التداعيات المترتبة على اغتيال محسن زاده
السياسية – مركز البحوث والمعلومات: زيد المحبشي
يعتقد الصهاينة، ومن ورائهم راعي البقر “ترامب” بأن اغتيال قامة علمية بحجم العالم النووي الإيراني “محسن زاده”، سيكون له وقع الزلزال على إيران ومن ورائها محور المقاومة والممانعة، وهو اعتقاد خاطئ وواهم، لأن تصفيته بحسب التقديرات الاستراتيجية الغربية سيكون لها تأثير رمزي فقط، على أنشطة إيران النووية الحالية، لكن إذا سعت للعودة إلى برنامج أسلحة أكثر نضجاً، فسوف تفتقد خبرته القيّمة.
بمعنى أوضح، إيران فقدت شخص “زاده” لا إرثه المعرفي والعلمي، لذا يرى الرئيس الإيراني، “حسن روحاني”، أن اغتيال “زاده”، “لن يُبَطِئ برنامج إيران النووي”، بل على العكس سيؤدي الى تسريع وتيرة الأنشطة النووية الإيرانية، مؤكداً أن بلاده سترد “في الوقت المناسب”، لكن مقتل “زاده”، “لن يدفع إيران إلى اتخاذ قرارات متسرعة”.
وعموماً لا يمكن قراءة اغتيال زاده بعيداً عن العملية التدميرية التي استهدفت صالة تجميع أجهزة الطرد المركزي بمنشأة “نطنز” النووية، في 2 يوليو 2020، ومن المحتمل أن يكون تأثير استهداف منشأة “نطنز”، على البرنامج النووي الإيراني أكبر من اغتيال “زاده”، لأن الانفجار دمر منشأة جديدة لتجميع أجهزة الطرد المركزي المتقدمة، كانت إيران تبنيها كجزء من ردها على مغادرة واشنطن خطة العمل الشاملة المشتركة في 8 مايو 2018، ومن ذلك الحين تعيّن على إيران الشروع في بناء واحدة جديدة تحت الأرض، بالقرب من “نطنز”.
إذن فنحن أمام استهداف نوعي وممنهج لطهران، لا يقل خطورةً، ولا أهمية عن الاستهداف العسكري والاقتصادي، الذي يتجاوز حاجز التفوق النووي إلى تقزيم الدور الإقليمي للجمهورية الإسلامية في إيران.
اغتيال “زاده” أثار العديد من التساؤلات، حول التداعيات المترتبة عليه والسيناريوهات المحتملة، بالتوازي مع تزايد المخاوف من اتجاه المنطقة الى مزيد من الحرائق، في ظل الاستقطاب الحاد بين محور التطبيع والانبطاح ومحور المقاومة والممانعة، وما رافقه من كوارث “ترامبية”، ستحتاج إدارة الديمقراطي “بايدن” سنوات، لإخمادها، ولا أحسبها ستفعل، لأن منطوق تصريحاته في العقود الثلاثة الماضية تؤكد بأنه صهيوني أكثر من الصهاينة، وهذا حال كل ساكني البيت الأسود، ولا جديد في ذلك باستثناء زيادة سفور وفجور صهاينة العرب.
أميركا الديمقراطيين اعتبرت على لسان الرئيس السابق لوكالة المخابرات المركزية الأميركية “جون برينان”، اغتيال “زاده” عمل “إجرامي” و”طائش للغاية” ويهدد بإشعال الصراع في المنطقة، مُبدياً تمنياته بأن تكون الحكومة الإيرانية “حكيمة” لتجنب الانتقام، وانتظار تسلم الساحر “جو بايدن” مقاليد الحكم في بلاده.
في الاغتيالات التي طالت أربعة من علماء البرنامج النووي الإيراني خلال الفترة “2010 – 2012″، سارعت إدارة الديمقراطي “باراك أوباما” الى إدانتها، لأنها كانت تعلم أن جرائم القتل لن تؤدي إلى انتكاسة كبيرة لبرنامج إيران النووي، بقدر ما ستؤدي إلى تقويض أي جهد، للتفاوض على اتفاق للحد منه.
