

فقد الملايين من سكان اليمن وظائفهم بسبب توقف الأعمال التجارية، كما أن العاملين في القطاع العام لم يتقاضوا أجورهم الكاملة منذ سنوات، مما أدى إلى اتساع رقعة الفقر, والنتيجة, أصبح ملايين المدنيين في اليمن يعتمدون على المساعدات الإنسانية.

قبل ثلاث سنوات تقريبا من ظهور كوفيد-19، أعلنت منظمة الصحة العالمية اليمن المكان الأكثر ضعفا على هذا الكوكب.

استهدفت الهجمات بالقنابل التي يمطر بها اليمن, العديد من مرافق منظمات العمل الإنساني: لجنة الصليب الأحمر الدولية والهلال الأحمر وأطباء بلا حدود, كما استهدفت الغارات الجوية المستشفيات والمستوصفات ومنظمات الإغاثة والمدافعين عن حقوق الإنسان.

إن الأمم المتحدة التي تسيطر عليها النخب المظلمة، تعطي ما يشبه الشرعية للحصار وحظر الأسلحة الذي يستهدف اليمن من جانب واحد.

ولا جدوى من طرح السؤال عن سبب عدم حظر الأمم المتحدة أيضا تسليم الأسلحة إلى جميع المتحاربين, نحن نعرف الجواب.

وبالرغم من كونها تأسف للأزمة الإنسانية التي تعصف بالبلد، وأسوأ انتشار لوباء الكوليرا في تاريخ البشرية، والدمار الذي أحدثته جائحة كوفيد – 19, ولكنها في نفس الوقت, لا تفعل شيئا يذكر لوقف هذه الإبادة الجماعية التي لا هوادة فيها التي تقودها نخب الظلام في التدمير الكامل و الممنهج لليمن.

إن شن الحرب عمدا، مع منع وصول المساعدات الإنسانية العاجلة للأدوية، يشبه بحد ذاته, شن صراع شامل, فاليمن ليس أول بلد تشن عليه النخب المظلمة حروبا شاملة.

فخلال حرب فيتنام، رشت النخب المظلمة ملايين الجالونات من العامل البرتقالي، الذي سمم الأرض والأنهار والناس.

وهذا العامل نفسه، بعد 50 عاما، لا يزال يسبب حالات الإجهاض والأمراض الجلدية والسرطانية والعيوب الخلقية.

لوثت النخب المظلمة العديد من المناطق في العالم: البوسنة وأفغانستان والشرق الأوسط باليورانيوم المستنفد, حيث أن هذه المادة تسبب السرطان والتشوهات الخلقية وربما العديد من المشاكل الصحية الأخرى.

ولهذا, سوف يقضي الشعب اليمني وكذلك السوري، رمضاناً آخر تحت نير النخب المظلمة, فهؤلاء النخب المظلمة الذين هم مجرد طبقة أخرى من الطغاة الذين عانت منهم البشرية الكثير طوال تاريخها, حيث تتخطى هذه الدول البصيرة والخفية الحدود وتفرض من جانب واحد, دون إمكانية اللجوء إلى القوانين والقواعد, ما دامت إرادتها في السلطة والحيازة لا حدود لها.

وهذا هو مصير الإنسانية التي لا يمكنها أن تفلت منها، دون أن تنجح في إبراز الجانب العبثي والعابر والسخيف الذي تشكله هذه النخب في خضم المأساة الإنسانية.

لقد مرت العصور من حيث كانت غائبة, ولو اختفوا مرة أخرى، لما حدث شيء, لأنه ليس هناك ظلام, فالمهمة لهذه النخب التي من شأنها أن تذهب إلى ما وراء إطار هذه الحياة الدنيئة والبعيدة.

*النير: الجمع: أَنْيَار, وهي آلة محراثية عبارة عن خشبة معترضة توضع في عنقي ثورين لجمعهما معاً لجر المحراث أو غيره, وضرب به المثل في تحرر الشعوب من الاستعمار، لتقييده لها وعدم تركه مجالا لحرية الشعوب بالتصرف أو المشاركة، فقيل: تحرر الشعوب من نير الاستعمار.

* العامل البرتقالي: الاسم الحركي لمبيد أعشاب ونازع ورق الشجر من مبيدات قوس قزح والتي كان يستخدمها الجيش الأميركي أثناء حرب فيتنام كجزء من برنامج الحرب السامة التي امتدت خلال الفترة ما بين 1961 – 1971.

بلغ عدد القتلى أو المشوهين 400,000 ألف شخص بحسب التقديرات الصادرة عن الجانب الفيتنامي، إضافةً إلى 500,000 من الأطفال الذين ولدوا بعيوب خِلقية.

*  المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع