السياسية – وكالات :

بعيداً عن العواطف والرغبات، تتعرض اللغة العربية لمحنة وتحد في الوقت نفسه. فهذه اللغة التي ينطق بها نحو 400 مليون إنسان هي في القراءة العلمية منتج ثقافي، تحيا وتتوسع بالقدر الذي تقدم فيه نتاجاً علمياً وثقافياً ومعرفياً يساهم ويشارك في التقدم والتطور البشريين.

بهذا المعنى يحتدم النقاش بين المفكرين حول واقع اللغة العربية اليوم بين يائس من استمرارها على قيد الحياة كلغة حية فاعلة في الحضارة، نظراً لعجز الناطقين بها عن استعادة مجدها العلمي والثقافي الغابر، ومتفائل بقدرتها على الصمود والتجدد، ربطاً بحيويتها وكفاح الشعوب العربية للاستقلال والتبعية للغرب.

والتبعية للغرب هي أخطر العوامل التي تهدد اللغة العربية، باعتبار أن الهيمنة الغربية على وسائل الإنتاج والتواصل والمعرفة فرضت سيادة لغاته وأدوات التواصل التي يديرها، بينما اكتفى العرب بالركض في مكانهم.

لكن هذا التحليل لا يأخذ بعين الاعتبار صمود اللغة العربية وتواصلها، برغم قرون من الاستعمار والإفقار تتريكاً وفَرْنَسَةً وأمْركَة، وبرغم فشل الدول العربية في اللحاق بالنهضة العلمية والثقافية كمكونين جوهريين للحفاظ على الهوية.

لا تنقرض اللغة العربية برأي هؤلاء لكنها تعيش راهناً أزمة كبرى يتسبب بها رجحان ميزان القوى في مصلحة الحضارة الغربية، من دون أن يعني هذا الواقع هزيمة تهدد مستقبل اللغة.

السؤال اليوم هو كيف تخرج اللغة العربية من أزمتها وأسرها؟ يربط العروبيون الجواب بقضية التحرر والاستقلال لاستعادة السيادة وما يرتبط بها من أدوات إنتاج وتفكير.

والجدير ذكره، أن لغة الضاد هي واحدة من اللغات الرسمية الـ6 في الأمم المتحدة، لما تحمله من قيمة حضارية وثقافية، إذ تنتمي إلى مجموعة اللغات السامية، وهي واحدة من أكثر اللغات انتشاراً، ويتحدث بها أكثر من 422 مليون إنسان حول العالم، وفق إحصائيات الأمم المتحدة.

واعتمدت الأمم المتحدة، بناءً على مبادرة “أونسكو”، تاريخ 18 ديسمبر/كانون الأول من كل عام ليكون “اليوم العالمي للغة العربية”، وهو اليوم نفسه الذي صدر فيه قرار الجمعية العامة بإدخال العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل في الأمم المتحدة عام 1973.

وبينما لا يتجاوز عدد مفردات اللغة الفرنسية 150 ألفاً، والروسية 130 ألفاً، والإنجليزية الأكثر انتشاراً عالمياً 600 ألف، وصل عدد مفردات اللغة العربية من دون تكرار إلى ما يزيد على 12 مليون كلمة، ما يعني 25 ضعف عدد مفردات اللغة الإنجليزية.

وفي يومها، تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مفردات وتعابير من اللغة العربية، محتفلين، أو منتقدين لمن يخطئ في كتابتها أو لفظها، وآخرون انتقدوا العرب اللذين يفضلون استخدام لغات أخرى بدل العربية أو دمجها.