وبافتراض مسؤولية إسرائيل وتورط إدارة “ترامب” في استفزازات إسرائيلية إضافية، نجد أنفسنا الآن في وضع مشابه، ولكن ربما يكون أكثر خطورة خلال الشهرين المقبلين، خاصة إذا فشل “بايدن” وفريقه للسياسة الخارجية في إيصال رسالة شديدة اللهجة لإسرائيل، بأنها ستتحمل وحدها التكاليف، إذا استمرت في شن هجمات داخل إيران خلال الفترة الانتقالية الحالية.
أهداف شيطانية متدحرجة:
يسعى الكيان الصهيوني وإدارة “ترامب” ومعهم صهاينة العرب في السعودية والإمارات، من وراء اغتيال علماء إيران، وتوتير العلاقة مع هذا البلد المسلم الحر، وزيادة الضغوطات والعقوبات عليه، الى تحقيق رزمة من الأهداف الصهيونية الهوى والهوية، منها ما هو بعيد المدى ومنها ما هو آني ومرحلي.
1 – إنهاء النفوذ الإيراني الإقليمي أو الحد منه: رغم الضغوط الاقتصادية الذي تعيشها إيران، جراء العقوبات الأميركية المتلاحقة عليها منذ انسحاب “ترامب” من الاتفاق النووي في 8 مايو 2018، إلا أن طهران ما زالت ترفض الانصياع للمطالب الأميركية، ما دفع إدارة “ترامب” في عامها الأخير إلى تطعيم سياسة “الضغط الأقصى” بعمليات عسكرية وأمنية، للحد من النفوذ الإيراني المباشر قبل نفاد الوقت، كما في عملية اغتيال “قاسم سليماني” ونائب قائد الحشد الشعبي العراقي “أبو مهدي المهندس”.
كما عملت إسرائيل على تكثيف عملياتها العسكرية في سورية والعرق، استغلالاً للفترة المتبقية لولاية “ترامب”، لتسجيل نقاط كبيرة، فيما يرتبط بالحد من التواجد والنفوذ الإيرانيين في سورية والعراق.
2 – كبح أو عرقلة أو تبطيئ التقدم الإيراني في البرنامج النووي: لم ينفصل انفجار منشأة “نطنز” النووية عن سياق الأهداف الأميركية والإسرائيلية المطلوبة في إطاره، فالانفجار، بحسب المتحدث باسم هيئة الطاقة النووية الإيرانية “بهروز كمالوندي”، أدّى إلى إبطاء تطوير وإنتاج أجهزة طرد مركزي متطوّرة على المدى المتوسط.
3 – إيقاف البرنامج الصاروخي: مع بدء العدّ التنازلي لانتهاء ولاية “ترامب”، وفي ظل المؤشرات القادمة إلى نهج مختلف ستتبعه إدارة الرئيس المنتخب “بايدن” مع طهران، استنفرت إسرائيل طاقاتها للاستفادة من هامش الوقت الذي يسبق تسلُّم “بايدن” مهماته رسمياً في 20 يناير 2021، لتوجيه ضربة لإيران في ملف البرنامج الصاروخي، لذا قررت تصفية “زاده”، المسؤول عن تحضير إيران لصواريخ نووية، حد زعم الكيان الصهيوني.
واجمالا يسعى الكيان الصهيوني من وراء اغتيال “زاده” الى خلط الأوراق، أملاً في:
1 – استفزاز إيران تمهيداً لتوجيه ضربة نووية لها: وهو ما أشار إليه خبير الشرق الأوسط والباحث المختص في العلاقات الأميركية الإيرانية “شتيفان كينسلر”، في تغريدة له على “تويتر”، واتخاذ أي رد إيراني متسرع ذريعة لشن حرب ضدها، ووقف أي حلول دبلوماسية معها بشأن برنامجها النووي، وهو ما يذهب إليه الدبلوماسي السابق “مارك فيتسباتريك”، والذي كان مسؤولاً عن مكافحة انتشار الأسلحة النووية في وزارة الخارجية الأميركية.
