ـ يطالب السيد محمد علي الحوثي، الرئيس الفعلي في شمال اليمن، ألا تنحني الأمم المتحدة أكثر لضغط المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.

ـ الحوثيون عند كلمتهم مستعدون لتسليم السيطرة على ميناء الحديدة إلى الأمم المتحدة وهو الميناء الذي تصل عبره الإمدادات الحيوية للبلد.

ـ تظل احتمالات أن يحل السلام عما قريب ضئيلة

 

أجرى المقابلة في صنعاء 27 أغسطس 2018: بول-أنطون كروغر

هامبورج 2018(صحيفة: زود دويتشه تسايتونج الألمانية، ترجمة: نشوى الرازحي-سبأ)-

في بداية الرحلة البحثية التي يقوم به الصحفي المرسل من قبلنا إلى صنعاء تقدم بطلب إجراء مقابلة مع ممثل رفيع المستوى في حركة الحوثي التي أطلقت على نفسها اسم “أنصار الله”. وبعد أيام من الانتظار تلقى مكالمة هاتفية تخبره أن بإمكانه مقابلة محمد علي الحوثي. وهو رئيس اللجنة الثورية العليا وبحكم الواقع هو رئيس الدولة في شمال اليمن. والسؤال كان أين يمكن إجراء المقابلة: فالقصر الرئاسي أصبح مجرد رُكام والمكتب الرئاسي مُدمر أيضا. فقد قصفه السعوديون عندما اجتمع قادة الحوثيين هناك لعام الماضي.

كان الرجل الوسيط منتظرا في ميدان التحرير في وسط المدينة. كان يبرز ببدلته السوداء بين رجال يرتدي جميعهم الملابس التقليدية مع الجنابي والعمائم. كان الرجل الوسيط، والذي كان نائب وزير يمشي في الميدان بدون التفوه بكلمة ويراقب حوله مرارا وتكرارا ويجري اتصالات هاتفية.

ثم يتحول إلى شارع جانبي ضيق ويدخل صالون حلاقة. هناك يجلس محمد علي الحوثي على كرسي الحلاقة، وقد لف حول رقبته خرقة سوداء منقطة بالأبيض. والحلاق يرش الكحول على آلة الحلاقة ويضع الشفرة على اللهب وارتفع بجانب الرئيس لهب مزعج.

قال الحوثي: “نأسف للقائكم هنا لدواعي أمنية. بإمكاننا الخروج والمشي بعد قليل.”

لقد حددت القيادة السعودية مكافأة قدرها 20 مليون دولار مقابل قتل محمد علي الحوثي. وبأصابع خاطفة حلق له الحلاق اللحية ومسح خديه وشعره بالعطر وبعد ذلك خرج الرئيس إلى الشارع. وانزلق إلى باص صغير بباب سحاب زجاجه معكس ودخل بعده خمس حراس شخصيين يحملون الرشاشات. تجول الحوثي بينهم بسترته الزرقاء والخنجر المقوس في حزامه في ميدان التحرير وتدافع المارة لتقبيل يده. وتحت ظل شجرة، جلس الرئيس على قاعدة لجلوس المارة وأجاب على أسئلة الصحفي الألماني.

زود دويتشه: سيدي الرئيس، لقد رأينا أنه لا يزال هناك معارك في الحديدة وعايشنا الغارات الجوية هنا في صنعاء. رتب المبعوث الأممي الخاص مارتن غريفيث موعد عقد محادثات السلام في جنيف في 6 سبتمبر. ماالأمل الذي ترون أن من الممكن أن تنتهي الحرب به في اليمن أو يتم من خلاله وقف إطلاق النار في كل أنحاء البلد على الأقل؟

السيد محمد علي الحوثي: اتصلت مؤخراً بمارتن جريفيث. وقلت بأن المحادثات لن تكون سوى خطوة أولى نحو السلام. نحن مستعدون لخوض أي نقاش. لسنا ضد المفاوضات. ومع ذلك، تعتمد فرص السلام على ما إذا كان لدى الطرف الآخر الإرادة الجادة للقيام بذلك وحضور هذه المحادثات بنوايا صادقة. يجب أن يكون لدى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة هذه الإرادة، وكذلك الأمريكان والبريطانيين والفرنسيين وكل الدول الأخرى التي تدعم التحالف.

على العالم إجبارهم على وقف هجماتهم على اليمن. عمليات القصف، كما هو الحال في الحديدة وصنعاء، موجودة في جميع محافظات اليمن. اليوم قصفوا حافلة مدرسية في محافظة صعدة وقتلوا أكثر من 40 طفلاً. لكن من الواضح أن الشعب اليمني لا يُخوّف هذا ما أظهرته السنوات الأربع الماضية. نحن لن نتخلى عن مقاومتنا ويمكننا الاستمرار حتى النهاية.

الصحيفة: هناك قرار للامم المتحدة يشكل في الواقع الأساس لمحادثات السلام ومطالب بعيدة المدى نسبيا: انسحاب ميليشيتك من المدن وتسليم الأسلحة الثقيلة للجيش اليمني. يستند التحالف أيضا على هذا القرار لمجلس الأمن. هل أنتم على استعداد للموافقة؟

الحوثي: لقد تحدثت مع سفراء الدول الأوروبية، وسألوني أيضا هذا السؤال. قلت لهم إن الشعب اليمني ليس لديه سوى أسلحة قديمة. نحن مستعدون لتسليم هذه الأسلحة للجيش، على الرغم من أن هذا الجيش اليمني هو الذي قاتل ضد التحالف. جنرالاته في صفنا. ما نملكه هو صواريخ وهي ملك للجيش اليمني. يمكن إرجاع هذه الأسلحة إلى القواعد، لقد أخفيناها فقط لحمايتها من الغارات الجوية.

ومع ذلك، نطالب بأن تسلم الأسلحة الموردة للجماعات الإرهابية والمرتزقة على الجانب الآخر أيضا للجيش. إذا كانوا على استعداد للتخلي عن أسلحتهم، فسوف نسلم أسلحتنا كذلك. إنهم يحصلون على الأسلحة الأكثر تطورا. ويقاتل في صفوف التحالف نفس الإرهابيين الذين هاجموا الجيش اليمني قبل الحرب.

الصحيفة: يبدو أن الحديدة هي النقطة الرئيسية في هذه الحرب وهي المعركة التي ستحسم الأمر فالميناء في نفس الوقت هو المنفذ الحيوي لإمداد أجزاء واسعة من البلاد. تشعر الأمم المتحدة والعديد من الدول بالقلق الشديد بشأن المعارك الدائرة هناك. ولطالما دعت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة إلى السيطرة على الميناء. هل أنتم مستعدون لذلك؟

الحوثي: لقد تحدثت مع الممثل الخاص للأمم المتحدة حول هذا الموضوع. نحن مستعدون لذلك، لكن السؤال هو ما إذا كان التحالف يريد ذلك. يدعي التحالف أنه يريد حماية الميناء. هذه كذبة، تماماً كما كذب في عدن. هو لا يهتم بحماية الميناء، وهناك شيء آخر يدور في حسبانه. وهو يدعي أننا نقوم بتهريب الأسلحة عبر الميناء، وهذا أيضا كذبة. حيث يتم تفتيش جميع السفن من قبل التحالف. كيف يمكننا بعد ذلك تهريب الأسلحة؟ الأمم المتحدة في الحديدة مطلعة على كل خطوة تجري في الميناء.

الصحيفة: ما هو هدف التحالف في الحديدة ومرة أخرى أسالكم: هل أنتم مستعدون لتسليم السيطرة على الميناء إلى الأمم المتحدة؟

الحوثي: الأمم المتحدة واقعة تحت ضغط سياسي كبير من التحالف. فهي تحصل على الكثير من المال من المملكة السعودية والإمارات، التي يتم إنفاقها كمساعدات. انها بحاجة الى هذا المال حتى تتمكن من العمل ودفع الرواتب لشعوبها. ولهذا الغرض، كان على الأمم المتحدة ابتزازنا. إنهم يمنحون المليارات من الدولارات للأمم المتحدة، ولكن في الوقت نفسه يرمون قنابل بمليارات الدولارات على اليمن وتدمير البلاد وبنيته التحتية. الأمم المتحدة ضعيفة وتتعرض كذلك لضغوط من الولايات المتحدة. وأكد ذلك الأمين العام السابق للأمم المتحدة، بان كي مون، عندما وضع المملكة العربية السعودية على قائمة الدول التي تقتل الأطفال في الحروب والتشويه. كانت السعودية مُدرجة على هذه القائمة وتم إلغاؤها لأنها هددت بوقف دفعها للأمم المتحدة. نأمل ألا يتم ابتزاز الأمين العام الجديد.

الصحيفة: لكن هل أنتم مستعدون لتسليم ميناء الحديدة إلى الأمم المتحدة؟

الحوثي: نحن مستعدون لتسليم الميناء إلى الأمم المتحدة وفقا لاتفاقنا مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة مارتن غريفيث.

الصحيفة: لكنكم لستم على استعداد للانسحاب من المدينة، كما تطالب السعودية والإمارات الآن؟

الحوثي: تفاوضنا مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة مارتن غريفيث على السيطرة على الميناء، وليس على الانسحاب من مدينة أو سحب الأسلحة الثقيلة وهذا ما تم إعلانه أيضا.

الصحيفة: هل يعد حل مشكلة ميناء الحديدة شرطا مسبقا لمحادثات السلام، أم أنه يمكن أن يكون حلا إذا لم يتم العثور على حل؟

الحوثي: الجولة الأولى من المحادثات ليست محادثات سلام، ولكن تبادل لسماع الاقتراحات. يقدم التحالف شروطًا مسبقة بعيدة المدى لمحادثات السلام. لم يكن المبعوث الأممي الخاص الأخير مستقلاً عن التحالف. نأمل أن يكون الأمر مختلفًا مع مارتن غريفيث. وهو قد نجح في مهمته. ونأمل أن تدعمه جميع الدول التي تقول إنها تريد السلام في اليمن.

الصحيفة: هل تتوقعون أن يجلس ممثلي أنصار الله مع ممثلي الحكومة المعترف بها دوليا للرئيس عبد ربه منصور هادي والتحالف على طاولة واحدة للمفاوضات في 6 سبتمبر؟

الحوثي: نحن لا نعتقد أن مثل هذا اللقاء مع ممثلي حكومة هادي سوف ينجح، كما رأينا في الماضي. لأن هؤلاء الناس ليس لديهم سلطة اتخاذ القرارات. علينا أن نتفاوض مباشرة مع التحالف ونتفاهم. يقود التحالف الحرب في اليمن، وفقط إذا أبرمنا اتفاقات معه، سيحترم مرتزقته الذين يشعرون أنهم مرتبطون به الاتفاقات. إذا ما اتفقنا مع التحالف، فيمكننا التفاوض مع هادي وممثليه.

الصحيفة: إذا تفاوضتم مباشرة مع التحالف، هل ستوافقون على وقف إطلاق النار في البلاد، بما في ذلك وقف الهجمات الصاروخية على المملكة العربية السعودية، طالما والجانب الآخر هو أيضا على استعداد لفعل ذلك؟

الحوثي: كل اتفاق يقبله التحالف سيتم احترامه على الفور. أريد أن أقول شيئين للألمان: هل تظنون حقا إن المليارات التي يتم إنفاقها هنا على الحرب الهدف من وراءها إعادة الرئيس هادي إلى السلطة؟ إنهم يدمرون البنية التحتية، فاليمن بلد غني بالفعل. والتحالف لديه مخططات أخرى.

الصحيفة: استهداف متعمد للمدنيين. أي استهداف؟

الحوثي: من المضحك الزعم بأن القضية تدور حول إعادة هادي إلى السلطة في حين أن القضية هي أن إسرائيل تريد السيطرة على البحر الأحمر وتدعي أن حرية الملاحة في البحر الأحمر في خطر إذا سيطر أنصار الله على الساحل اليمني. تزعم إسرائيل أن هناك تهديدًا لمضيق باب المندب أن ذلك أسوأ من امتلاك إيران للسلاح النووي.

