الولايات المتحدة واليمن: هل سينهي بايدن الكابوس؟
بقلم: إيف أوتينبيرج*
(صحيفة “كونتربنش -CounterPunch” الأمريكية- ترجمة: انيسة معيض, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)
لقد قطع بايدن الكثير من الوعود التي يجب أن يفي بها. أو لا يفي بها، إذا كان يريد أن يتبع تقليد رئاسي عفى عليه الزمن.
من بين تلك الأمور التي يجب الالتزام بها إنهاء الدعم الأمريكي للمذبحة في اليمن.
إذا تراجع بايدن عن هذا، فيجب محاربته وإيقافه على الفور, أعطى أوباما الضوء الأخضر لهذه الحرب، واستمر ترامب بعناد في مساعدة حملة القصف السعودي، ووعد المرشح بايدن بإنهائها.
لقد دمرت الأسلحة الأمريكية والمساعدات العسكرية المقدمة للسعودية، على مدى أربع سنوات اليمن، التي تعد أفقر دولة في الشرق الأوسط.
أطلق العنان للوباء والمجاعة وتفشى وباء الكوليرا، ولكن الأسوأ من ذلك هو المجاعة التي سببها الحصار السعودي, حتى المساعدات الإنسانية لا يمكنها الدخول وهذا خلال جائحة كوفيد- 19 القاتل.
كان بإمكان ترامب إنهاء هذا الكابوس, لقد صوت الكونغرس لوقف مساعدة السعوديين عسكرياً، من خلال تمرير قرار سلطات الحرب على اليمن، وبالتالي منح ترامب مخرج مناسب للتراجع عن جريمة وحشية ومستمرة.
كان الدافع وراء الكونجرس جزئياً هو القتل المروع وتقطيع أوصال الصحفي جمال خاشقجي الكاتب في صحيفة واشنطن بوست في القنصلية السعودية في اسطنبول.
لكن ترامب استخدم حق النقض ضد هذا القانون في أبريل 2019, ولم يكن سراً أنه فعل ذلك إلى حد كبير لحماية صفقات الأسلحة الأمريكية المربحة مع السعوديين.
كان هذا معيباً وبشكل خاص نظراً لتعهداته في حملته بإنهاء حروب أمريكا التي لا طائل من ورائها إلى الأبد.
يمكن القول إن حرب اليمن هي واحدة من تلك الحروب, لكن مشاعر ترامب في التعامل مع الديكتاتور السعودي طغت على عشرات الآلاف من اليمنيين الذين قتلوا بالأسلحة الأمريكية والمجاعة الحاصلة بمساعدة الولايات المتحدة.
لقد كان استخدام حق النقض قائم على الرشوة وجبان ووصمة عار دولية, لا شيء يمكن أن يبرره.
لو توقفت المساعدات العسكرية الأمريكية لتوقفت الحرب, كان سيتم إنقاذ الآلاف من الأرواح ومئات الآلاف من الأطفال، الذين يعانون من التقزم بسبب سوء التغذية وسيكون لديهم ما يكفي من الطعام.
العالم كله يشهد على معاناة اليمن, كما يشهد على تواطؤ الولايات المتحدة في هذه الجريمة.
لقد لقي أكثر من 100 ألف شخص حتفهم في اليمن منذ أن بدأت السعودية قصفها في عام 2015, في محاولة فاشلة لطرد الحوثيين.
أكثر من 85000 الف ماتوا جوعا, هذه الوفيات حصلت بشكل طويل وبطيء ومؤلم.
ووفقاً للصليب الأحمر الدولي، يحتاج ما يقرب من 24 مليون يمني إلى المساعدة و “تحتاج غالبية البلد حقاً إلى تمويل من الأمم المتحدة والتمويل الإنساني من أجل تلبية احتياجاتهم اليومية الأساسية”.
ذكرت قناة الجزيرة أنه في الشهر الماضي، تلقى اليمن أقل من نصف التمويل الطارئ الذي يحتاجه هذا العام … واليوم يواجه حوالي 13.5 مليون يمني انعدام حاد للأمن الغذائي ونزوح أربعة ملايين شخص,ومع ذلك، تستمر المحاولة السعودية لسحق الحوثيين.
ولفترة من الوقت بدا أن السعوديين قد يتراجعون, كان ذلك في سبتمبر 2019, عندما شن الحوثيون هجمات صاروخية ناجحة على منشآت النفط السعودية وناقلات النفط والمطارات, حيث لفتت هذه الهجمات الدقيقة والمدمرة للاقتصاد انتباه السعودية.
انخفض سعر الأسهم في شركة النفط السعودية الهائلة، أرامكو بشكل حاد، حيث أدرك السعوديون والعالم أن جماعات الحوثيين القوية والمصممة التي يفترض أنها تفوقت في التسليح يمكن أن تقضي على البنية التحتية للوقود الأحفوري في المملكة.
