كيف يمكن لتصنيف الحوثيين كإرهابيين من قبل الولايات المتحدة أن يطيل الحرب
إذا ضغطت إدارة بايدن من أجل حل سياسي في اليمن، فإن هذا التصنيف سيشكل عقبة أمام الحل السلمي في اليمن.
بقلم: عبد العزيز الكيلاني(موقع “ميدل إيس آي” البريطاني- ترجمة: نجاة نور، الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)
يهدف قرار الولايات المتحدة بتصنيف الحوثيين في اليمن كمنظمة إرهابية أجنبية إلى تحميل الجماعة “المسؤولية عن أعمالها الإرهابية، بما في ذلك الهجمات عبر الحدود التي تهدد السكان المدنيين والبنية التحتية والشحن التجاري”، وذلك وفقاً لوزير الخارجية مايك بومبيو.
وأضاف بومبيو في بيان هذا الأسبوع: “يهدف التصنيفات أيضا إلى تعزيز الجهود لتحقيق يمن مسالم، موحد وذو سيادة، خالٍ من التدخل الإيراني وفي سلام مع جيرانه”.
لا يمكن إحراز تقدم في معالجة عدم الاستقرار في اليمن إلا عندما تتم محاسبة المسؤولين عن عرقلة السلام على أفعالهم, ومع ذلك، فإن سلبيات تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية تفوق أي إيجابيات محتملة.
في اليمن، لا يملك أكثر من مليوني طفل دون سن الخامسة ما يكفي من الطعام ويحتاج أكثر من 24 مليون شخص إلى المساعدات الإنسانية، وبهذا ستجعل الخطوة الأمريكية مهام وكالات الإغاثة في اليمن أكثر صعوبة.
قال مايكل بيج، نائب مدير قسم الشرق الأوسط في منظمة هيومن رايتس ووتش لموقع ” ميدل ايست آي” :يواجه المدنيون اليمنيون بالفعل تهديدات وجودية على بقائهم أحياء، بما في ذلك خطر المجاعة الذي يلوح في الأفق, حيث أن تصنيف إدارة ترامب الساخر للحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية في اللحظة الأخيرة سيضيف ببساطة عبئا آخر على المدنيين اليمنيين الذين يحاولون البقاء على قيد الحياة، وقد تجبر مجموعات الإغاثة الإنسانية على تقييد أو إنهاء تقديم المساعدات الضرورية التي يعتمد عليها ملايين اليمنيين في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، حيث يعيش الجزء الأكبر من سكان البلد”.
وبالتالي، يبدو أن الخطوة الأمريكية لن تفيد المواطن اليمني كثيراً, وبدلا من ذلك، من المرجح أن يكون المواطنون هم الضحايا الرئيسيون.
تعتبر إدارة ترامب الحوثيون وكلاء لإيران، ويأتي هذا التصنيف كجزء من حملة “الضغط الأقصى” التي يشنها البيت الأبيض ضد إيران وحلفائها, ولكن حتى وجهة النظر هذه ليست دقيقة.
في عام 1992، تم تأسيس مجموعة تسمى “الشباب المؤمن” من قبل الزعماء الدينيين الزيديين في محافظة صعدة الشمالية.
وفي حين أن الزيديين ينتمون إلى التيار الشيعي من الإسلام، إلا أنهم يعتبرون الأقرب من جميع الفصائل الشيعية إلى السنة، ويختلفون عن الطائفة الإثنا عشرية، الفرع الذي ينتمي إليه معظم الإيرانيين.
كان هدف حركة الشباب المؤمن إحياء الزيدية بين الشباب اليمني, وفي أواخر التسعينيات، عمل حسين بدر الدين الحوثي، شقيق الزعيم الحالي للحوثيين على تحويل الحركة من الدينية إلى السياسة, بيد أن الحرب اندلعت بين الحوثيين وحكومة الرئيس صالح التي تمكنت من قتله, وذلك في العام 2004.
في عام 2011، ورد أن الجماعة تبنت اسمها الرسمي، أنصار الله لأول مرة, وفي سبتمبر 2014, بعد عدة سنوات من اندلاع الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس السابق علي عبد الله صالح، استولى الحوثيون على صنعاء، وأجبروا الرئيس عبد ربه منصور هادي على الفرار الى محافظة عدن.
تضخيم نفوذ إيران:
منذ الاستيلاء على صنعاء، تم تصوير الحوثيين بشكل متزايد على أنهم “مدعومون من قبل إيران”.
ومع ذلك، في حين كثفت طهران المساعدة العسكرية للحوثيين بعد اندلاع حربها المستمرة منذ ست سنوات، فإن إيران لا تسيطر على عملية صنع القرار داخل الجماعة.
