بقلم: بيير غونسولين

(موقع “بوختاي دو إيل –  “Portail de l’IEالفرنسي- ترجمة: أسماء بجاش, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)

وصل الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر إلى المملكة العربية السعودية يوم الثلاثاء، 5 يناير الجاري لحضور وقائع قمة مجلس التعاون الخليجي التي استضافتها مدينة العُلاء بالمدينة المنورة.

وقبل ذلك، أعلنت دولة الكويت في 4 يناير أن الرياض سوف تعيد  فتح حدودها الجوية والبرية مع قطر, وذلك بعد مرور أكثر من 3 سنوات على القطيعة التي عصفت بالبيت الخليجي.

وفي نفس الوقت لا تزال حرب النفوذ المستعرة لعزل النظام الإيراني مستمرة, فمنذ يونيو 2017، تعرض النظام القطري لحصار جوي وبحري وبري من قبل جيرانه العرب وبعض شركائها في مجلس التعاون الخليجي.

والواقع أن كلاً من السعودية ومصر والبحرين واليمن قد عملت على قطع علاقاتها مع الإمارة القطرية الغنية، وذلك تحت تأثير مباشر من دولة الإمارات العربية المتحدة.

إذ اتهمت هذه الدول النظام القطري على وجه الخصوص بتمويل الإرهاب من خلال دعمه للمنظمات القريبة من جماعة الإخوان المسلمين, كما لم ترق له علاقاته مع النظام الإيراني، وكلاهما ينظر اليهما أعداء الولايات المتحدة الأمريكية.

صحيح أن دولة قطر تتشارك مع إيران في أكبر حقل للغاز في العالم، وبهذا فهي تحافظ على العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع نظام الملالي.

وفضلاً عن ذلك فإن كلاً من النظام في الدوحة وطهران يتشاركان في دعم ملف القضية الفلسطينية أيضاً.

وأخيراً في يناير من العام المنصرم، وبعد حادثة إسقاط طائرة الركاب التابعة للخطوط الجوية الأوكرانية الدولية التي كانت متجهة من طهران إلى كييف, والتي اسقطها الحرس الثوري الإيراني عن طريق الخطأ, وذلك بعد وقت قصير من إقلاعها من مطار الإمام الخميني الدولي في طهران, سافر أمير قطر شخصياً إلى إيران لتخفيف التوترات مع المجتمع الدولي.

كان الحصار الذي فرضته دول الجوار يهدف إلى إضعاف الاقتصاد القطري وعزل البلد عن كل أنصاره.

ورغم أن أغلب الواردات من السلع والخدمات تأتي من دبي، إلا أن الدوحة  اضطرت إلى التكيف بسرعة مع سلسلة إمداداتها من خلال شراء المزارع في أستراليا، واستيراد أكثر من 14 ألف بقرة, كما عملت على تنويع علاقاتها مع أوروبا وآسيا.

وفي نهاية المطاف, عمل الحصار على عكس ما كان مخطط له, حيث تمكنت قطر من تعزيز اقتصادها, كما سماح لها بتنمية قدر أكبر من المرونة والقدرة على المقاومة.

ومع تحسن موقفها الدولي، ظلت جاراتها تحاول لعدة أشهر الخروج من هذا الموقف من أجل إعادة القوة القطرية إلى الحظيرة الأميركية والعربية.

وعلاوة على ذلك، فقد أشارت العديد من دلائل في الاشهر الاخيرة إلى أن الحالة في منطقة  الشرق الأوسط قد هدأت.

وقعت إسرائيل والإمارات تحت قيادة إدارة الرئيس ترامب، على اتفاقيات تطبيع العلاقات الثنائية بينهما في منتصف سبتمبر 2020.

والهدف المعلن هنا يتلخص في تطويق إيران، حتى في الوقت الذي لا تزال فيه البلد تتمتع بعلاقات اقتصادية هامة مع جيرانها.

ومن جانبها, تسعى واشنطن لعزل النظام الإيراني على الساحة الدولية وفي المقابل، خططت كل من إيران وقطر لزيادة إنتاجها من الغاز.

فقد عمل النظام القطري على توسيع نشاطه, حيث وقع اتفاقية للغاز مع الصين، كما عمل ايضاً على توسيع مشروع حقل الشمال، والذي يهدف إلى الحفاظ على الإمارة كأول منتج للغاز المسال في العالم.

وفي هذا السياق، أصبحت شركة توتال، بعد انسحابها من مشروع حقل الجنوب “ساوث بارس” في إيران، شريكاً لشركة قطر للبترول في تطوير وديعة حقل الشمال، كما دخلت شركة إكسون موبيل الأميركية في شراكة مع قطر للبترول لتطوير حقل الشمال، الذي يعد أكبر حقل للغاز غير المصاحب في العالم.

إن عودة العلاقات إلى سابق عهدها بين دول مجلس التعاون الخليجي وقطر لابد لها أن تسمح بتوازن جديد للقوى في مواجهة إيران مع ظهور محور طهران- بكين.

وعلى الرغم من هذا التقارب مع جيرانها في دول الخليج، فإن قطر تعمل على التعجيل بعلاقاتها الاقتصادية مع الصين، حتى في الوقت الذي تستضيف فيه قاعدة العديد الأمريكية والتي تعتبر أكبر قاعدة عسكرية تابعة للقوات الأميركية في منطقة الشرق الأوسط.

إن وصول الإدارة الأمريكية الجديدة في ظل قيادة بايدن إلى البيت الابيض والتي أعلنت بالفعل أنها تريد أن تكون أكثر مرونة من سابقتها في ما يختص بالملف الإيراني، من شأنه أن يسمح بالتهدئة  وتخفيف التوترات في منطقة الخليج الفارسي.

* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.