2 – الإبقاء على منسوب التوتر القائم بين طهران وواشنطن بعد قدوم الإدارة الأميركية الجديدة، وتعقيد أي مفاوضات مستقبلية بين إيران وأميركا حول الملف النووي الإيراني، والحيلولة دون عودة إدارة “بايدن” الى الاتفاق النووي مع إيران، بما يحول دون خفضها، وتراجع “الضغوط القصوى” الأميركية، التي بدأها “ترامب” كاستراتيجية شاملة في مواجهة إيران، بعد الانسحاب من الاتفاق النووي في 8 مايو 2018.
وهو ما يُصَعِّب المهمة أمام “بايدن” في التعامل مع هذا الملف الذي بات محفوفاً بالمخاطر، عقب استهداف شخصية بحجم “زاده”، بعد أقل من عام على تصفية أحد أبرز العقول العسكرية القوية في الجيش الإيراني “سليماني”.
ومن المرجح تسريع إسرائيل عملياتها السرية ضد البرنامج النووي الإيراني في الفترة المتبقية من ولاية “ترامب”، وأثناء إدارة “بايدن” المقبلة، في محاولة لجعل المفاوضات الأميركية الإيرانية المحتملة أكثر صعوبة.
في المواقف تعتقد مجلة “ستراتفور” الأميركية أن اغتيال “زاده” لن يؤثر مادياً على برنامج إيران النووي، لكن اغتياله مؤشر هام على أن الولايات المتحدة وإسرائيل تُسَرِّعان استراتيجيتهما السرية ضد إيران في الأيام الأخيرة لإدارة “ترامب”.
وعموماً، فالاغتيال بحسب “روبرت مالي” مستشار “أوباما” في الملف الإيراني والمستشار غير الرسمي لفريق “بايدن”: يأتي في إطار سلسلة من التحركات التي تمت خلال الأسابيع النهائية في ولاية “ترامب”، وتهدف إلى زيادة صعوبة مهمة “بايدن”، المتعلقة بإعادة التواصل مع إيران.
سيناريوهات مفتوحة:
شبح الحرب:
يراهن التحالف “الصهيوني الترمبي السعودي الإماراتي”، على بدء إيران بشن هجوم ضد إسرائيل، ويوظف كل إمكانياته من أجل إشعال صراع أوسع يجذب أميركا، ما يؤدي إلى مواجهة بين اميركا وإيران، كان “نتنياهو” يسعى إليها منذ فترة طويلة، وهي أكثر إلحاحاً الآن، بعد أن تعرض “ترامب” للهزيمة أمام “بايدن”، وتزايد المخاوف من إمكانية انغلاق الفرص المتاحة للحرب.
ويخشى هذا التحالف الشيطاني، من أن تؤدي عملية اغتيال “زاده”، وغيرها من الهجمات والاغتيالات الصهيونية المستقبلية المحتملة، واحتمالية حدوث أي تحول في تعاطي إدارة “بايدن” مع الملف الإيراني، إلى تقوية موقف إيران وتضائل فرص انفتاحها على أي مفاوضات حول ملفات الاشتباك الثلاثة – النووي والصاروخي والنفوذ الإقليمي.
ولذا يحاول رئيس الوزراء الصهيوني بدعم مطلق من الرياض وأبو ظبي استغلال الفترة المتبقية من ولاية “ترامب” لفعل كل ما في وسعه لإنقاذ سياسة “الضغط القصوى”، ويساعده “ترامب” في ذلك من خلال إصدار عقوبات جديدة ضد طهران، والقوى الإقليمية القريبة منها، ولا يستبعد المراقبون أن تذهب حكومة “ترامب” إلى أبعد من ذلك، بهدف إفساد فرص “بايدن” في استئناف الدبلوماسية مع إيران، بدعوى أنّ إيران لا تزال تعمل على صنع قنبلة نووية، وجر أميركا “بايدن” إلى الحرب دون خوف من العقاب.
فـ”نتنياهو” غير مستعد لتأييد مسار أكثر اعتدالاً تجاه طهران، قد تسعى اليه إدارة “بايدن”، وهو منذ سنوات، يعتبر نفسه في مهمة تلمودية مقدسة لردع إيران، ولهذا السبب، يبذل كل ما في وسعه لمنعها من صنع قنبلة نووية، وحتى في ظل ولاية “بايدن”، من غير المرجح أن يتغير شيء في هذا الشأن، حيث تقوم إسرائيل عادةً بفعل ما تراه ضرورياً لضمان أمنها القومي.
