عندما يمول الحج والعمرة الحرب في اليمن…
بقلم: وليام بلوب(موقع “الأمة – oumma” الفرنسي- ترجمة: أسماء بجاش, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)
لقد كان اليمن مسرحاً لحرب منسية لعدة سنوات ماضية وبلد ينهار في حالة من اللامبالاة والصمت المريب…
فمنذ أواخر مارس من العام 2015 بدأت الحرب في اليمن بسرد فصولها الكارثية والمأساوية والتي لا تزال مستمرة حتى يومنا هذا….. ولكن ما الذي يجب القيام به؟
في مثل هذا الشهر من الأن -ديسمبر 2020 قبل عامين- أي في ديسمبر 2018، جلس مختلف أطراف الصراع اليمني المميت والذي لا يزال مستمراً منذ ما يقرب من سبع سنوات, على طاولة المفاوضات.
صراع ظالم يخدم من بين جملة من الأمور الأخرى مصالح المملكة العربية السعودية بشكلٍ خاص والمصالح العربية, والإيرانية والغربية بشكلٍ عام.
ففي وقت مبكر من ديسمبر 2018 ألتقى الفرقاء السياسيين في العاصمة السويدية ستوكهولم وتوصلوا إلى اتفاق بشأن الأزمة اليمنية في 13 من نفس الشهر.
وفي الأخير هل كان هناك أمل يلوح في سماء الأزمة اليمنية؟
يجب علينا ألا نغفل الطرف عن واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية التي شهدها العالم وما ترتب عليها من عواقب وخيمة لا يمكن علاجها بالنسبة للكثيرين من اليمنيين.
بالإضافة ايضاً إلى الشريحة الواسعة من مرضى وضحايا وباء الكوليرا، والأطفال الأبرياء في كثير من الأحيان وملايين المدنيين الذين يعانون من الجوع وسوء التغذية.
يعيش اليوم في اليمن ما يقرب من 80 % من إجمالي عدد السكان تحت خط الفقر, كما تشير التقارير إلى وجود مليوني طفل يعانون معاناة كبيرة جراء تفشي سوء التغذية في البلد والتي أصبحت الطفلة سعيدة أحمد باغيلي الوجه الرمزي لتلك المعاناة التي تطبق خناقها عليهم.
والكثير من الكوارث الاقتصادية والاجتماعية الأخرى… كل هذا كان من أجل تقديم المصالح السعودية والإيرانية والغربية في هذه الحرب.
ولكن من المؤسف أن إسكات الأسلحة لن يكون كافياً لإسكات العواقب الإنسانية المأساوية والكارثية التي غرست مخالبها في أحشاء الشعب اليمني.
ولا يزال تنفيذ اتفاق ستوكهولم، الذي يُنتقد في بعض الأحيان، بطيئا في تنفيذ مخرجاته حتى يومنا هذا، بالرغم من كونه لم يتم الإلقاء به ببساطة في غياهب النسيان لعدة أشهر.
وكما وصف “جان فرانسوا ريفاود” المدير العام لمنظمة العمل ضد الجوع :”إن الدراما الإنسانية التي تتكشف الآن في اليمن تشكل إنكاراً جماعياً للإنسانية”.
لذا، بطبيعة الحال، نحن لسنا سياسيين، ولا يمكننا أن نتصرف بحجم قوة الدولة، ولكننا نستطيع، على مستوانا، أن نعمل ونتصرف مع الإنسانية والضمير فيما يتعلق بما تمليه علينا مبادئنا الدينية.
وعلى هذا، وكما هو الحال مع المواطنين الفرنسيين من المسلمين (ولكن هذه الرسالة موجهة في واقع الأمر إلى كل المسلمين)، ويبدو لي أن من الأمور البالغة التعقيد في كثير من الحالات أن أتمكن من القيام بشيء أخر غير الاحتجاج وتجنب أكبر قدر ممكن من الإسهام بطريقة أو بأخرى في إعطاء أموالنا لمن يستخدمونها جزئياً لبيع الأسلحة إلى المتحاربين.
وهو ما يبدو أن الأمر كذلك بالنسبة للدولة الفرنسية (وفقاً للتقارير الصادرة عن صحيفة لوموند، أو العديد من المنظمات غير الحكومية مثل منظمة العفو الدولية).
ومع ذلك، فإن المملكة العربية السعودية هي أحد أكبر اللاعبين في حيثيات الصراع الدائر في اليمن, حيث تنضوي تحت رايتها منظومة التحالف العربي العسكري والمكون من دول عربية سنية.
يكمن المصدر الثاني للدخل في السعودية بعد النفط, في الإيرادات الناتجة عن ما يعرف بالسياحة الدينية, عن طريق الحج الأكبر والأصغر – الحج والعمرة- إلى مدينة مكة المقدسة في الدين الإسلامي.
حيث تدر هذه السياحة عشرات المليارات من الدولارات من العائدات كل عام، ومن المحتم أن هذه الأموال تساهم في تمويل الجيش والإنفاق العسكري الذي يصل إلى 8% من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة.
وبمعنى أخر, فإن ما يتم الحصول عليه من أموال الحج والعمرة, يعتبر جزء من تمويل الكارثة الإنسانية في اليمن.
ومع العلم بهذا، يظهر سؤال أخلاقي في رأيي: ألا ينبغي لنا، كمواطن مسلمين، أن نرفض أن نعطي أموالنا عن علم وعن طيب خاطر إلى الحكومة السعودية، التي تشارك في تدمير هذا البلد وإذاقة سكانه – من أبناء التيار السني “الزيدية”- ويلات الحرب والخراب, وذلك من خلال رفض أداء مناسك الحج والعمرة إلى مكة, وذلك حتى يعم السلام على هذا الجزء المنسي من العالم؟
ألا تسمح لنا الرسالة القرآنية، في الأخلاق التي تنتشفها، بطرح السؤال بشكل مشروع وأن يتم وضعه؟
وبطبيعة الحال، لا تقتصر مشاكل الإنسانية التي يواجهها السكان المسلمين على الوضع الراهن الذي تعيشه اليمن.
ولكن لمجرد أننا لا نستطيع أن نعمل على كافة المستويات والأصعدة وأن نكافح كل شيء كما نريد، فإن هذا لا يعني أننا لا ينبغي لنا أن نفعل شيئاً أو نقوم به حين تتوفر لدينا الوسائل والسبل اللازمة للقيام بذلك.
* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.