بقلم: فيليب مارتينات———–

باريس(صحيفة ” “Le Parisien الفرنسية, ترجمة: أسماء بجاش- سبأ):

 

تخوض كلا من المملكة العربية السعودية الداعمة للحكومة اليمنية والجمهورية الإسلامية الإيرانية التي تعمل بدورها على تقديم الدعم للمتمردين الحوثيين, حرباً لا هوادة فيها في منطقة الشرق الاوسط, وفي الوقت الذي ذهبت فيه الجهود الدبلوماسية أدراج الرياح, تعاني اليمن من فوضي عسكرية وكوارث إنسانية.

“عود ثقاب مشتعل فوق برميل من النفط” هذا ما يعتقده الجميع اليوم بالنسبة لما يحدث في اليمن، بلد كبير مثل فرنسا, يقطنه 28 مليون شخص، يقع في الجزء الجنوبي الغربي من منطقة شبه الجزيرة العربية، والواقع بين البحر الأحمر والمحيط الهندي.

كان هذا الجزء من العالم مهد للحضارات القديمة ” مملكة سبأ”, والذي لطالما عرف باسم العربية السعيدة, التي لم تعد كذلك الآن.

فقد كان اليمن لأكثر من نصف قرن, مسرحا للاختلاجات السياسية الدموية على نحو متزايد, والحاصل الآن اتساع رقعة المجاعة على نطاق غير مسبوق.

بدأ الكابوس الذي تعيشه اليمن في الوقت الحاضر, منذ أواخر العام 2014, عندما قرعت الحرب الحقيقية طبولها، بعد أن تمكن الحوثيون الشيعة المدعومون من طهران وحزب الله اللبناني من الاستيلاء على أجزاء كبيرة من الاراضي الشمالية, بما في ذلك العاصمة صنعاء.

كما تكرر نفس المشهد الحاصل في الشمال, في مدينة عدن الجنوبية, فما كان من الحكومة سوى طلب المساعدة من ائتلاف الدول العربية المجاورة بقيادة الرياض.

 

” أطفال لم يعد بمقدورهم البكاء”

 

وصفت الأكاديمية “لارا الريسي” مؤلفة كتاب ” إيران والمملكة العربية السعودية – صراع الجبابرة”, العداوة بين المملكة العربية السنية والجمهورية الإسلامية الفارسية مهد الشيعة, بأنها حرب سعودية وإيرانية بالوكالة جعلت من اليمن مسرحاً لها.

أدى هذا التنافس الذي جمع بين الرياض وطهران في اليمن إلى انهيار هياكل الدولة وتعزيز تواجد الجماعات الإسلامية, بما في ذلك تنظيم القاعدة الراسخ في اليمن.

ومن جانبها, رأت الرياض أنه ومن خلال التدخل العسكري يمكن حل المشكلة في غضون بضعة أشهر, و لكنها تعثرت في حرب لا ندري كيف ستتمكن من الخروج منها, إذ لم تكن الغارات الجوية كافية لهزيمة المتمردين الذين اختبوا بين السكان, مما أدى إلى سلسلة من النتوءات. وفي الوقت الذي أحست فيه الحركة الحوثية بضعف, قامت بتجنيد الاطفال, بالإضافة إلى زراعة حقول من الالغام.

الصراع تمكن من حصد ارواح 10 آلاف شخص:

أشارت منظمة” انقاذ الطفولة”غير الحكومية، إلى أن أكثر من 5 مليون طفل في اليمن يصارعون شبح الموت جوعاً!

ومن جانبها, أشارت “هيلي ثورننغ شميدت” المدير التنفيذي للمنظمة غير الحكومية, أنه عندما كانت في زيارة لإحدى المستشفيات في شمال اليمن, كان الأطفال الرضع أضعف من أن يتمكنوا من البكاء.

إن المجتمع الدولي الذي يسعى جاهداً لإحياء محادثات السلام، قلق بشأن هذا الصراع المحتدم في المنطقة التي يتم فيها شحن ما يقرب من ثلث النفط العالمي. ووفقاً للأمم المتحدة, فقد كان الدور الخفي للمجتمع الدولي مفصليا في وقوع البلد في شرك أسوأ أزمة انسانية.