التمهل والانتظار:
تُفَضِل إيران دوماً استخدام سياسة “الصبر الاستراتيجي”، بمعنى التهدئة والانتظار الى حين تسلم الرئيس الأميركي الجديد “بايدن” مقاليد الحكم في بلاده في 20 يناير 2021، للتعامل معه، من أجل التوصل لاتفاق أميركي إيراني جديد حول الملف النووي، يُعِيد الحياة الى اتفاق 2015، بعد عامين من انسحاب واشنطن منه، لكن هذا الخيار محفوفٌ بالكثير من المخاطر، ودونه حقل طويل من الألغام السياسية.
وهناك آمال كبيرة في أوساط دُعاة السلام والتعايش، في أن يتبع “بايدن” سياسة تحفز إيران لانتهاج المسار الدبلوماسي، خصوصاً بعد اعترافه العلني في حوارٍ مع شبكة “سي إن إن”، بتاريخ 4 ديسمبر 2020، تعقيد سياسة “ترامب” جهود منع إيران من امتلاك سلاح نووي: “ما فعله ترامب هو دفع الإيرانيين لزيادة قدرتهم على امتلاك مواد نووية”، متعهداً بعودة واشنطن للالتزام بالاتفاق النووي لعام 2015، إذا التزمت به إيران.
مرشحه لمنصب مساعد الرئيس لشؤون الأمن القومي “جاك سوليفان”، في مقابلة مع صحيفة “وول ستريت جورنال” بتاريخ 7 ديسمبر 2020، هو الأخر يرى أن العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة بشأن برنامج إيران النووي، “ممكنة”، و”قابلة للتحقيق”: سترسخ عودة الولايات المتحدة إلى قائمة المشاركين في الاتفاق النووي، ورفع العقوبات الاقتصادية التي فرضتها إدارة دونالد ترامب ضد طهران، الأساس لـ “مفاوضات لاحقة” حول مسائل أوسع.
بمجرد تسلم “بايدن” الرئاسة سيتعين عليه التحرك بسرعة فائقة، للعودة الى آليات الاتفاق النووي، إن كان كما يزعم يريد التسريع بإبعاد إيران نوعاً ما عن امتلاك قنبلة نووية كبيرة، وكبح البرنامج الصاروخي الايراني الذي لا يشمله الاتفاق النووي، والحد من التدخلات الإيرانية في الشرق الأوسط، وهي نفس أهداف الكيان الصهيوني.
وترجح مجلة “ستراتفور” الأميركية توجه إدارة “بايدن”، للتفاوض مع إيران، للتوصل إلى اتفاق أولي بشأن “الامتثال مقابل الامتثال” في أوائل عام 2021 لتجنب حدوث أزمة، لكن يظل التصعيد محتملاً، إذا لم يتمكن “بايدن” من الدخول بسرعة في المحادثات، وتقديم تنازلات.
وفي حال قررت إدارة “بايدن” فتح محادثات مع إيران، فستكون أمام معضلتين:
1 – مواجهة ضغط كبير من الحزب الجمهوري، الذي سيرغب في الحفاظ على الإشراف، على أي نوع من تخفيف العقوبات، مثل قانون المراجعة فيما يتعلق بخطة العمل الشاملة المشتركة، حتى لا يتم التفاوض مع إيران تحت ضغط.
وسيكون هناك خلاف حتى حول اتفاقية تجعل إيران تدخل من جديد في خطة العمل الشاملة المشتركة، لأن صقور واشنطن يريدون استخدام نفوذ العقوبات لانتزاع تنازلات أخرى، مثل برنامج إيران الصاروخي ودعم الوكلاء الإقليميين، حيث أصبحت هذه القضايا أكثر أهمية في نظرهم بسبب استخدام إيران الموسع لتلك الاستراتيجية على مدى السنوات الخمس الماضية.
2 – الرفض الإيراني للخوض في مفاوضات حول ملف الصواريخ، وابداء الاستعداد للمفاوضات حول الملف النووي فقط، شريطة عودة واشنطن الى الاتفاق النووي، ورفع العقوبات المفروضة على إيران دون شروط، وتعويضها عما تكبدته منذ العام 2018، جراء إخلال واشنطن بالاتفاق النووي.
