عام 2020 دمّر الإقتصاد السعودي فماذا ينتظره في عام 2021؟!
السياسية :
يعاني الاقتصاد السعودي من خسائر باهظة، خلال الفترة الأخيرة وخصوصاً في عام 2020، وذلك في ظل انخفاض الإيرادات المالية لأسباب متعددة منها انهيار أسعار النفط والإجراءات الاحترازية لفيروس كورونا وتداعياتها على مختلف القطاعات وتوقف موسم الحج.
وتشير العديد من التقارير إلى أن خيارات السعودية محدودة في مواجهة الأزمة المالية التي تعاني منها وكل الحلول المطروحة تتراوح بين السحب من الاحتياطي أو الحصول على مزيد من القروض وهو ما سيؤدي في النهاية إلى تبخر أموال النفط التي جمعتها خلال السنوات الماضية.
احتياطي النقد الأجنبي ينخفض بشدة
انخفضت احتياطيات النقد الأجنبي لدى البنك المركزي السعودي لأقل مستوى منذ عام 2011، وذلك بسبب اضطرار الحكومة إلى السحب منه لسد الفجوة الضخمة الناتجة عن انخفاض الإيرادات المالية التي تعاني منها.
وتواجه السعودية، أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، تحدياً غير مسبوق بسبب تسجيل أسعار النفط مستويات منخفضة تاريخية فيما من المرجح أن تكبح تدابير لاحتواء انتشار فيروس كورونا وتيرة وحجم الإصلاحات الاقتصادية الشاملة التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
ويشير الانخفاض إلى أن المملكة تستخدم احتياطاتها الضخمة لتعويض الضرر الاقتصادي المترتب على انخفاض أسعار النفط والتباطؤ الشديد لكافة القطاعات الاقتصادية غير النفطية بسبب فيروس كورونا.
وحساب الاحتياطي العام للدولة يحوّل إليه ما يتحقق من فائض في إيرادات الميزانية، ولا يجوز السحب منه إلا بمرسوم ملكي في حالات الضرورة القصوى المتعلقة بالمصالح العليا للدولة.
انخفاض أسعار النفط
فقدت أسعار النفط العالمية أكثر من نصف قيمتها في الفترة الأخيرة وذلك بسبب زيادة الإنتاج والعرض وتراجع الطلب عليه بسبب توقف حركة التنقل بسبب فيروس كورونا.
وانعكس انخفاض أسعار النفط على موازنة المملكة السعودية بشكل سريع، حيث أظهرت بيانات لوزارة المالية السعودية حول تراجع الإيرادات النفطية في أول 3 أشهر من عام 2020 على أساس سنوي إلى 34 مليار دولار.
وتعتمد السعودية بنسبة كبيرة في إيراداتها على صادراتها من البترول، باعتبارها أكبر مصدر للنفط في العالم.
كما تأثرت نتائج أعمال الشركات التي تعمل في نفس المجال، وتكبدت شركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) خسارات كبيرة وكذلك انخفضت أرباح وأسعار أسهم شركة آرامكو أيضاً.
خسائر غير مسبوقة
يبدو أن تراجع الإيرادات البترولية دفع بالمملكة لتوقع عجزاً قدره 50 مليار دولار، أو 6.4% من الناتج المحلي الإجمالي خلال عام 2020، وهي زيادة حادة من حوالي 35 مليار دولار في عام 2019.
وتتوقع وزارة المالية السعودية أن يصل العجز إلى 9% من الناتج المحلي الإجمالي ولكن بعض المحللين يتوقعون عجزا 22% عند سعر 30 دولارا لبرميل النفط، وفقًا لتحليل لوكالة رويترز.
أزمة في القطاع الخاص
تأثرت كافة القطاعات الاقتصادية في المملكة جراء الهبوط الكبير الذي حصل نتيجة الركود الاقتصادي أزمة البترول وكورونا، وكان القطاع الخاص أحد المتضررين جراء ذلك.
كما أفادت تقارير إخبارية سعودية عن وقوع انهيار كبير بالقطاع الخاص السعودي ويبدو ذلك بسبب السياسات السعودية المتهورة لولي العهد محمد بن سلمان والتي تسببت بهذه الأزضاع الكارثية وكذلك التخبط على كل الأصعدة السياسية والأمنية والاقتصادية. والملفت للنظر أن خسائر شركات القطاع الخاص في السعودية تأتي بعد تدهور مماثل تعرض له القطاع الاقتصادي الحكومي وفي مقدمته أرامكو التي انخفضت أرباحها 73%.
كما أشارت وكالة “cnbc” الاخبارية الاقتصادية إلى أن شركة المملكة القابضة السعودية سجلت خسارة في الربع الثاني في العام 2020 بقيمة 1.1 مليار ريال سعودي.
كما كشفت الوكالة عن تراجع أرباح دار الأركان للتطوير السعودية بقيمة 86 بالمائة في الربع الثاني من نفس العام.
وحول خسارة شركة جبل عمر السعودية قالت الوكالة إنها تحولت للخسارة بقيمة 465 مليون ريال في الربع الثاني من عام 2020، فضلاً عن خسائر شركة “كيميائيات الميثانول” بقيمة 263 بالمائة في الربع الثاني من عام2020.