بدا مؤقتاً أن المعتدي خائفاً وعلى استعداد للتفاوض, ففي نوفمبر 2019, تم الإبلاغ عن محادثات سلام غير مباشرة بوساطة عمان, ولكن الآن اشتعلت الحرب مرة أخرى بكامل قوتها.
أشارت صحيفة الإندبندنت البريطانية في أغسطس إلى أن العام 2020, قد يكون أسوأ عام حتى الآن فيما يخص المجاعة في اليمن، حيث أن هناك الملايين على شفا المجاعة.
منذ انتخابه رئيساً، لم يقل بايدن الكثير عن اليمن, لكن خلال الحملة، أشار إلى المملكة العربية السعودية على أنها “دولة منبوذة” وقال: “سأضع حداً لدعم الولايات المتحدة للحرب الكارثية التي تقودها السعودية في اليمن وسوف اعمل على إعادة تقييم علاقتنا مع السعودية, كما وعد بإنهاء بيع المواد… للسعوديين حيث يستخدمونها لقتل الأطفال”.
قال بايدن في العام 2019, إن “الوقت قد حان لإنهاء الدعم الأمريكي للحرب في اليمن”.
لذلك فإن الرئيس المنتخب لديه سجل حافل من التصريحات ضد الحرب, والآن سنرى ما إذا كان الكونجرس قد وجد مرة أخرى القوة الرئيسية لتمرير مشروع قانون ينهي الدعم الأمريكي.
وإذا حدث ذلك، فمن الصعب تخيل أن بايدن لن يوقع عليه, حتى لو لم يفعل الكونغرس ذلك، يمكن للرئيس بمفرده أن يوقف الكثير من هذه المجزرة.
في 17 ديسمبر أشارت الإندبندنت, انه “ليس هناك نهاية في الأفق” لحرب اليمن, وأوضح المنشور أن “الحوثيين يسيطرون على المناطق الشمالية والوسطى” من البلد.
وبدعم من التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات, تبسط الحكومة نفوذها على عدن وكذلك في المناطق الجنوبية والشرقية.
في الماضي، شاركت في الهجوم قوات وطائرات مقاتلة من الكويت وقطر والبحرين والأردن ومصر والمغرب والسودان إلى جانب دعم من مرتزقة أمريكيين من الكيان الذي كان يُطلق عليه اسم بلاك ووتر.
بصرف النظر عن حليفتهم إيران، فإن الحوثيين معزولون إلى حد ما.
وفقاً لـ هيومن رايتس ووتش، التي تبدو لمرة واحدة، على الجانب الصحيح من إياً من القضايا “لقد ضلل مسؤولو وزارة الدفاع الكونجرس بشأن قدرتهم على تتبع وتحليل ضربات التحالف في اليمن …إن دعم السعودية … يظل أولوية عليا للولايات المتحدة”.
فيما يتعلق بهذه القضية، كما في موضوع العدوان على الصين، فإن البنتاغون ونظام ترامب متفقان: كلاهما بخير مع المزيد من القتل في اليمن.
اختار نظام ترامب جانباً في حرب أهلية يمكن القول بشكل غير مؤكد أن الولايات المتحدة لا يمكنها القيام حيالها باي شي.
أي شيء تجاه أصدقائها الأغنياء السعوديين، على الرغم من أي فظائع وأي وحشية.
لكن بالعودة إلى نوفمبر، تناقضت صحيفة The Arab Weekly”” مع تقييمات وسائل الإعلام الأخرى وذكرت أن السعوديين يريدون تسريع عملية التسوية اليمنية.
وانصب تركيزها على “إعلان مشترك” بين الحكومة اليمنية التي تعترف بها والحوثيين.
ذكرت الصحيفة أن “التحالف العربي يريد تحقيق انفراج في ملف حرب اليمن قبل نهاية العام الجاري”.
إذا كان هذا صحيحاً، فمن المؤكد أن التحالف لديه طريقة غريبة لإظهار نواياه السلمية, فالأمور أسوأ في اليمن من أي وقت مضى.
لذا فإن احتمالات السلام خصوصاً في الوقت الحالي لا تلوح في الافق وأفضل امل من أجل أولئك الذين يتضورون جوعاً ويعاملون بوحشية في اليمن في إدارة بايدن الجديدة، والتي يجب أن تفي بدقة بوعدها بالتوقف عن الترويج لجرائم حرب الإبادة الجماعية وبالتالي تحطيم إرث أوباما وترامب الدامي في اليمن.
بدون دعم عسكري أمريكي، مع إدانة أمريكية فعلية للسعودية ستنتهي الحرب على الفور.
ولمرة واحدة ونادراً جداً في سياستها الخارجية، ستتقدم الولايات المتحدة إلى الجانب الصحيح من التاريخ.
اختار ترامب وأوباما البربرية على الحضارة في اليمن ويجب أن يكون أحد أعمال بايدن الأولى هو نقيض ذلك.
*إيف أوتينبيرج: روائية وصحافية أحدث كتاب لها هو “Birdbrain”.
* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع.