بقلم: بوني كريستيان

(صحيفة “The Hill- ذا هيل” الأمريكية – ترجمة: انيسة معيض, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)

شن الرئيس الأمريكي ترامب حملته الانتخابية ضد هيلاري كلينتون وجو بايدن، لكنه غالباً ما بدا وكأنه يحكم ضد الرئيس السابق باراك أوباما.

حيث كان يروج للاختلافات بين الإدارتين بعد فترة طويلة من رحيل أوباما, ويلقي باللوم على سجل أوباما السابق في المشاكل الحالية (بما في ذلك بعض المشاكل التي من المستحيل ترتيبها زمنياً ليكن المتسبب بها أوباما).

ومع ذلك، هناك نقطة واحدة، على الأقل، لم يحجم  ترامب عنها للتخلص من إرث أوباما فحسب، بل رسخها أكثر: وهي تورط الولايات المتحدة في الحرب الأهلية في اليمن.

بدأت هذه الحرب في أواخر عام 2014 بين الحوثيين اليمنيين المرتبطين بإيران والحكومة المعترف بها دولياً في صنعاء.

تدخل التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات بعد عدة أشهر ويُنظر إلى الحرب الآن على نطاق واسع على أنها معركة بالوكالة بين المملكة العربية السعودية وإيران, وقد دعمت الولايات المتحدة التحالف منذ البداية.

لم تطلب إدارة أوباما أبداً موافقة الكونجرس على هذا التدخل، مما يجعل المشروع بأكمله غير قانوني بموجب الدستور وقانون سلطات الحرب لعام 1973.

كما لم يقدم فريق أوباما الحجة التي تبين أن المصالح الحيوية للولايات المتحدة كانت على المحك.

بل على العكس من ذلك، كما كشف الجنرال لويد أوستن أمام الكونغرس في أوائل عام 2015.

لا يبدو أن الإدارة لديها أجندة واضحة في اليمن تتجاوز الدعم للرياض, وقال أوستن كذالك، الذي تم ترشيحه الآن لمنصب وزير الدفاع من قبل الرئيس المنتخب جو بايدن “لا أعرف حالياً الأهداف والغايات المحددة للحملة السعودية ويجب أن أعرف ذلك حتى أتمكن من تقييم احتمالية النجاح”.

تعليقات أوستن منطقية بالنظر إلى الواقع الآن، كما كان الحال آنذاك، أن الدفاع الأمريكي لا يتطلب هذا التعقيد.

بلدنا ليس لديه مصالح كبيرة على المحك هنا, ومن يحكم اليمن لن يؤثر علينا كثيراً أو لن يؤثر علينا على الإطلاق: إنه بلد فقير جداً وصغير على بعد منتصف العالم، والحوثيين لديهم طموحات محلية.

على عكس اقتراح غير حكيم تدرسه إدارة ترامب حالياً يقضي بإدراجهم منظمة إرهابية أجنبية، فإن الحوثيين ليسوا إرهابيين دوليين على غرار القاعدة.

وسواء كانت الغلبة في النهاية لهم أم للحكومة المعترف بها فلا يعد ذا اهمية كبيرة للأمن الأمريكي.

وبقدر ما أدى الدعم الأمريكي إلى تمكين حملة التحالف وإطالة أمدها، فإن قيامنا بذلك قلل من الإصرار على مفاوضات السلام، و تدخلنا في حد ذاته يضر بأمن الولايات المتحدة.

كما ادى ذلك إلى نشاط فرع تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية وتعد جماعة إرهابية دولية، وذلك في ظل فراغ السلطة الناتج عن الصراع الأهلي.

وفي الوقت نفسه، فإن الأسلحة الأمريكية التي زودنا بها شركاؤنا في اليمن لم تبقى مقتصرةً في أيدي المتلقين المقصودين, صارت أبعد من ذلك.

فمن خلال الخسائر وعقد الصفقات من قبل القوات السعودية والإماراتية، قامت واشنطن بتسليح القاعدة في جزيرة العرب وأعداء آخرين للولايات المتحدة في اليمن.

هذه ليست النتيجة الوحيدة غير المقصودة لدور الولايات المتحدة هنا, بل مساهمة التحالف في الأزمة الإنسانية في اليمن والتي تعتبر الأسوأ على هذا الكوكب منذ عدة سنوات، إنها ازمة كبيرة وسيكون من المستحيل أن تكون على هذا المستوى والمدة دون التسهيل الأمريكي.

لقد كانت القوات التي تقودها السعودية والإمارات تتجاهل باستمرار الحياة المدنية في هجماتها.

لقد اسفر القصف عن خلق ظروف المجاعة وذلك بحصار بحري وجوي أدى إلى تجويع هذا الشعب المعزول الذي يعتمد بشكل كبير على الواردات في غذائه.

كما تم استبعاد الإمدادات الطبية التي تمس الحاجة إليها، مما أدى إلى إجهاد النظام الطبي المثقل بالفعل بسبب إصابات الحرب ووباء الكوليرا الذي تفاقم بسبب تدمير التحالف لمحطات معالجة المياه.

ساعدت واشنطن في كل ذلك، بتزويد الطائرات السعودية بالوقود في الجو في الأيام الأولى حتى يتمكنوا من شن المزيد من الضربات في الطلعة الواحدة.

وشن غارات جوية بإرشاد منا والمساعدة في فرض الحصار، وتقديم المعلومات الاستخباراتية والإمدادات المستمرة من الأسلحة: القنابل والأسلحة الصغيرة والذخيرة والمركبات وغيرها.

تم استخدام قنبلة أمريكية في تفجير حافلة مدرسية, كما أصابت القنابل الأمريكية التي أطلقتها قوات التحالف سلسلة مستمرة من الأهداف المدنية بما في ذلك حفلات الزفاف والجنائز والأسواق والمدارس والمنازل وغير ذلك.

لقد وصفت كل هذا دون تحديد التواريخ لأنه بصرف النظر عن إعادة التزود بالوقود في الجو التي أسقطت إدارة ترامب وسط ضجة شعبية بسبب قصف الحافلة المدرسية, كانت هي نفسها خلال إدارتي أوباما وترامب.

في اليمن، واصل ترامب العمل من حيث توقف أوباما وحافظ بأغلبية ساحقة على الوضع الراهن طوال فترة ولايته.

حتى أنه حارب الكونغرس للحفاظ عليه، وأصدر نصف حقه في النقض (الفيتو) لمواصلة دعم التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات على اعتراض الكونجرس من الحزبين.

مع اقتراب فترة ولاية ترامب من نهايتها، يغادر اليمن  كما تركها أوباما الى حد كبير, بمعنى سياسي.

وبالمعنى الإنساني، أصبح اليمن الآن أسوأ بكثير مما كان عليه قبل أربع سنوات، ويعانى أربع سنوات أخرى من المرض الوبائي (بما في ذلك الآن COVID-19) والمجاعة والحصار والعنف.

لقد فشل ترامب في اليمن تماماً كما فشل أوباما، من خلال دعمه غير المبرر وغير القانوني للتدخل الذي يلحق ضرراً بالغاً بالمدنيين الأبرياء ولا يفيد ذلك بشيء الولايات المتحدة.

*بوني كريستيان: زميله في “Defense Prioritie”s ومحررة مساهمة في صحيفة “The Week” وكاتبة عمود في Christianity Today””.

نشرت كتاباتها أيضاً في CNN /NBC /USA Today /Los Angeles Times / Defense One  وغيرها من الوسائل الأخرى.

* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.