انخفاض الناتج الإجمالي المحلي
في أبريل/نيسان تم إطلاق حزمة تحفيز لمواجهة الانهيار الاقتصادي الناتج عن أزمة كورونا، بلغ قيمتها مليار دولار، إلا أن العديد من المحللون والخبراء قالوا أن هذه الخطوة ستؤدي إلى زيادة عجز الميزانية، ليصل العجز إلى 112.5 مليار دولار، وهو ما يمثل 15.7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي السعودي.
كما توقعوا أن يرتفع الدين الحكومي إلى 227.7 مليار دولار خلال عام 2020، أي أقل من ثلث الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، في حين أن التوقعات تدعو إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.2 في المائة.
سوق الأوراق المالية ينهار
السوق السعودي للأوراق المالية تأثر بهذه التغييرات أيضاً، على سبيل المثال، وكالة ” موديز للتصنيف الائتماني خفضت نظرتها المستقبلية لتصنيف السعودية، من مستقرة إلى “سلبية”، بسبب ارتفاع المخاطر المالية في المملكة، ومع ذلك، أبقت وكالة التصنيف الائتماني السيادي للمملكة عند مستوى “A1” مشيرة إلى أن الحكومة السعودية “لا تزال قوية نسبياً، على الرغم من تراجع” الميزانية العامة، ومستوى الدين المتوسط !.
كنتيجة لذلك، يجب أن تعمل المملكة على إجراء تعديلات في الأنظمة المالية وأنظمة الادخار والضرائب، وعليه فإن الأجور من المحتمل أن تنخفض بنسبة 40٪، ما يعني عواقب اقتصادية واجتماعية وسياسية عالية، وبالتالي زيادة في التضخم المالي.
توقف الحج يقضي على المملكة
تم إلغاء موسم الحج في ظل تفشي فيروس كورونا المستجد في جميع أنحاء العالم، وهذا الأمر سبب خسائر كبيرة لقطاع السياحة في المملكة السعودية وكانت بمثابة ضربة قوية للاقتصاد السعودي، ففي شهر مارس/آذار الماضي أعلنت الحكومة السعودية اعتزامها خفض الإنفاق إلى أكثر من 13 مليار دولار في قطاعات على غرار السياحة والترفيه، والتي تمثل جوهر خطة ولي العهد محمد بن سلمان لتنويع الاقتصاد السعودي والحد من اعتماده على النفط.
وفي مايو/أيار الماضي، ضاعفت المملكة من الضريبة على القيمة المضافة ثلاث مرات لتبلغ 15%، في حين قطعت بدل غلاء المعيشة عن الموظفين الحكوميين.
ووفقا للبيانات الحكومية، تساهم السياحة الدينية بنحو 20% من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للمملكة، ومن المتوقع أن يؤدي تقليص عدد الحجاج إلى تدمير اقتصاد مكة والمدينة، الذي عادة ما يتضاعف حجمه مع تدفق الحجاج خلال موسم الحج، ووفقا للغرفة التجارية المحلية، يرتكز ما بين 25% و30% من اقتصاد القطاع الخاص في مكة حول الحج.
استياء شعبي من سياسات التقشف
تسببت بالفعل زيادة أسعار البنزين والكهرباء والمياه وإدخال ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5 في المائة في أوائل عام 2018 في موجات استياء عالية بين المواطنين السعوديين، على إثرها تم اعتقال العديد من المعارضين، وخلال عام 2020، ازدادت المخاطر التي كان على المملكة أن تتحملها خاصة وأن الشركات القوية في البلاد خفضت استثماراتها.
عام 2021 و رؤية 2030 في مهب الريح!
يبدو أن ألمور دفعت بالمملكة إلى إيقاف “رؤية 2030” في البلاد، لأنه وفق الظروف والمعطيات الحالية لا تستطيع الدولة الاستمرار في برامج إعادة البناء والهيكلة التي وضعها محمد بن سلمان، والتي تبلغ قيمة تكلفتها مئات المليارات من الدولارات.
ويبدو من المفارقات أن أحد جوانب المشروع هو جعل البلاد أقل اعتمادًا على دورة أسعار النفط.
المشاكل الاقتصادية الراهنة خلقت مشكلة أخرى أمام الأمير محمد بن سلمان، وهي مشكلة جيوسياسية، قد تجبر الرياض إلى إنهاء الصراعات الباهظة الثمن مثل الحرب في اليمن المجاورة، والتي لم تحقق فيها السعودية أي انتصار يُذكر منذ اشتراكها فيها قبل سنوات.
علاوة على ذلك، تراجع الأرباح لكبرى الشركات السعودية، ومغادرة كثير من الشركات ورجال الأعمال الذين كانوا في المملكة، يؤكدان أن السياسات التي تنتهجها المملكة “كارثية”، وربما لن تتضح الآن نتائج هذه السياسات، لكن خلال الأعوام القادمة سيُصدَم المواطنون السعوديون مما سيرونه من تدهور في الاقتصاد، بسبب مغامرة المراهق بن سلمان.
كما أن المتمعن للوضع الاقتصادي في السعودية والتقشف الذي نال من المواطن، يرى إلى أين وصل اقتصاد السعودية، و تراجع أرباح معظم الشركات السعودية خير دليل على أن هناك خللاً كبيراً في اقتصاد المملكة، الآيل للسقوط وستنعكس آثاره بشكل كبير على المواطن السعودي.
* المصدر : الوقت التحليلي
* المادة التحليلية تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع