الوزراء .. وصاحبة الجلالة ..
أحمد يحيى الديلمي——-
وأنا أتحدث إلى أحد وزراء حكومة الإنقاذ الوطني أصبت بحالة إحباط وخوف على المستقبل ، مع أني حدثته من قبيل المشاركة الوجدانية والتفاعل معه لأن أحدهم استهدفه بتعليقات لاذعة فقلت : يبدو أن (فلان) تحامل عليك كثير ، أفزعني رده وأثار مشاعري ، قلت : ليتني لم اتحدث معه وليته لم يُجب ، ألتفت إلي غاضباً ورد بانفعال كلام وهرطقات صحف لا يهمني لأني لا أقرى الصحف ولا أتابع مواقع التواصل الاجتماعي ، كلها خزعبلات وأكاذيب وأخبار زائفة تصدر عن عقول مريضة ونفوس حاقدة على النجاح ، حاولت أن أقاطعه وأسأله عن بواعث الموقف العدائي الحاد ، لم يعطني فرصة وواصل الحديث بكل ثقة وكأنه يتحدث عن ثوابت وقيم حميدة ، ناس فاضيين لا أعمال لديهم وأنا مشغول ليس لدي وقت لمتابعة مثل هذه التراهات الزائفة ، شعاري المفضل (دع الكلاب تنبح والمسيرة تمضي) نطق آخر عبارة وأنطلق من أمامي دون أن يودع ، لا أخفي اني أشفقت عليه ولست متحاملاً حينما أقول أنه من حيث لا يعلم أدان نفسه وأكد صدق الاتهامات التي نسبت إليه بملأ إرادته أختار الموقف ، ووجه التهم إلى الصحافة بشكل عام ، مثل هذا الأسلوب مكشوف أكل عليه الدهر وشرب ، والذي يقول الهجوم خير وسلة للدفاع والنفي.
قلت لنفسي كارثة لو أن بقية أعضاء الحكومة بهذا المستوى من الفهم العقيم ؟! من أين يستقي هذا الوزير معلوماته وكيف يتمكن من المشاركة الفاعلة في صناعة قرارات الحكومة المحورية وهو لا يتابع النشاط العام ، وليس له علم بالتحولات الإقليمية والدولية ، الخشية أن يتسرب مثل هذا الكلام إلى كوادر جبهة الإعلام المتصدي للإعلام المعادي ، وهذا بالذات سيثبط الهمم ويخلق حالة من اليأس والإحباط خاصة أن ذلك الإعلام لا يدخر أي جهد ولا يترك أي فرصة إلا واستغلها للقدح وتسويق الدعايات والأكاذيب ، قلت لنفسي إذا كان هذا هو حال الحكومة المسئولة .. فكيف سيكون حال الناس ؟! إلا أن هذه المخاوف تبددت بسرعة عندما قرأت مقال للدكتور عبد العزيز صالح بن حبتور – رئيس حكومة الإنقاذ الوطني فلقد عبر عن رؤية متقدمة وهو يفند الأكاذيب والدعايات الزائفة بالذات ما تروجه الإدارة الأمريكية التي تتحدث عن السلام والتعاطف مع ضحايا حرب الإبادة ، وهي بالمقابل تزود المعتدين بأحدث أسلحة الفتك والدمار وتشرعن لهم القيام بالأعمال الإجرامية كما حدث من قبل وزير الخارجية الأمريكية في شهادة أمام مجلس الشيوخ ، فلقد عرى الدور الحقيقي لهذه الدولة المارقة وإسهاماتها المباشرة في العدوان على اليمن ، وأنها رأس الحربة والمخطط الأول للمعارك والغارات الجوية.
المقال لم يكن الوحيد للدكتور بن حبتور – لكنه أكد أن الرجل على دراية تامة ويطلع ويتابع كل ما يُقال بالذات ما يتعلق باحتياجات المواطن الأساسية في ظل تداعيات الحصار الجائر والحرب الاقتصادية المدمرة على اليمن.
في ذات اللحظة تلقيت اتصال من الأخ الصديق / عبد العزيز ناصر الكميم – وزير التخطيط والتعاون الدولي ناقشني فيه عن أخر مقال نشرته في صحيفة الثورة لم يكن هذا الاتصال الوحيد من الرجل فكثيراً ما يتصل بي وبعدد من الزملاء ليضيف معلومة غفلنا عنها أو يستفسر عن معلومة لم ترد في المقال وهي مكلمة للموضوع نفسه ، وهذا أسلوب راقي يدل على وعي تام ورغبة أكيدة في الاستفادة مما تنشره الصحافة بالذات حينما يتعلق الأمر بتلمس احوال الناس ومعرفة أوضاعهم ، وهذا هو المستوى المأمول والمطلوب من شكل شخص تزل به القدم إلى كرسي الحكومة ، لابد أن يتكامل مع الآخرين ويحرص على تبادل المعلومات الكفيلة بجعله على إطلاع دائم لكل ما يجري من حوله لكي تتكامل الجهود بين الجميع ، لأننا فعلاً اليوم بحاجة إلى يقظة تامة ، فالعدوان شرس ولا يترك أي فرصة ولابد من التفكير والعمل بأفق جماعي ، يجعلنا جميعاً في خندق المواجهة كلاُ من موقعه وبحسب قدراته لكي يكون الجميع في خندق المواجهة الصعبة من أجل دحر الأعداء والانتصار للوطن ، فشكراً للدكتور بن حبتور وشكراً للأخ عبد العزيز الكميم ، أرجو أن يشكلا نموذجين لبقية الوزراء وفي المقدمة الأخ المذكور سابقاً الذي أحتفظ بأسمه لأني أحترمه وأقدره وأرجو أن يكون الكلام الذي صدر منه مجرد هذرمات حتمها الانفعال اللحظي.
أنا معه وأضم صوتي إلى صوته بأن هناك تفلت في مجال الإعلام ويوجد أصوات لها ألسنه حداد شحاح وأقلام بائسة تُتاجر بالكلمة والمهنة كما هو حال أولئك الذين تحولوا إلى أبواق مأجورة للعدوان تسوق الضلال وتتآمر على الوطن مقابل فتات المال المدنس ، إلا أن هذا الأمر لا يعني التعميم وكيل التهم الجزافية للنيل من صاحبة الجلالة وتجاهل الدور الهام الذي يقوم به الكثير من الوطنيين في جبهة الصمود والتصدي ، وأختم كلامي هذا بقول الخالق سبحانه وتعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6) ﴾ صدق الله العظيم .
والله من وراء القصد ..