غالباً ما يتم تضخيم نفوذ إيران في اليمن, كما قال توماس جونو، محلل الشؤون الدولية: “كانت استثمارات إيران في اليمن محدودة؛ لذلك لم يكن لها سوى تأثير محدود, وما لم تقدم إدارة ترامب أدلة على أن الحوثيون وكلاء ايران بشكل مباشر، فلا ينبغي وصف العلاقة بهذه الطريقة”.
كانت الحكومة اليمنية قد رحبت بالخطوة الأمريكية، مشيرة في بيان لها: “أن الحوثيين يستحقون تصنيفهم كمنظمة إرهابية أجنبية ليس فقط لأعمالهم الإرهابية، ولكن لجهودهم الدائمة لإطالة أمد الصراع والتسبب في أسوأ كارثة إنسانية في العالم”.
في غضون ذلك، قال محمد البخيتي، عضو المكتب السياسي للحوثيين، للموقع : “هذه الخطوة ليست في مصلحة أمريكا لأنها ستعزل أمريكا عن لعب أي دور سياسي في المستقبل، سواء في اليمن أو في المنطقة.
أصبح اليمن قوة إقليمية …اعتدنا كشعب يمني على تحويل التحديات إلى فرص، حيث خرجت اليمن أقوى بسبب هذا العدوان وهذا الحصار,
وفي المقابل, لم تحقق أمريكا هدفها في استبعاد اليمن، خاصة وأن اليمن استطاع أن يعدل كفة الميزان لمصلحته وعلى حساب قوى العدوان”.
دور السعودية:
لا شك أن الحوثيين يشاركون المسؤولية عن الأزمة التي يعيشها اليمن اليوم, ومع ذلك، فإن هذا لا يجعلهم بالضرورة إرهابيين، ولا يعني أنهم الطرف الوحيد الذي يتقاسم هذه المسؤولية.
تسببت حرب اليمن في مقتل أكثر من 100 ألف شخص، بينهم أكثر من 12 ألف مدني.
كان التحالف بقيادة السعودية، والذي بدء عملياته العسكرية في مارس 2015، مسؤول عن ثلثي هذه الوفيات.
وبالتالي، فإن إدانة إدارة ترامب للطرف المسؤول عن نسبة أقل من عدد القتلى – مع تقديم الدعم غير المشروط للمملكة العربية السعودية – هو نفاق في ابشع صوره.
قال نبيل خوري، النائب السابق لرئيس البعثة في السفارة الأمريكية في صنعاء، للموقع “هذا القرار الصادر عن إدارة منتهية ولايتها لا معنى له من وجهة نظر سياسية أو أخلاقية أو أمنية وطنية”.
سينطبق هذا التصنيف على جميع الأطراف المتورطة في الحرب في اليمن، لأنهم جميعاً مدينون على الأرجح بارتكاب جرائم حرب، أو أنه لن ينطبق على الإطلاق”.
اعتبار الحوثيين إرهابيين سيكون ساري المفعول بدأً من 19 يناير، اليوم السابق لتنصيب الرئيس المنتخب جو بايدن, وإذا ضغطت إدارة بايدن من أجل حل سياسي في اليمن، فمن المرجح أن هذا التصنيف سيشكل عقبة.
وأضاف خوري:”سياسياً، إذا كنت تريد السلام في اليمن فإن الحوثيين لاعبون مهمون في هذه الحرب, لذا يجب أن تكون قادراً على التفاوض معهم”.
لذلك، فإن تصنيفهم كإرهابيين سيعقد الأمور بالنسبة لإدارة بايدن، التي تنوي محاولة إنهاء الحرب.
والحوثيون أنفسهم سيكونون أقل ميلاً للتحدث إلى الدبلوماسيين الأمريكيين إذا تم تصنيفهم رسمياً كإرهابيين, وستكون مبادرة السلام الأمريكية الآن اقتراحاً أكثر صعوبة مما كان عليه قبل التصنيف”.
مزيد من الانقسام:
قد تتأثر جهود السلام التي تقودها الأمم المتحدة سلباً أيضاً بالخطوة الأمريكية, حيث أشار المتحدث ستيفان دوجاريك إلى إن الأمم المتحدة “قلقة من أن التصنيف قد يكون له تأثير ضار على الجهود المبذولة لاستئناف العملية السياسية في اليمن، فضلا عن المزيد من الانقسام لمواقف أطراف النزاع”.
ولكي تنجح عملية السلام في اليمن، لا ينبغي استبعاد أي طرف من الحوار, خاصة الحوثيين، الذين يشكلون عاملاً مهماً في المعادلة.
لم يتضح بعد ما إذا كان التحالف الذي تقوده السعودية سيستفيد من التصنيف الأمريكي لإطالة أمد حملته العسكرية في اليمن أو توسيعها، الأمر الذي قد يدفع الأطراف المتحاربة بعيداً عن أي حل سياسي.
* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.