بقلم: فريدا غيتيس

( صحيفة ” واشنطن بوست” الامريكية – ترجمة: انيسة معيض, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)

في الأسبوع الماضي، أعلن الرئيس ترامب أن المغرب وافق على إعادة العلاقات مع إسرائيل.

يأتي ذلك بعد أن وافق السودان على أتفاق في أكتوبر، وفعلت الإمارات العربية المتحدة والبحرين الشيء نفسه خلال الصيف عندما وقعت ما يسمى باتفاقيات إبراهيم.

تعد هذه التحركات الدبلوماسية  تحول مذهل في علاقات القوة في الشرق الأوسط.

قد تكون القصة الأكبر لم تأت بعد, لكن من المرجح أن تنتظر حتى يصبح جو بايدن رئيساً.

لا شك أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الزعيم الفعلي للمملكة العربية السعودية، راقب عن كثب كيف تجري المفاوضات في الاتفاقات الأخرى.

إنه يشعر بضغط ترامب وجاريد كوشنر الذي قاد سياسة الرئيس في الشرق الأوسط، وغالباً ما يقال إن له علاقة وثيقة بمحمد بن سلمان.

لكن محمد بن سلمان، يراقب لما يأتي بعد ترامب ويحتفظ بهذه الورقة القيمة لعقد صفقة مع الفريق الجديد.

الإعلان عن اتفاق مع إسرائيل الآن، بينما لا يزال ترامب في منصبه، سيكون هدية وداع جميلة, لكن يتعين على محمد بن سلمان الاستعداد للسنوات الأربع المقبلة, عندما يتولى رئيس أمريكي أقل قبولاً زمام الأمور.

يبدو أن العقبة الأكثر وضوحاً هي الاختلاف في الآراء داخل المملكة حول ما إذا كان ينبغي على السعودية، مهد الإسلام وواحدة من أقوى الدول العربية التحرك لتوقيع اتفاقية سلام رسمية مع الدولة اليهودية.

وسوف يستلزم ذلك أن تتخلى الرياض عن تعهدها الطويل الأمد بالانتظار حتى يصنع الإسرائيليون والفلسطينيون السلام.

أعلنت وسائل الإعلام الحكومية مؤخراً أن الملك سلمان، والد ولي العهد، قد أعاد التأكيد على “موقف المملكة الثابت تجاه القضية الفلسطينية”.

وهاجم أمير سعودي بارز آخر على الأقل، الأمير تركي الفيصل، إسرائيل بشكل غير متوقع خلال اجتماع أخير في البحرين.

في غضون ذلك، هناك أيضاً دليل على أن شريحة مؤثرة من الأسرة الحاكمة تريد السلام مع الإسرائيليين.

ومن بينهم الأمير بندر بن سلطان، السفير السابق في واشنطن منذ فترة طويلة، الذي انتقد القادة الفلسطينيين قبل أسابيع قليلة، قائلاً إن القضية الفلسطينية تعرضت للنهب من قبل إسرائيل والقادة الفلسطينيين على حد سواء.

والأهم من ذلك كله، يبدو أن محمد بن سلمان حريص على إضفاء الطابع الرسمي على العلاقة شبه السرية مع إسرائيل.

إنه من جيل يبدو أقل اخلاصاً للقضية الفلسطينية و ستساعد علاقاته مع إسرائيل على الدفع بأولوياته الرئيسية.

بالإضافة إلى توليه السلطة، فإن محمد بن سلمان لديه هدفان أساسيان: حماية المملكة من إيران والعمل على جعل الاقتصاد السعودي يكون بعيداً عن اعتماده على النفط.

على كلتا الجبهتين، ستكون الشراكة مع إسرائيل مثمرة, وفي الواقع، فإن إسرائيل والسعودية شريكان بالفعل في جهودهما لاحتواء إيران.

هل سيبرم محمد بن سلمان اتفاق مع إسرائيل إذا لم يكن والده موافقاً ؟ مع الأخذ بعين الاعتبار في ما فعله حتى الآن.

لقد قطع العلاقات مع دولة قطر المجاورة وفرض حصاراً لا هوادة فيه على البلد.

كما قام بسجن شخصيات سعودية بارزة واجبرهم على تسليم الكثير من ثرواتهم و قام بتشويه التنظيم الديني وشن حربا في اليمن.

الإجابة بالتأكيد “نعم”, يتبع محمد بن سلمان قناعته، و يقنع والده بالموافقة على أن يقوم به, لكن ليس بعد.

انظر إلى ما تقتضيه الدول العربية الأخرى مقابل السلام مع إسرائيل, فقد حصل المغرب على اعتراف واشنطن بامتلاكه للصحراء الغربية، وهو شيء لم تكن قادرةً على تحقيقه طيلة أربعة عقود.

وحصلت الإمارات على الضوء الأخضر لعملية شراء مثيرة للجدل للغاية لطائرات مقاتلة متقدمة.

تم سحب السودان للتو من قائمة الدول الراعية للإرهاب, وفيما لم يتلق بالبحرين أي شيء نعرفه، لكن من الجدير بالذكر أن الدولة الخليجية الصغيرة ما كانت لتقوم بهذه الخطوة المحفوفة بالمخاطر لولا موافقة الرياض الواضحة.

نظراً لأن السعودية هي الجائزة الكبرى، يعلم محمد بن سلمان أنه يستطيع اللعب بقوة لإحراز مكافآت كبيرة والحصول عليها في نهاية المطاف على الرغم من أنه وإسرائيل حريصان على جعل العلاقة رسمية.

هذا بسبب كل تحركات السياسة الخارجية من قبل إدارة ترامب ، فإن التطبيع الدبلوماسي الإسرائيلي هو الشيء الذي يريد بايدن حمايته وتوسيعه.

إن اتفاقيات السلام تخلق شرق أوسط أكثر استقراراً، حتى لو تجاهلت الفلسطينيين.

إن الفكرة القائلة بأن جميع المشاكل في الشرق الأوسط تنبع من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وأن العلاقات بين إسرائيل وجيرانها يجب أن تنتظر التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين، قد تم فضحها الآن.

لقد تعهد بايدن باتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه السعودية، لاسيما فيما يتعلق بحقوق الإنسان.

لقد قامت إدارة ترامب بحماية محمد بن سلمان حتى بعد أن قام عملائه بقتل وتقطيع أوصال جمال خاشقجي ، كاتب العمود في صحيفة واشنطن بوست.

من المرجح أن ينتظر محمد بن سلمان حتى يتولى بايدن منصبه قبل عقد اتفاق مع واشنطن بشأن العلاقات مع إسرائيل.

وهذه المرة، سيتعين على إسرائيل أيضاً المقايضة.

أفضل رهان مقابل التطبيع هو أن يقوم محمد بن سلمان بانتزاع بعض التساهل بشأن حقوق الإنسان من واشنطن.

قد يحصل أيضاً على بعض الامتيازات الأمريكية في المفاوضات مع إيران.

اسرائيل ايضا ستضطر إلى التنازل ربما عن الاستمرار في بناء المستوطنات في الضفة الغربية.

في النهاية، تتوق إسرائيل والسعودية إلى إقامة علاقات دبلوماسية, فكلاهما يريد ذلك, لكن في ظل حكم بايدن، سيبدو عقد الاتفاقات مختلفاً تماماً.

* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.