من هم الحوثيون؟

رأت الحركة الحوثية النور والتي اخذت اسمها من اسم مؤسسها “حسين بدر الدين الحوثي” في المناطق الشمالية الغربية لليمن, حيث اتخذت من جبال محافظة صعدة معقلاً رئيسي لها. وتولى “عبد الملك الحوثي” قيادة زمام الحركة بعد مقتل شقيقه “حسين الحوثي” في العام 2004.

كما يمثل باقي الأشقاء الآخرون, مثل “يحيى بدر الدين”, احد الرؤساء التنفيذيين للجماعة التي اتخذت فيما بعد اسم “انصار الله” بشكل رسمي.

تشير الحركة الحوثية بشكل صريح إلى الزيدية, أحدى التيارات الشيعة الثلاث الأقرب إلى أهل السنة, إذ يمثل الحوثيون أقل من 10٪ من أجمالي عدد السكان اليمنيين, حيث كانت الزيدية مؤثرة جداً في هذا البلد.

زعماء حرب اليمن الاربعة:

– عبد الملك الحوثي: زعيم المتمردين الحوثيين, والبالغ من العمر 39 عاماً، وهو ابن أحد كبار رجال الدين في المذهب الزيدية, والذي قتل على ما يبدو إثر غارة جوية في العام 2009 عن طريق الخطاء, حيث كان العام  2016, شاهداً على  تسميته”مرشداً للثورة”. رفضت الجماعة الحوثية الذهاب إلى محادثات جنيف لسلام برعاية الامم المتحدة للتفاوض على مخرج للأزمة اليمنية في 8 من هذا الشهر.

– علي خامنئي: الداعم الإيراني للحوثيين, البالغ من العمر 79 عاماً والمرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران والقائد العسكري لإيران الشيعية. يكمن الهدف الرئيسي لهذا الدعم في إضعاف “السعودية السنية”, ولتحقيق هذا, اعطى أوامره “للقوات الباسداران” الجناح المسلح للنظام الايراني ولميليشيات حزب الله الشيعي اللبناني لمساعدة الحوثيين الشيعة.

– عبد ربه منصور هادي: الرئيس اليمني والبالغ من العمر 73 عاماً, يعيش حالياً في منفاه في العاصمة الرياض والمدعوم من قبلها والذي لطالما عاش في كنف الرئيس السابق علي عبد الله صالح. تقلد الرئيس هادي مقاليد الحكم في اليمن في العام  2012, حتى تم الاطاحة به في العام  2015, على يد المتمردين الحوثيين, الامر الذي استدعى إلى التدخل السعودي العسكري.

– الامير محمد بن سلمان: الرجل الاول في المملكة, والعدو اللدود للإيرانيين. تولي الامير “محمد” قيادة التحالف العربي السني في الحرب ضد الحوثيين في اليمن, وهو في سن 33, حيث اخذ على عاتقه القضاء على الحوثيين المتحالفين مع الشيعة الإيرانيين.

التسلسل الزمني للصراع:

1970-1962 : شهدت هذه الفترة اندلاع الحرب بين قوات المملكة المتوكلية اليمنية المدعومة من قبل المملكة العربية السعودية وبين قوات الجمهورية العربية اليمنية المدعومة من قبل جمهورية مصر العربية.

1990: توحيد شطري اليمن, تحت مسمى “الجمهورية اليمنية ” بين جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في الجنوب وجمهورية العربية اليمنية في الشمال.

1994 : اندلاع فتيل حرب أهلية بين قوات الجمهورية اليمنية -الموحدة- وبين القوات التابعة للانفصاليين في الجنوب, إذ  فشلت محاولة الانفصال تلك وتم التوقيع على إعادة التوحيد النهائي للبلد في العام2010, بعد أن خلفت هذه الحرب وراءها 10 آلاف شخص.

2014-2004 : بدء التمرد الحوثي الذي لطالما راودهم شعور التهميش السياسي والاقتصادي والديني, حيث شهدت هذه الفترة سلسة عمليات تمردية عسكرية من معقلهم في محافظة صعدة الواقعة شمال غرب البلد.

2015 : إطاحة جماعة الحوثي المدعومة من طهران بالرئيس عبد ربه منصور هادي, وإنشاء تحالف عربي عسكري -مستمر حتى آلان- مكون  من 12 دولة عربية منضوية تحت راية  المملكة العربية السعودية, تحت مسمى “عملية عاصفة الحزم”.

2017 : انهيار حلف الحوثي- صالح, والذي انتهى بمقتل الرئيس السابق علي عبد الله صالح, عقب اعلان الاول التقرب من الرياض.