الصحيفة: لكنكم اعترفتم بمهاجمة سفينتين سعوديتين قبالة الساحل؟

الحوثي: هذا أيضا ليس صحيحا. هاجمنا السفينة الحربية الخاصة بالدمام، والتي، على خلاف الأنظمة الدولية، كانت تمر في البحر الأحمر مع جهاز الإرسال والاستقبال. نحن نهاجم سفنهم، التي يشنون منها الهجمات علينا بعد أن رفضوا مبادرتنا لوقف إطلاق النار على طول الساحل بأكمله.

الصحيفة: قال مسؤول في الحرس الثوري الإيراني علانية إن إيران أوصت بأن يهاجم اليمنيون السفن السعودية. بشكل عام، تتهم المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة إيران بدعم أنصار الله بالأسلحة والمال والمستشارين العسكريين. فبماذا تجيبون؟

الحوثي: تدعي المملكة العربية السعودية أن باتريوت دفاعها الجوي قد أسقط صواريخنا. كيف يمكن للسفيرة الأمريكية نيكي هالي في نيويورك أن تقرر أن هذا الصاروخ من أصل إيراني؟ تم إسقاط الصاروخ، انفجر ودُمر بالكامل وفقا للمملكة العربية السعودية. فكيف تثبت من الأجزاء التي بقيت أنها من أصل إيراني؟ يدعي التحالف والولايات المتحدة دائماً أننا نحصل على أسلحة من إيران، لكن هذا أمر مضحك. نحن لا نحصل على أي أسلحة من إيران وكل هذه الأدلة مزيفة. يقول الكثيرون أيضا أن الجنود الإيرانيين يقاتلون هنا. هذا كله كذب هل رأيت أنت الإيرانيين هنا؟ كم من الإيرانيين أصيبوا أو قتلوا في آلاف الغارات الجوية؟ والجانب الآخر يستخدم المرتزقة من السودان وبلدان أخرى. فماذا يفعلون هنا؟

في سورية، كان هناك خلاف في البداية بشأن نشر الحرس الثوري الإيراني والجنود هناك، وهذا الأمر ثبت الآن.

إذا كان التحالف يريد القتال ضد إيران، فعليه أن يذهب إلى سورية أو إيران وليس إلى اليمن. المسافة بين الإمارات وإيران هي 40 كيلومترا. ومن الإمارات إلى اليمن أكثر من 1000 كيلومتراً.

الصحيفة: لقد ذكرتم الهجوم على الحافلة المدرسية وهو هدف مدني. الهجمات الموجهة ضد المدنيين هي دائما جريمة في أي حرب. كيف تبررون إطلاق الصواريخ على مطار الرياض الدولي؟

الحوثي: نستهدف فقط المطارات التي يُطلق السعوديون منها مقاتلاتهم وطائراتهم العسكرية وليس أهدافا مدنية.

وقد سقط الصاروخ على بعد 300 مترا فقط بجوار محطة الركاب.

قد يكون ذلك بفعل أن الصواريخ ليست مطورة، لكننا لا نهاجم المدنيين عن عمد. ولكن يجب على المدنيين الابتعاد عن المنشآت العسكرية. التحالف لا يهتم، فهو يقصف في كل مكان هنا.

الصحيفة: تتهمكم منظمات حقوق الإنسان باعتقال المعارضين السياسيين أو إقصائهم واستخدام الأسلحة الخارجة على القانون مثل الألغام الأرضية. سمعنا من سكان الحديدة يقولون أنكم زرعتم الألغام هناك.

الحوثي: لا تُستخدم الألغام ضد المدنيين. لكن الأسئلة المتعلقة بالعمليات العسكرية يجب أن تطرحها على وزارة الدفاع.

الصحيفة: وماذا عن الأسئلة حول السجناء السياسيين؟ في زيارتي الأخيرة قبل ثلاث سنوات، تمكنت من إجراء مقابلة مع ممثلي حزب الإصلاح. لم يعد أحد منهم موجود هنا الآن.

الحوثي: ليس لدينا سجناء سياسيون. عندما حاربنا ضد أنصار الرئيس السابق صالح في 2 ديسمبر، اعتقلنا البعض منهم. لكنهم كانوا جميعًا مقاتلين، وقد أطلقنا سراحهم.