السياسية  – مجيب حفظ الله :-

منذ متى كانت لندن تملك نهجاً خاصاً فيما يتعلق بقضايا الشرق الأوسط.. من أفغانستان إلى العراق الى الخليج فسوريا وليبيا فاليمن يلهث البريطانيون خلف واشنطن كخيطٍ متعلقٍ بالإبرة يسيرون على نفس النهج ويسلكون ذات الدروب ويتآمرون سوياً وينفذون مخططات الصهيونية العالمية خطوةً بخطوة..

من يعتقد أن سياسات البلدين في الشرق الأوسط يمكن أن تتقاطع فإنه كمن يفرق بين أصابع اليد الواحدة ويدعي أن اصبعاً من كفِّه هو من ارتكب ذاك الفعل أو ذاك وأن بقية أصابع يده بريئةٌ من خطاياه..

الحقيقة التي لا يختلف عليها اثنان أن ما تبدأه واشنطن تكمله لندن والعكس بالعكس سواءً كان ذاك على الصعيد السياسي أو العسكري أو الاقتصادي أو الدبلوماسي..

اليوم تدعي لندن بأنها ستخرج من الوصاية الأمريكية فقط لكي لا ينقطع الحبل السرّي عن السعوديين والإماراتيين..

هذه إذن ثاني ملامح لعبة الشرق الأوسط الجديد التي يبدو أنها تنسجم مع توجهات الإدارة الأمريكية ولا تتقاطع معها

يدعي البريطانيون اليوم أن موقفهم في اليمن يختلف قليلاً عن الأمريكان ويرون أن امداد السعودية بالأسلحة هو واجبٌ يجب ان لا يتخلوا عنه ويؤمنون بأن إيقاف صفقات الأسلحة بالنسبة للحليف السعودي هو خطأٌ يجب أن لا ينجروا خلفه..

وفي أحدث تصريحاته لقناة الجزيرة القطرية يقول السفير البريطاني أن لندن تعتقد بأن قرار وقف تسليح السعودية سيكون حلاً غير مناسبٍ في اليمن..

وقبل تفنيد هذا الحديث علينا فقط ان نعلق على الفكرة بحد ذاتها.. إيقاف تسليح القتلة في اليمن حلٌّ غير مناسب من وجهة نظر البريطانيين فما المناسب إذن..

استمرار إمداد القتلة بالأسلحة هو الحل المناسب من وجهة نظركم.. قتل اليمنيين والإغراق في دماءهم هو الحل المناسب وفقاً لرؤاكم..

موقف البريطانيين هذا ليس بالمستغرب فبالأمس القريب عندما زعم الأمريكي إيقاف امداد مقاتلات السعوديين بالوقود في الجو سارعت لندن لتعلن أنها ستغطي العجز الذي سيحدثه الانسحاب الأمريكي على هذا الصعيد ليس هذا فحسب بل كشفت أعرق الصحف البريطانية عن وجود أكثر من ستة آلاف عسكريٍ بريطاني برتبٍ مختلفة يعملون في القواعد الجوية السعودية التي تضرب اليمن ليل نهار..

حديث البريطانيين عن خطيئة إيقاف تسليح القتلة من وجهة نظر لندن لا تنتهي عند هذا الحد بل ان حديث سفيرهم تربط صفقات الأسلحة البريطانية برغبة السعوديين كلما احتاجوا اليها دون الالتفات لمجازر الحرب التي يرتكبها هؤلاء في بلادنا منذ ست سنين..

واستفز اليمنيين قول سفير لندن في اليمن من عاصمة العدوان بأن تصريحاتنا بشأن إمكانية وقف الحرب تحتاج الى اثبات وكأننا من يشن هذه الحرب العدوانية على السعودية والإمارات وليس العكس..

الإثبات الوحيد الذي استطاعت قوى الجيش واللجان الشعبية  أن تمنحه هو عدم استهدافها للمدنيين كما تعمل قوى العدوان فلم يستهدف الجيش واللجان الشعبية مناطق مدنية وكانت أهدافهم  المنشآت العسكرية والإستراتيجية التى لها دور كبير في العدوان على اليمن  وبذلك أكدوا أنهم لن ينحدروا  الى مستوى أعدائهم ..

 

ولأن البريطانيون  يتلاعبون بالألفاظ وكأن دماء الشعوب لعبةٌ يمكن ان يلعبوها.. يقول السفير البريطاني بأن لندن سعيدة بسياسة الإدارة الأمريكية الجديدة في اليمن  وفي ذات الوقت يقول أن بلاده لن تقطع الشريان البريطاني الذي يمد مجرمي الحرب السعوديين بالأسلحة .

تصريحات تدل على أن بريطانيا هي المحرك الخفي لآلة الحرب العدوانية في اليمن فما يقطعه الأمريكان سيصله البريطانيون.. وواهمٌ من ينظر الى واشنطن ولندن على انهما تيارين مختلفين يمكن ان يتقاطعا في قضايا الشرق الأوسط فهل يعقل أن تقرر الإدارة الامريكية الجديدة وضع حدٍّ لهذه الحرب الملعونة فيما يرى البريطانيون أنها يجب أن تستمر..

إنها لعبة البيضة والحجر.. يدٌ تقطع تسليح القتلة ويدٌ توصلها لهم والقبعة واحدةٌ وصهيونيةٌ بامتياز..!