العلاقة الاميركية – الروسية الى اين؟
اورنيلا سكر
وضع الموقف الروسي الحازم في سوريا الولايات المتحدة الأميركية أمام خيارين إما الانسحاب او الانخراط في حالة من السباق المسلح.
ووفقا لخبراء عسكريين وسياسيين استراتيجيين، هناك قلق اميركي-اسرائيلي اتجاه المعادلة الجديدة التي فرضها المحور الروسي – الإيراني – السوري في سوريا مما يدفعنا الى طرح مسألة اثارة السلاح الكيمائي في دوما والاعتداء الاسرائيلي على مطار التيفور المتزامن مع عملية تحرير منطقة الغوطة، ليست سوى محاولة لجس النبض الروسي كيف سيكون بعد تلك الانتصارات التي تحققها روسيا داخل الميدان السوري.
إن ما يجري تداوله عن تصعيد اوروبي – أميركي ضد روسيا من خلال اثارة قضية الجاسوس الروسي، سيرغي سكريبال أو إثارة قضية استخدام الأسلحة الكيميائية في دوما يهدف الى التغطية على الفشل الذريع لأدواتهم في الحرب السورية.
فقد انتقل الصراع الى صراع اميركي-روسي في سوريا وهذا لا علاقة له مباشرة في سوريا سوى مقاومة قوة روسيا كدولة كبرى ولاسيما بعد ان اعلن بوتين قبل انتخابه ان روسيا اصبحت تملك اسلحة صاروخية لامثيل لها فهذا التصريح ارعب اوروبا مما يفسر ذلك، سبب توحد الغرب وبخاصة بريطانيا، في موضوع تسميم الجاسوس الروسي سكريبال وفتح تحقيقات بشأنه وكذلك وحدتهم في موضوع السلاح الكيميائي في سوريا.
فما يجري اليوم في سوريا لم يعد مقتصرا على ازمة داخلية بل تعدى ليشمل تدخلات خارجية متزاحمة. لقد أصبح الصراع صراعا اميركيا- روسيا على النفوذ العالمي وبخاصة بعد ضم روسيا لجزيرة القرم والدور الذي لعبته في سوريا وتحالفها مع الصين ودعهمها لإيران وعلاقتها بتركيا على خلفية قمة انقرة التي ازّمت علاقتها بحلف الاطلسي.
وبالتالي، ان التطور الاساسي الجديد في المعادلة السورية الراهنة، هو في انتقال المعركة من حيث الاولوية، إلى مواجهة اميركية- روسية التي اخذت تضع العلاقة بين الطرفين على حافةمفصل تاريخي وبخاصة مع اقتراب نهاية الحرب السورية. ويعتبر البعض ان العلاقة الأميركية – الروسية في سوريا شبيهة بالأزمة الكوبية عام 1962 حيث نقل الرئيس غورباتشوف الصواريخ النووية الى كوبا وقد اعتبر الرئيس الاميركي السايق، جون كينيدي ذلك بمثابة تهديد مباشر للامن القومي الاميركي، مما يعني التهديد بحرب نووية بين المعسكرين الشيوعي والغربي أنذاك. وهذا الى حد كبير يجري في الحرب السورية فالاشتباك الروسي الاميركي يأتي في وقت لا يرغب بها الطرفان. ويبقى السؤال، كيف سيتم تجنيب تداعي المواجهة الراهنة بين العملاقين النوويين الى مستوى الاشتباك المسلح.
ان اعتماد الرئيس دونالد ترامب ضربة محدودة في سوريا قد يكون نوعا من التفاهم مع الروس من اجل انقاذ ماء الوجه.
*باحثة متخصصة في الشؤون شرق اوسطية
رأي اليوم