الرد المتحفظ:
تذهب التوقعات الى أنه في حال كان هناك توتر بين “نتنياهو” و”بايدن” ما بعد 20 يناير 2021، فهذا قد يُمكِّن إيران من القيام بعمليات محدودة ضد إسرائيل، للرد على إغتيال “زاده”، لكن مع ضمان ألا تؤدي الى إشعال حرب مفتوحة، لا يبدو أن أحداً مستعداً لها.
الانتقام الإيراني من إسرائيل على اغتيال “زاده” لن يكون محدوداً جغرافياً بالضرورة، وقد يأتي بعد شهور أو حتى سنوات، كما رأينا في سلسلة الاغتيالات التي طالت علماء إيران النوويين خلال الفترة “2010 – 2012″، جاء على شكل هجمات على دبلوماسيين إسرائيليين في جورجيا والهند وتايلاند في العام 2012، بعد عامين تقريباً من الاغتيال الأول وهجوم “ستوكسنت” على برنامج إيران النووي، وتشمل الخيارات الإيرانية المحتملة:
1 – الهجوم على الدبلوماسيين والسفارات الإسرائيلية في الخارج.
2 – استهداف المصالح الإسرائيلية في دول الخليج العربي.
3 – القيام بعمليات “سيبرانية” كبيرة ضد إسرائيل، وهذا يشمل “تجنيد عناصر داخلية، في تل أبيب”، كما حدث في العام 2019، عندما اتهم الكيان الصهيوني وزير الطاقة السابق “غونين سيغيف” بالتخابر لصالح إيران.
4 – الهجمات الصاروخية بما في ذلك صواريخ حلفاء إيران في أماكن مثل لبنان وسورية وفلسطين والعراق واليمن.
عملياً، أصدرت طهران عدة قرارات كمرحلة أولية للرد على اغتيال “زاده”، تمثلت في:
1 – التهديد بإنهاء التعامل مع الوكالة الدولية، وإخراج جميع مفتشيها، والانسحاب من الاتفاق النووي.
2 – إقرار مجلس الأمن القومي الإيراني في 5 ديسمبر 2020 مشروع قانون “الإجراءات الاستراتيجية لإلغاء العقوبات وحماية مصالح الأمة الإيرانية”، القاضي بتحرير طهران من التزاماتها النووية، وتسريع الأنشطة النووية، رفع نسبة تخصيب اليورانيوم الى 20 %، وزيادة مخزونها من اليورانيوم منخفض التخصيب.
وتتعارض النسبة المعلنة مع الاتفاق النووي لعام 2015، والذي لا يسمح لطهران بتخصيب اليورانيوم بنسبة تفوق 3.67 %، وحتى الآن لم تتجاوز نسبة التخصيب 4.5 %، بزيادة بسيطة.
ومن المتوقع أن يؤدي تركيب أجهزة الطرد المركزي الأكثر تقدماً إلى زيادة القدرة الإنتاجية لبرنامج التخصيب، بعد أن كان المسموح لإيران بموجب اتفاق 2015، استخدام أجهزة طرد مركزي قديمة من الجيل الأول، ذات قدرات محدودة فقط.
وسيكون إنتاج معدن اليورانيوم، بحسب توقعات مجلة “ستراتفور” الأميركية، مقلقاً أيضاً، لأن التطبيق الرئيسي لمعدن اليورانيوم يكمن في الرؤوس الحربية النووية، مما يثير تساؤلات حول ما إذا كانت إيران ستعيد تشغيل جانب الأسلحة في برنامجها النووي، الذي كان يترأسه “زاده”، والذي تم تعليقه إلى حد كبير وفق كل المعلومات المعلنة لما يقرب من عقدين.
كما سيؤدي تعليق “البروتوكول الإضافي للاتفاق النووي” إلى عدم قدرة أميركا وأوربا على مراقبة كل هذه التطورات، مما يجعل الوضع يذكرنا بعامي 2011 و2012، عندما كان الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية احتمالاً واقعياً للغاية، قبل أن تبدأ المحادثات بين إيران وأميركا.
