بقلم: اميليا زكور

(صحيفة “جون أفريك- jeune afrique” الفرنسية – ترجمة: أسماء بجاش, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)

تم تسمية محمد بن نايف الحاصل على درجة الماجستير في مجال مكافحة الإرهاب في المملكة العربية السعودية وليا للعهد في العام 2015.

ومن ثم تم وضع ابن عمه الشاب، محمد بن سلمان، استراتيجية لأخذ اللقب منه وإبعاده عن اعتلاء العرش.

قصة السقوط المتوقع:

عامان, هذا هو الوقت الذي استغرقه الأمير الشاب محمد بن سلمان, نجل الملك سلمان، لإبعاد ابن عمه، محمد بن نايف، عن كرسي العرش السعودي, نظراً لكون  هذا الأمراً ليس مسلماً به منذ البداية.

في العام 2015، كان الأمير محمد بن سلمان يبلغ من العمر 30 عاماً، في حين كان ابن عمه يبلغ من العمر 56 عاماً.

وبالرغم من كون الأول ليس لديه خبرة عسكرية، إلا أن الملك عُيِّنه وزيرا للدفاع؛ ، في حين أن الثاني قد شغل منصب وزير الداخلية لمدة ثلاث سنوات، كما ذاع صيته بالفعل في مجال الأمن والاستخبارات.

“لقد أنقذوني أكثر من مرة”

في العشر السنوات الأولى من الالفية الحالية, أثبت الأمير محمد بن نايف نفسه بالفعل كخبير في مجال مكافحة الإرهاب في المملكة العربية السعودية.

وبعد أن دربه مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي وقوة سكوتلانديارد البريطانية، بدأ حياته المهنية في وزارة الداخلية، حيث ترأس أجهزة الاستخبارات ثم تولى منصب وزير الداخلية.

وبهذه الصفة، عمل عن كثب مع وكالة الاستخبارات المركزية, وأقام علاقات مع ديفيد بترايوس، مدير الوكالة في عهد الرئيس باراك أوباما، كما أن لديه علاقات واسعة داخل وزارة الخارجية الأمريكية.

يحظى الأمير محمد بن نايف بتقدير كبير من قبل صناع القرار الأميركي، ويعتبر أحد الأمراء السعوديين القلائل الذين يتقنون الملفات التي يكونون مسؤولين عنها.

في العام 2010، عمل على تحذير وكالة الاستخبارات المركزية من أن قنابل قد وضعت على متن سفن شحن كانت في طريقها إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

وقد أعجب جون فينر، رئيس الأركان ومدير تخطيط السياسات في وزارة الخارجية بقيادة جون كيري، بقدرة  الأمير بن نايف على تقديم معلومات حاسمة عن الأنشطة الجهادية بصورة منتظمة.

ومن جانبه, قال أحد أعضاء وزارة الخارجية الأمريكية في الرياض: “لقد أنقذوني أكثر من مرة” مشيرا إلى فريق بن نايف.

في يناير 2015, عندما عينه الملك سلمان ولي للعهد، بدا بن نايف المرشح المثالي في نظر واشنطن, وفي المملكة اُعتبر الرجل المحظوظ  والبطل القومي.

ومع ذلك، حتى قبل تعيينه كانت أولى بوادر تهميشه في المستقبل قد ظهرت للعيان, ففي مارس من العام  2015, عندما بدأت الحملة العسكرية بقيادة محمد بن سلمان في اليمن, لم يتم إبلاغه بالأمر, وبهذا قطع بن سلمان تدريجيا كل الروابط بين ابن عمه وأصدقائه الأمريكيين.

كانت الأحداث قد اندلعت في صيف العام 2015, عندما أشاد عادل الجبير، وزير الخارجية السعودي، لنظيره الأميركي جون كيري بشخصية الأمير محمد بن سلمان, حيث قال عنه إنه يمثل مستقبل المملكة.

ومن جانبه,لاحظ جون كيري ذلك, لكنه لا يريد بالتأكيد إشراك أمريكا في حرب الخلافة هذه.

