أحمد يحيى الديلمي————————

 

 

 

نصف قرن وبضع من السنين المسافة الزمنية الفاصلة بين 26 سبتمبر 1962م و 21سبتمبر 2014م ، في هذه المساحة توالت التحولات والأحداث المأساوية كان أبرزها الحرب الظالمة التي أعقبت قيام الثورة وتحولت اليمن معها إلى ساحة لتصفية الحسابات بين دول أقليمية ومحاور دولية استغلت فقر وجهل اليمنيين لتأجيج العداء في نفوسهم والزج بهم إلى ركاب من يدفع أكثر .

مع أن الثورة انتصرت ظاهرياً في نهاية المطاف إلا أن الأيام أثبتت أن ما حدث كان انتصار لحظي سرعان ما تبدد وقامت السعودية بوأده واغتياله ، بعد سبع سنوات ظل هذا العدو التاريخي يتلذذ فيها بدماء اليمنيين ويمني أتباعه بانتصارات وهمية وأخبار كاذبة تتحدث عن انتصارات لا وجود لها وبطولات خيالية ، إضافة إلى الحديث عن سقوط رموز الشيوعية أعداء الإسلام في صنعاء ، ما أشبه الليلة بالبارحة ، حيث يتحدثون  اليوم عن سقوط الروافض والمجوس بنفس الأسلوب الهمجي المشين ونفس الأكاذيب والشائعات الزائفة .

في اللحظة التي اطمئن فيها النظام السعودي بأنه استقطب أدوات كفيلة بتحقيق غاياته ورغباته الخبيثة بكلفة أقل ، وبينما كان أتباعه يتأهبون لاقتحام العاصمة صنعاء بعد أن أحاطوا بها من كل جانب ، سحب البساط من تحت أقدامهم ومد جسور التعاون مع جوقة العملاء الجُدد بهدف اغتيال الثورة معنوياً، ووضع الثورة والدولة والوطن تحت الوصاية المباشرة لآل سعود وتحويل اليمن إلى حديقة خلفية للسعودية ، وما خفي كان أعظم مما ظهر على السطح ، كل شيء كان يتم في الكواليس ويحاول استهداف الهوية والتاريخ والحضارة بعد الالتفاف على الثورة والتحكم في مساراتها وإيجاد نظام تابع ومستسلم ، أي أن السعودية تمكنت من شل إرادة الفعل الذاتية ، مما فاقم المآسي وضاعف بؤر التوتر وقاد إلى اندلاع الصراع ودورات المواجهة العسكرية التي أحبطت كل شيء ، بما في ذلك الصراع على مستوى الشطرين سابقاً .

من هذه اللمحة الموجزة يتضح الدور المُشين لآل سعود في إجهاض الثورة بعد ما سُمي بالمصالحة الوطنية ، وبالتالي نعرف أهمية ثورة 21سبتمبر 2014م ، إذ يكفي فقط أنها أفشلت مشروع الأقلمة بأفقه المدمر ، ووجهت سهام العداء إلى الخطر الداهم الذي يتربص باليمن واليمنيين عقوداً من الزمن ، وهي محاولة جادة بالفعل لإعادة الثورة الأم إلى مسارها الصحيح وبذل الجهد لحماية السيادة الوطنية وضمان الاستقلال والإمساك بناصية القرار ، هذه المواقف مثلت تجسيد عملي لروح الثورة الأم ، وعبرت عن إرادة كل يمني شريف صادق الانتماء للوطن ، هذه القراءة هي الوحيدة التي توضح عظمة ثورة 21سبتمبر ، وتزداد العظمة أكثر حينما نتابع رد فعل العدو التاريخي الذي أتسم بالجنون والإصرار على استهداف كل شيء في الوطن ، وكأنما أفتقد شيء خاص كان قد أستحوذ عليه ، وهذا سر عدوانه الهمجي السافر الذي كشف عن الوجه الحقيقي الحاقد لآل سعود على اليمن واليمنيين بلا استثناء  .

من هذه القاعدة يجب أن يتمحور الفهم لدى كل اليمنيين وأن يكونوا على أهبة الاستعداد للدفاع عن الوطن وقبل ذلك مراجعة الذات والتفكير بنبض الوطن ومعاناة أبنائه ، لا بمفهوم المصالح والرغبات الذاتية ، هذه نقطة أرجو ان يستوعبها الجميع لاستشعار المسئولية والعمل من أجل استمرار الثورة .. والله من وراء القصد ..