إيران لا تسعى إلى الحرب مع أمريكا
بقلم: دلمار لافورجي
السياسية:
ترجمة: أسماء بجاش, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”
منذ أن تمكنت القوات الأمريكية من تصفية الجنرال الأكثر أهمية في إيران قبل عام تقريبا، أقسم النظام الإيراني على الانتقام.
ولكن بعيداً عن وابل من الضربات الصاروخية التي تعرضت لها قاعدة عراقية في 8 يناير 2020، عندما أطلق الحرس الثوري الإيراني عملية عسكرية استهدفت قاعدة عين الأسد الجوية في محافظة الأنبار الواقعة في الجهة الغربية من العراق, فضلاً عن قاعدة جوية أخرى في محافظة أربيل في إقليم كردستان، قالت الولايات المتحدة الأمريكية في البداية أنه لم يصب أو يُقتل أي من أفراد القوات الأمريكية في هذا الهجوم.
ولكنها اعترفت فيما بعد بإصابة 109 جنديا بارتجاج في الدماغ جراء الضربات الإيرانية, وبهذا كان الرد الإيراني معتدلاً بصورة نسبية.
جاء هذا الهجوم بمثابة رداً على عملية اغتيال الجنرال قاسم سليماني من قبل الولايات المتحدة الأمريكية في 3 يناير 2020، وهو قائد لفيلق القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني والمسؤولة عن العمليات العسكرية خارج الحدود الإقليمية.
قال الجنرال فرانك ماكنزي قائد القيادة المركزية الأميركية, خلال مؤتمر صحفي أن النظام في ايران، حتى في حين تستعد المؤسسة العسكرية الأميركية لأي شيء قد لا يسعى هو أو وكلائه إلى الدخول في مواجهة مفتوحة مع أقوى جيش في العالم, معتبراً أن هذا السؤال معقد للغاية”.
وأضاف:” فعلى مستوى ما، لا يبحث الإيرانيون عن حادث كبير مع الولايات المتحدة الأمريكية، بل إنهم لا يبحثون عن الحرب”.
وفي الوقت نفسه اعترف بوجود إرادة حقيقية لدى النظام الإيراني للانتقام لمقتل الجنرال سليماني, وهذا الجزء الأخير مفهوم جداً, فقد كان الجنرال سليماني استراتيجياً عسكرياً موهوباً.
فقد شن العديد من الحروب والتمردات على عدة جبهات في منطقة الشرق الأوسط، والذي اشتمل على عمليات عسكرية في اليمن، والعراق، وسوريا ولبنان.
وبفضل القدرات القيادية التي يتمتع بها الجنرال سليماني, فقد ساعدته في تنسيق هذه الحرب المفتوحة على عدة جبهات والحفاظ على وكلاء وميليشيات متباينة على نفس الطول الموجي.
قال ماكنزي :” فمنذ مقتل الجنرال سليماني لمست الولايات المتحدة تشققات وتصدعات داخل المليشيات الشيعية التي تتلقى الدعم من إيران في العراق.
كما أن بعضها كان أكثر انفتاحاً على تلقي الأوامر من الحكومة العراقية المنتخبة بدلاً من جارتها الأكثر تهديداً.
بالإضافة إلى أن هذا العمل كان سبباً في تعطيل القدرة الإيرانية على قيادة هذه الوحدات بالقوة”.
فمن ناحية، يزيد هذا من درجة احتمال أن تتمكن الوحدات غير المصرح بها على شن هجمات غير مصرح بها.
ومن ناحية أخرى، تضاءلت وتيرة الهجمات التي تشنها المليشيات المدعومة من إيران ضد الولايات المتحدة وحلفائها, وخلال الأشهر القليلة الماضية، كانت نادرة جداً, وكل هذا يثير تسائلاً للرئيس المنتخب جو بايدن.
ومن جانبه, فقد أدان أغلب أعضاء الحزب الجمهوري بالقرار الذي اتخذه الرئيس دونالد ترامب “تصفية سليماني” مطلع العام الجاري, بوصفه عمل استفزازاً متهورا.
كتب بايدن في الشؤون الخارجية أن مقتل سليماني «اختطف طرفاً خطيراً لكنه أثار أيضاً احتمال حدوث دوامة متزايدة من العنف في المنطقة».
ولكن هل سوف يحاول بايدن نزع فتيل هذه الدورة مع إيران, وهل ستنجح هذه الدورة؟
والواقع أن وجهة النظر التي يتبناها ماكنزي مفيدة إلى حد كبير, حيث أشار إلى أن القادة في إيران لم يشككوا قط في مدى قدرة الولايات المتحدة على “الرد” على هجماتهم.
بل إن النظام شكك بدلاً من ذلك في “استعدادنا للرد”, وقد أظهر الهجوم الذي استهدف الجنرال سليماني, إرادة, حيث “لم يتصوروا أننا قادرون على ذلك”، على حد وصفه.
إن الأحداث التي أدت إلى مقتل الجنرال سليماني تثبت هذه النقطة, حيث بدأت إيران في تكثيف هجماتها على حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة في ربيع العام 2019:
هاجمت قوات الحرس الثوري الإيراني ناقلات النفط, كما عملوا على مهاجمة منشأة نفط سعودية عن طريق تسير أسطول من الطائرات بدون طيار.
وفي الأسابيع التي سبقت الهجوم الذي استهدف الجنرال سليماني، اجتاحت الميليشيات المدعومة من إيران السفارة الأميركية في بغداد.
وفي الوقت ذاته، تجنب الرئيس ترامب ضرب أهداف إيرانية داخل إيران، خشية أن يؤدي هذا التصرف إلى حرب جديدة تشهدها منطقة الشرق الأوسط.
وعندما صعد الرئيس ترامب أخيراً من الوضع في يناير المنصرم، لم تكن النتيجة حرب جديدة, بل فقد أمطر النظام الإيراني وابلاً من الصواريخ على قاعدة عراقية فأسقط طائرة ركاب تابعة للخطوط الأوكرانية عن طريق الخطأ, والتي كان على متنها 176 شخصاً وذلك بعد إقلاعها من مطار الإمام الخميني في طهران, حيث قتل جميع من كانوا على متن الطائرة الأوكرانية المنكوبة.
ولكن في نهاية المطاف، تضاءلت وتيرة الهجمات الإيرانية على القوّات الأمريكيّة وحلفائها في المنطقة, وتم استعادة الردع.
وهذا درس قيم بالنسبة لبايدن الذي يستعد لتولي منصبه, والآن يهدد المرشد الأعلى لإيران بالانتقام أثناء فترة الانتقال الرئاسي الفوضوي.
وبالتالي, يتعين على بايدن أن يشير إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية لديها القدرة والاستعداد الكامل للرد على كل ما يخطط له الإيرانيون.
• موقع “نيوز 24- “news-24 الفرنسي
* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.