بقلم: ديفيد هاردن  (موقع “ذا هيل” الأمريكي- ترجمة: انيسة معيض, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)

في وقت سابق من هذا الشهر، قام المغرب بتطبيع العلاقات مع إسرائيل, وفي المقابل, وافقت الولايات المتحدة على الاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية.

يأتي هذا الإعلان استمراراً لاتجاه التقارب العربي الإسرائيلي خارج نطاق تسوية الوضع النهائي مع الفلسطينيين.

هذه الاتفاقية إلى جانب “اتفاقيات إبراهيم” السابقة التي تطبعت العلاقات الإسرائيلية مع الإمارات والبحرين والسودان، هي نقاط إيجابية في منطقة معروفة في كثير من الأحيان بمنطقة حروب.

لحسن الحظ، من المرجح أن يكون هناك المزيد من اتفاقيات السلام مع خروج الشرق الأوسط من حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية.

في إطار جهودها لتعزيز السلام الإقليمي وبناء تحالف إسرائيلي سني ضد إيران، تسارع الولايات المتحدة لتقديم هدية للسعودية مقابل صفقة تطبيع مع إسرائيل.

وماذا عن الهدية؟ في الأسابيع الأخيرة، من المرجح أن تصنف إدارة ترامب الحوثيين في اليمن كمنظمة إرهابية أجنبية، مما يجعل تقديم الدعم المادي عن علم لأي كيان أو شخص يعمل الى جانب الحوثيين جريمة فيدرالية.

وفي ظاهر الأمر، يبدو حظر الموارد على الحوثيين معقولاً.

من المؤكد أن الحوثيين هم جهات فاعلة سيئة – منظمة إرهابية عنيفة هاجمت المصالح الأمريكية بشكل مباشر، وتتحمل المسؤولية الأساسية عن الكارثة الإنسانية في اليمن, حيث يوجد أكثر من 24 مليون شخص في حاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية.

من خلال هذا التصنيف، تسعى الإدارة إلى معاقبة الحوثيين وإضعاف إيران وتقوية المملكة العربية السعودية ودعم الحكومة اليمنية المنفية.

لكن في الواقع، من المرجح أن تؤدي هذه المناورة إلى مزيد من زعزعة الاستقرار في شبه الجزيرة العربية.

يسيطر الحوثيون على العاصمة اليمنية صنعاء، بالإضافة الى الموانئ الرئيسية والبنية التحتية الحيوية اللازمة لبقاء معظم السكان المدنيين في اليمن.

سوف يحظر تصنيفها منظمة ارهابية اجنبية الدعم المادي – بما في ذلك جميع تجارة الأغذية والأدوية وإمدادات الصرف الصحي والمساعدات الإنسانية والسلع الأساسية الأخرى – في المناطق التي يسيطرون عليها، أثناء تفشي جائحة كورونا العالمية.

يعاني اليمن بالفعل من تفشي مجاعة وستستمر العملة اليمنية، الريال، في الانخفاض وستنهار القوة الشرائية للأسر.

هناك مخاطر أخرى غير متوقعة, على سبيل المثال، ستواجه الأمم المتحدة تحديات في التخفيف من التسرب النفطي الهائل المحتمل من البحر الأحمر من ناقلة النفط صافر المتهالكة – وهو تسرب يحتمل أن يكون أكبر بأربع مرات مما كان عليه التسرب النفطي لشركة Exxon Valdez – إذا لم يتم التفاوض مع الحوثيين.

سيؤدي هذا الانسكاب إلى إغلاق ميناء الحديدة الرئيسي، وبالتالي زيادة تعطيل الإمدادات الغذائية.

اليمن هو بالفعل أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وقد يؤدي تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية إلى مجاعة واسعة النطاق.

على الرغم من الخسائر البشرية المذهلة، هزمت ميليشيا الحوثي التي لا تمتلك ما يكفي من العتاد وبشكل فعال ومفاجئ، التحالف الذي تقوده السعودية في ساحة المعركة، بما في ذلك ما يسمى بالحكومة اليمنية.

لقد استولى المتمردون على الأراضي السعودية في بعض الأحيان, كما يواصلون شن هجمات صاروخية على المدن السعودية الكبرى ويهددون مدينة مأرب اليمنية الرئيسية.

طوال الحرب، كان السعوديون غير قادرين على وقف مسيرة الحوثيين الحثيثة للسيطرة على اليمن أو المساعدة التي يتلقونها من إيران.

تضغط إدارة ترامب على السعودية لتطبيع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل قبل مغادرة ترامب البيت الأبيض وتعرض تصنيفها للحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية.

الأمر الذي – بالنسبة للسعودية – يمكن أن يحد من هيمنة الحوثيين على شمال اليمن, لكن سيكون من الأفضل للسعودية وإسرائيل التفاوض على السلام من أجل السلام في ظل إدارة بايدن القادمة، بدلاً من إغراق اليمن في انهيار إنساني خارج عن السيطرة.

ستحتاج السعودية أولاً إلى إعادة تفعيل علاقتها مع إدارة بايدن, في الفترة التي سبقت انتخابات نوفمبر، كان الرئيس المنتخب بايدن واضحاً أن مأساة اليمن يجب أن تنتهي.

هناك أيضاً إجماع في الكونجرس على أن السعودية تتحمل مسؤولية كبيرة عن حرب اليمن المستمرة واعتراف الحزبين بأن تصنيف منظمة إرهابية أجنبية سيزيد من زعزعة استقرار البلد.

بدلاً من المساعدة في التوصل الى حل في الحرب الأهلية في اليمن، ستعمل السعودية على تعميق الأزمة بتصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية.

وسيكون لديها الملايين من اليمنيين الجائعين على حدودها الطويلة والمليئة بالثغرات و تمرد حوثي قوي الذي من المرجح أن يزيد من استخدامهم للأسلحة الإيرانية لتسريع وتيرة تعقيد الهجمات ضد البنية التحتية والمدن والموانئ السعودية.

مثلما أصبح حزب الله وحماس أقوى بعد تصنيفهما كمنظمة إرهابية أجنبية عام 1997, سيسعى الحوثيون إلى نمو مماثل في القوة العسكرية والنفوذ الإقليمي.

فيما يتعلق بإسرائيل، فإن إعادة الاصطفاف المتنامي مع الدول السنية لا رجوع فيه.

ومع ذلك، سيحتاج رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى تصحيح المسار مع إدارة بايدن القادمة ومن المؤكد أن الرئيس الأمريكي المنتخب لم ينس نتنياهو وهو يحاول إحراجه في رحلته إلى إسرائيل عام 2010 من خلال الإعلان عن المزيد من بناء المستوطنات في الضفة الغربية.

كما سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى إذلال الرئيس أوباما آنذاك ونائب الرئيس بايدن من خلال إلقاء خطاب عام 2015 المعارض للاتفاق الإيراني في جلسة مشتركة للكونجرس، بصفته شخصية أجنبية دون دعوة من البيت الأبيض.

يجب أن يبدأ نتنياهو بالاعتراف بأن الحوافز المحفوفة بالمخاطر التي تقدمها إدارة ترامب للسعودية تتعارض مع المصالح الاستراتيجية الأمريكية والإسرائيلية على المدى الطويل.

ثانياً، ستستخدم إيران تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية لصالحها، وهو أمر يأتي بنتائج عكسية خاصة بالنظر إلى أن إدارة بايدن ستعيد التفاوض قريباً لكبح مسيرة إيران نحو انتاج القنبلة النووية.

هدف إيران هو تشكيل المنطقة من خلال “الهلال الشيعي” للقوة من بيروت عبر دمشق وبغداد وصنعاء، مدعومة بقدرات نووية محلية.

يسمح تحالف حوثي أعمق في اليمن لإيران بإبراز تهديدات مزعزعة للاستقرار للسعودية على طول جناحها الجنوبي.

مع تفاوض إيران من قوة إقليمية أكبر، ستجد الولايات المتحدة صعوبة في كبح جماح رجال الدين وهو الامر الأكثر الحاحاً من الطموحات النووية.

والأهم من ذلك، أن ملايين اليمنيين قد يعانون من هذه الحيلة لحث السعودية على الموافقة على السلام مع إسرائيل.

هذا هو السبب في أن برنامج الغذاء العالمي وصندوق الأمم المتحدة للطفولة قد وجهوا إشعاراً للمسؤولين الأمريكيين: ان إيقاف جميع المساعدات الإنسانية وحظر المعاملات التجارية للسلع الأساسية سيكون لهما عواقب وخيمة.

*ديفيد هاردن: عضو منتدب لمجموعة جورج تاون الإستراتيجية ومدير مساعد سابق في مكتب الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية للديمقراطية والصراع والمساعدات الإنسانية، أشرف على المساعدة الأمريكية لجميع الأزمات العالمية.

* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.