ومن المستبعد اعلان إيران رسمياً الانسحاب من الاتفاق النووي، لأنها خارج الاتفاق بشكل ضمني منذ العام 2019، واللجوء الى هكذا خطوة حالياً، سيؤدي الى خسارة كل الجهود الأوربية والروسية والصينية التي تقدم لها دعماً شكلياً وإعلامياً وسياسياً.
ودأبت إيران على تحويل مفاعل “أراك” للمياه الثقيلة إلى مفاعل يعمل بالماء الخفيف بموجب الاتفاق النووي، لكن التراجع عن ذلك من شأنه إثارة قلق الغرب، لأن التصميم الأصلي يمكنه إنتاج “البلوتونيوم” كمنتج ثانوي، وهو ما يمكن استخدامه في سلاح نووي.
ووفقاً لقانون “إلغاء العقوبات”، ستنسحب إيران أيضاً من “البروتوكول الإضافي”، إذا فشلت أطراف الاتفاق في اتخاذ خطوات حول عودة العلاقات المصرفية الإيرانية وصادرات النفط إلى طبيعتها في غضون شهرين.
كما يسعى لمنع مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية من الوصول إلى المواقع النووية الإيرانية في حالة عدم تلبية المحادثات للتوقعات الإيرانية.
ومع ذلك، فإن الغموض في القانون والخيارات السياسية المتاحة للمجلس الأعلى للأمن القومي ومرشد الثورة الإسلامية السيد “علي خامنئي”، يشير إلى أن طهران ستختار كيفية ممارسة أحكام القانون، اعتماداً على مدى التقدم مع أميركا وأوربا بشأن مأزق العقوبات.
لكن في حال تم تنفيذ قانون “إلغاء العقوبات” بالكامل قبل 20 يناير 2021، فسيضع الملف النووي الإيراني على أعتاب أزمة في غضون المائة يوم الأولى من إدارة “بايدن”، لأن التحركات التي تتخذها إيران بموجب القانون، ستهدف إلى الحد بشكل كبير من عوائق الاختراق النووي الإيراني، وهو الوقت الذي ستستغرقه إيران لإنتاج ما يكفي من المواد الحربية من أجل سلاح واحد، وفي هذه الحالة قد يوقع “ترامب” أيضاً على توجيه ضربة استباقية ضد منشأة إيرانية مثل “أصفهان” أو “نطنز” أو “فوردو” لوقف ذلك.
المراجع:
1 – تريتا بارسي، شبح الحرب.. ماذا بعد اغتيال العالم النووي الإيراني فخري زادة؟، مجلة ريسبونسيبل ستيت كرافت الأميركية، ترجمة الخليج الجديد، 28 نوفمبر 2020
2 – عماد عنان، اغتيال فخري زاده.. 3 أهداف ورسالة وشكوك بشأن الرد الإيراني، نون بوست، 28 نوفمبر 2020
3 – محمد محسن أبو النور، 3 سيناريوهات متوقعة لرد إيران على اغتيال زاده، سبوتنيك عربي، 30 نوفمبر 2020
4 – أورينت نت، ماذا يعني اغتيال كبير علماء إيران النوويين في المواجهة مع أميركا وإسرائيل؟، 28 نوفمبر 2020
5 – الخليج الجديد، مجلس الأمن القومي بإيران يقر قانونا يلغي الالتزامات النووية، 5 ديسمبر 2020
6 – الشارع السياسي المصري، اغتيال العالم النووي الإيراني “محسن زاده” – الرسائل والتداعيات وسيناريوهات المستقبل، 3 ديسمبر 2020
7 – مجلة ستراتفور الأميركية: كيف سترد إيران على اغتيال فخري زاده؟، 28 نوفمبر 2020
وكذا: تفعيل إيران للقانون النووي الجديد يهدد بضربة عسكرية من ترامب، ترجمة الخليج الجديد، 6 ديسمبر 2020
8 – نيويورك تايمز، الموساد وراء اغتيال فخري زاده بطهران، ترجمة الخليج الجديد، 27 نوفمبر 2020
9 – روسيا اليوم، مساعد بايدن: من الممكن عودة واشنطن للاتفاق النووي مع إيران، 8 ديسمبر2020