وخلال الفترة نفسها، ذهب سعد الجابري* مستشار بن نايف ورفيقه في السفر لمدة خمسة عشر عاما, والذي يحظى ايضاً بتقدير كبير من قبل الأمريكيين إلى البيت الأبيض لتقييم الحملة السعودية في اليمن, الأمر الذي لم يرق لمحمد بن نايف …

لا يتطلب الأمر أكثر من ذلك بالنسبة لعشيرة بن سلمان أن تتصور أن بن نايف يسعى إلى تشويه سمعة ابن الملك.

وفي سبتمبر، علم بن نايف من على شاشات التلفزيون بخبر إقالة الملك, لسعد الجابري من منصبه, وبهذا تم تجريد بن نايف بوحشية من أقرب المتعاونين له.

إدمان المخدرات:

وبعد أسابيع قليلة، كان الأمير محمد بن نايف يستعد لاستقبال صديقه جوزيف ويستفال، سفير الولايات المتحدة لدى المملكة العربية السعودية, وفي تلك الأثناء اعترض فريق من مكتب محمد بن سلمان الدبلوماسي في مدينة جدة, حيث قيل له أن ابن الملك يريد رؤيته, مؤكداً له أنه سيعود في الوقت المناسب للقائه مع ولي العهد.

ولكن لم يكن الحال كما كان مقرر له, حيث أطال الأمير محمد بن سلمان اللقاء حتى لا يتمكن الرجلان – السفير الأمريكي وولي العهد- من رؤية بعضهما البعض.

في البيت الأبيض، من المفهوم أن معركة داخلية جارية, وفي حين أن بن نايف المرشح الرئيسي، إلا أنه من المهم تطوير علاقة ثقة مع محمد بن سلمان، الذي بدأ نجمه في الصعود.

وأكثر من ذلك لأنه، في مواجهة ابن عمه النشط، يبدو أن محمد بن نايف لا يمتلك القدرة الكافية على الانتقام.

تم استهداف الأمير بن نايف في العام 2009 من قبل تنظيم القاعدة,  حيث تعرض في ذلك الوقت لإصابات أكثر مما نشر عنه, حيث ظل يعاني من الآلام, تناول من أجلها العديد من العقاقير المسكنة التي أصبح مدمنا عليها فيما بعد بطبيعة الحال, وبالتالي يبدو أن الحالة الصحية للأمير أصبحت أكثر سوءا.

بدأ الكلام والشكوك تثار بشكلٍ كبير حول الأمير محمد بن نايف, بعد أن ظهر في لقطات على التلفزيون في اجتماعات وهو نائما.

وفي القمة الإسلامية العربية التي حضرها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، كان ينام بين الحين والآخر, كما كان يجلس بالقرب من الملك ولاحظ الملك أن لسانه ثقيل.

أشارت تقارير المخابرات الأمريكية إلى إدمانه على المسكنات واستخدامه لها للبقاء مستيقظًا, كما أشارت التقارير ايضاً إلى ارتدائه للملابس المتقطعة وولعه بالرجال.

إن الادعاءات المعروفة لدى الملكية الخليجية، أن محمد بن زايد، ولي عهد أبو ظبي ورجل دولة الإمارات العربية المتحدة القوي هو عراب الأمير الشاب محمد بن سلمان، هو تذكير ذكي لأصدقائه الأميركيين ذوي النفوذ.

قال بن زايد للمسؤولين الأمريكيين الذين أعد لهم مأدبة غداء في قصره في ولاية فرجينيا: “تعرفون لماذا لا يمكن أن يكون محمد بن نايف ملكاً, لأنه لن يقبله السعوديون أو أي منا, لذا لا يمكن أن يكون ملكاً ولن يكون كذلك”.

* سعد الجبري,  لواء ومستشار أمني سعودي سابق في وزارة الداخلية، ومستشار لولي العهد السابق الأمير محمد بن نايف، هرب إلى خارج السعودية في شهر مايو 2017 خوفاً من «ملاحقات قانونية بتهم الفساد والتربح من المال العام للدولة» خلال فترة عمله في وزارة الداخلية وإشرافه على صندوق مكافحة الإرهاب الذي أنشأه الملك عبد الله بن عبد العزيز.

*       المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع

8-3 المملكة العربية السعودية: الأعمال الصغيرة للأمير محمد بن سلمان