بقلم: لوك ماتيو

(صحيفة ” ليبراسيون- Libération” الفرنسية- ترجمة:أسماء بجاش, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)

إن القرار الذي أعلنه وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو سوف يُعقد أو حتى قد يمنع عمليات إيصال المساعدات الإنسانية الدولية إلى البلد الذي يعاني من أسوأ أزمة إنسانية وصحية مأساوية في العالم.

يعتبر هذا القرار أحد القرارات الأخيرة التي تتخذها إدارة الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب والذي استهدف واحدة من أفقر دول العالم: اليمن، البلد الذي يعيش في خضم حرباً من أكثر من خمس سنوات.

في 19 يناير، عشية تسليم السلطة للرئيس الجديد المنتخب جو بايدن، سوف يتم تُصنيف حركة الحوثيين التي تمكنت من بسط سيطرتها على المناطق الشمالية للبلد بما في ذلك العاصمة صنعاء أواخر سبتمبر من العام 2014، بأنها حركة إرهابية.

كما سيتم إدراج ثلاثة من قادة الجماعة، بمن فيهم زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي، على القائمة بشكل فردي.

وفي المقابل, لقي هذا القرار انتقاده لاذعة وشديدة بالإجماع من قبل المنظمات غير الحكومية والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.

ومن جانبه, قال المتحدث باسم رئيس الدبلوماسية الأوروبية، جوزيب بوريل: “إن الاتحاد الأوروبي يشعر بالقلق البالغ والشديد بشكل خاص إزاء تأثير هذا القرار على الوضع الإنساني في اليمن، الذي يصارع في الوقت الحالي خطر الوقوع في شرك المجاعة على نطاق واسع, حيث وقد جعل هذا القرار جهود الأمم المتحدة الرامية  للتوصل إلى حل شامل للصراع في اليمن أكثر صعوبة”.

كما قالت منظمة “كير- “Car غير الحكومية إنها “تشعر بقلق بالغ إزاء العواقب المدمرة التي قد يتحملها الملايين من البشر المحتاجين بشدة إلى المساعدات الإنسانية بشكلٍ عاجل”.

وهذا الموقف تتشارك فيه العديد من المنظمات غير الحكومية مثل  العمل ضد الجوع ولجنة الإنقاذ الدولية.

إن تصنيف جماعة الحوثي كمنظمة إرهابية من شأنه أن يعقد عمل المنظمات الإنسانية، إن لم يكن يمنعها.

وإذا لم يكن لديها إعفاءات تحميهم من الملاحقة القضائية، فلن يتمكنوا بعد الآن من دفع رواتب موظفيها المحليين.

كما استنكرت منظمة العمل ضد الجوع في بيانها الصادر: “إن القيود المالية والقانونية والبيروقراطية الناجمة عن هذا التصنيف سوف يتسبب في رفض العديد من الشركات والمؤسسات في القطاع المصرفي الدولي، العمل في اليمن والتعاون مع الجهات الإنسانية الفاعلة”.

كما أن هذا القرار سوف يحد من إمكانية استيراد الأغذية والأدوية، في حين أن اليمن يعتمد بشكل كبير على عملية استيراد إمداداتها من السلع الأساسية من خارج البلد.

صراع يفتقر لنتائج عسكرية ملموسة:

تصاعد رحى الحرب الدائرة في اليمن منذ أواخر مارس 2015, وذلك عندما أعلنت المملكة العربية السعودية تشكيل تحالفاً عربي عسكرياً مع الإمارات العربية المتحدة والعديد من الممالك الخليجية السنية لمنع الحوثيين الذين تمكنوا من بسط سيطرتهم على المناطق الشمالية للبلد من التقدم.

فمن جهة, فقد نجحت قوات التحالف العربي في منع القوات الموالية للحركة الحوثية  من السيطرة على  مدينة عدن، المدينة الكبرى في الجنوب، ولكنها فشلت من جهة أخرى في طردهم من العاصمة صنعاء.

والنتيجة أصبحت البلد اليوم مجزأة, في حين تجمدت العمليات العسكرية  حول خطوط أمامية.

لقد تسبب الصراع الذي لم يتمكن من إيجاد حل عسكري، في وقوع البلد في شرك أسوأ كارثة إنسانية هائلة وفقاً للتقارير الصادرة عن الأمم المتحدة.

ففي شهر نوفمبر, قال مارك لوكوك وكيل وزارة الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة: “إن اليمنيين ليسوا جياع، بل فهم يتضورون جوعاً”, حيث يعتمد اليوم  أكثر من 80% من إجمالي عدد سكان البالغ عددهم 30 مليون نسمة على المساعدات للبقاء على قيد الحياة.

فالبنية الأساسية الطبية غير كافية إلى حد كبير, كما لا يستطيع أغلب اليمنيين من الوصول إلى هناك على أية حال بسبب الافتقار إلى وسائل النقل.

وفي مواجهة هذه الكارثة، التي تضخمت بفعل تفشي وباء كوفيد-19، فإن المساعدات الدولية أصبحت في طريقها إلى النضوب.

ووفقاً لمسؤولين في الأمم المتحدة, فقد تم خفض أو إغلاق ما لا يقل عن 15 برنامج من أصل 41 من البرامج الرئيسية التابعة للأمم المتحدة، ومن الممكن أن يتم إغلاق تلك البرامج المتبقية في الأشهر المقبلة إذا لم يتم تلقي المزيد من الأموال.

كما أن المساعدات الإنسانية تواجه العديد من عراقيل من قبل حكومة الحوثيين، حيث عرقلت نحو 100 مشروع.

في مواجهة أسوأ سياسة للإدارة الأمريكية بقيادة وزير الخارجية مايك بومبيو الذي يستغل الأيام الأخيرة لإدارته لزيادة العقوبات المفروضة ضد النظام الإيراني، الداعم السياسي للحوثيين، دعت عدة دول أوروبية من بينها فرنسا والمملكة المتحدة,  الولايات المتحدة إلى ضرورة إعادة النظر في موقفها.

وقال شخص مطلع على الأمر: “الإدارة على علم بالمشكلة، ولكنها لا تستطيع معارضة قرار بومبيو”.

هناك أملان فقط من أجل التوصل إلى حل لهذا المشكلة, الأول يكمن في عرقلة قرار الكونغرس لهذا القرار وهو أمر يبدو غير مرجح.

والثاني يكمن في إبطاله من قبل أنتوني بلينكين، وزير خارجية بايدن المستقبلي, وإلا ستكون الكارثة قد حلت على اليمن”.

* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع.