خطة إسرائيل لتفكيك النفوذ التركي في القدس لصالح دول الخليج
بقلم: الدكتور عدنان أبو عامر
(صحيفة “ميدل ايست مينتور” – ترجمة: نجاة نور، الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)
في ظل موجة اتفاقيات التطبيع المستمرة بين الدول العربية والاحتلال، تحاول إسرائيل استدراج دول الخليج، وخاصة الإمارات والسعودية، بدور محتمل في الإشراف على الأماكن المقدسة في القدس المحتلة, وبذلك يتنافس الأردنيون والفلسطينيون على تولي هذه المهمة البالغة الأهمية.
أثار تحرك إسرائيل في هذا الاتجاه توتراً سياسياً بين الأطراف المعنية، في حين تم تمويه خطتها الحقيقية التي تتمثل في إعطاء هذه الدول دوراً جديداً وفرصة لمقاومة النفوذ التركي المتصاعد بين الاسلاميين، وهي خطوة تثير تساؤلات حول نجاح أو فشل المسعى الإسرائيلي.
يبدو أن خطة التطبيع بين الإمارات والاحتلال في سباق مع الزمن لإرساء واقع جديد على الأرض، حيث أعلن وزير شؤون القدس الإسرائيلي الحاخام رافي بيرتس عن خطة لجذب آلاف السياح الإماراتيين لزيارة القدس, وتهدف الخطة إلى تعزيز مكانة المدينة “كعاصمة لإسرائيل”، على حد زعمه.
وبات واضحا أن الخطة الإسرائيلية لجلب السياح من الإمارات والسعي لجذب مليوني سائح مسلم إلى القدس سنويا، تتماشى مع ما سعى الاحتلال على تحقيقه على مدى السنوات العشر الماضية.
يأتي ذلك في إطار محاولة إخضاع القدس والمسجد الأقصى لسيادتها المزعومة ومنع الفلسطينيين من تطوير قطاع السياحة الدينية الوطنية والسيطرة على المسجد الأقصى وساحاته.
تنطلق الخطة الإسرائيلية من نص الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي، حيث تمنح المسلمين الحق في المسجد الأقصى فقط، وتحرمهم من باقي الحرم القدسي برمته.
يأتي ذلك في ظل إدانة سياسية ودينية فلسطينية ترفض استقبال أي زائر إماراتي أو عربي أو حتى مسلم للصلاة في المسجد الأقصى ضمن الاتفاقية المذكورة.
كان الفلسطينيون أول من أعلن رفضهم لاتفاقية التطبيع الإسرائيلية الإماراتية، حيث نصت على حق جميع الديانات السماوية وأبعدت المسلمين.
أدى ذلك إلى استياء الفلسطينيين الذين عبروا عن هذا الرفض بتعليق لافتات كبيرة في جميع أنحاء القدس.
الخطة الإسرائيلية تكشف عمق اتفاقية التطبيع مع الإمارات, إن فكرة رعاية الرحلات الإماراتية للصلاة في المسجد الأقصى هي مجرد تستر لخطة التطبيع، رغم أن الصلاة في القدس لا تحتاج إلى اتفاقات.
إنه حق ديني وشرعي مقدس، كما أن المسجد الأقصى حق محفوظ للمسلمين حسب كل الأديان والوثائق الدولية.
أبرزها اعتراف اليونسكو بالمسجد الأقصى كملك مطلق للمسلمين، دون انتماء لليهود.
ومع ذلك، اختارت الإمارات منح الإسرائيليين هذه الاتفاقية وهو حق لا يستحقونه.
الفلسطينيون يستعدون لاستقبال أولئك الذين سيأتون إلى القدس تحت عباءة التطبيع بالطريقة التي يستحقونها.
لن يسمح أي فلسطيني للإماراتيين وغيرهم بانتهاك حرمة المسجد الأقصى باستخدام الصلاة هناك لإضفاء الشرعية على اتفاقهم الباطل مع إسرائيل.
لذلك، لن يرحب أهل القدس بهذه الزيارات وسط مخاوف في القدس وفلسطين بشكل عام من احتمال تزايد عدد السياح المسلمين وخاصة من البحرين والسعودية، الذين قد يأتون للصلاة في القدس تحت ضغط وإغراءات إماراتية.
تسير الخطة الجديدة جنباً إلى جنب مع الاتفاق الإسرائيلي الإماراتي على استضافة مليوني سائح مسلم في دولة الاحتلال سنوياً، حيث سيزور معظمهم المسجد الأقصى في إطار ما يسمى بـ “السلام الديني”.
وعلى الرغم من حقيقة أن 98 ألف سائح مسلم زاروا القدس والمسجد الأقصى في عام 2018، بدأت إسرائيل في الترتيب لوصول السياح من الإمارات ودول الخليج الأخرى للصلاة في المسجد الأقصى.
يرى الفلسطينيون أن الخطة الإسرائيلية ستفشل، فقد لا يأتي الإماراتيون بأعداد كبيرة، ربما بسبب الصدام بين المواقف الرسمية والشعبية من التطبيع في الإمارات, ولن يكون السائحون الإماراتيون بالمئات أو الآلاف.
وهكذا، فإن الخطوة الإماراتية في القدس سبقتها خطة سعودية للتواصل مع الشخصيات الفلسطينية من أجل تأمين موطئ قدم في المدينة، لكن الفلسطينيون رفضوا الذهاب إلى المملكة.
بالتزامن مع الإعلان عن الخطة الإسرائيلية لجلب السائحين الإماراتيين إلى القدس، كشفت المنظمة الإسرائيلية غير الحكومية “Terrestrial Jerusalem” أن الإمارات وافقت لأول مرة على تغيير الوضع الراهن في المسجد الأقصى والسماح لليهود بالصلاة هناك، مع الحد من وصول المسلمين إلى المسجد فقط وليس الحرم القدسي بأكمله.
ومن هنا فإن الخطة الإسرائيلية تؤكد الاتفاق الإماراتي الأخير بشأن المسجد الأقصى، الأمر الذي يثير قلق ومخاوف الأوقاف الأردنية والفلسطينية.
وذلك لأن الاتفاقية تهدف إلى إعطاء الإمارات دوراً جديداً داخل المسجد الأقصى يتنافس علناً مع الدور الأردني.
* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.