أمريكا .. ما بعد ترامب ليس كما قبله
المحرر السياسي
أمريكا مابعد ترامب ليست كما قبله، حقيقة أصبحت أمراً واقعاً في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية التي أذاقت العالم، المر والألم.. تاريخها مكلل بالعار والظلم وجرائمها شاهد عيان على ما أحدثته من دمار وقتل في العديد من أمم الأرض.
ظلت الولايات المتحدة لعقود من الزمن تكبر وتتوسع على حساب العديد من شعوب العالم، تغزو بالقوة المسلحة شعوب الأرض الواحد تلو الآخر، وتنهب خيراتها وثرواتها وتستغل مواقعها المتميزة لصالحها، حتى حلفائها المقربين في أوروبا وحلف شمال الأطلسي لم يسلموا من أذيتها وابتزازها تحت وهم الحماية من الخطر السوفيتي سابقاً والروسي حالياً.
هذه هي الولايات المتحدة الأمريكية، الدولة الغريبة التي إذا صادقتها فرضت عليك التزامات تفوق قدراتك وإمكانياتك وإذا عاديتها ألبّت عليك العالم حتى يتم تدميرك.. شكلت بعبع مخيف للعالم كله لا يهمها سوى مصالحها.. لا تعمل اعتبار للشعوب والأمم وتاريخها وثرواتها وعاداتها وتقاليدها، ولا تتعامل مع الإنسانية ومبادئها وقيمها السامية.
على ضوء ذلك بدأ العالم يتنفس الصعداء مع قيادة ترامب لهذه الدولة الشريرة التي كشف حقيقتها.. حيث وقف العالم مبهوراً وهو يتابع تدمير أمريكا من داخلها وعلى يد رئيسها الذي رفض التسليم بهزيمته في الانتخابات الرئاسية التي جرت مؤخراً وما سببه ذلك من تداعيات أدى إلى حدوث شرخ كبير في المجتمع الأمريكي.
وقف العالم يتابع ويتشفّى بما حصل في أمريكا من أحداث كانت ذروة ذلك اقتحام الكابتول هيل كسابقة خطيرة في التاريخ السياسي الأمريكي وما سبق وتبع ذلك من كشف لحقيقة وزيف الديمقراطية الأمريكية، وما ستخلفه تلك الأحداث من تداعيات أكثر خطورة على أمريكا ونظامها السياسي مستقبلاً.
إن ما حصل في الولايات المتحدة الأمريكية شيء خطير وما سيحصل سيكون بالتأكيد أكثر خطورة وما على دول العالم إلا متابعة الانهيار الأمريكي القادم وتجزئة هذه الدولة إلى ولايات وهو الأمر الذي بات يلوح في الأفق.
لقد انقلب السحر على الساحر، وجاء الدور اليوم على أمريكا بعد ما جرّعت دول العالم مرارة الفتن والانقلابات والاغتيالات وانتهاك السيادة وفرض الهيمنة والوصاية والتدخل في شؤونها الداخلية، ولعل أكثر شعوب الأرض تضرراً من ألاعيبها هي الشعوب العربية.
فما عملته الولايات المتحدة الأمريكية بفلسطين وسوريا واليمن والعراق ولبنان وليبيا وغيرها من الدول العربية، ما يزال ماثلاً للعيان وشاهداً على جرم أمريكا وسياستها القذرة.
فصول تعيش الأمة مأساتها أولا بأول، وأبرزها تدخل أمريكا في اليمن ودعمها للتحالف السعودي والإماراتي لوجستياً ومدّه بالسلاح الأمريكي الذي قتل عشرات الآلاف من اليمنيين ودمر البنية التحتية ومقدرات الشعب اليمني، ما يؤكد أن أمريكا خلفت مآس إنسانية في اليمن وغيرها من الدول العربية، ستشكل وصمة عار في التاريخ الأمريكي.