يجب على الملك سلمان إبقاء ابنه تحت سيطرة محكمة
بقلم: يفون ريدلي
(صحيفة “ميدل إيست مينتور” البريطانية- ترجمة: نجاة نور، الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)
على الرغم من أن دونالد ترامب لم يقبل حتى الآن بالخسارة في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، إلا أنني سمعت أن رحيله الوشيك عن البيت الأبيض يسبب قلقاً كبيراً في أروقة السلطة الرخامية في الرياض.
كان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وعصابته يعلقون مستقبلهم على أربع سنوات أخرى للرئيس ترامب، لكن لم يكن كذلك.
اليوم، يبدو بن سلمان ضعيفاً بشكل متزايد مع عودة أخطاءه العديدة في الحكم لتطارده.
ليس أقلها قرار قتل الصحفي جمال خاشقجي وما نتج عن ذلك من التستر، ومحاكمة المملكة الزائفة بشكل واضح والتي شهدت إفلات القتلة من العقاب.
منذ وصول الأمير إلى السلطة في عام 2015 كزعيم فعلي للمملكة، وتولي ترامب الرئاسة بعد عام من ذلك.
تبنت السياسة الخارجية السعودية تغييرات جذرية, كان أهمها تخليه عن الشعب الفلسطيني وقضيته، بالإضافة إلى أنه لا يمكن تناسي الحرب الكارثية في اليمن.
عواقب الاقتصاد السعودي المتدهور بفضل أسواق النفط الفوضوية ومشاريع الغرور التي تكلفت مليارات الدولارات.
لفترة من الوقت، نجح خبراء التدوير حول بن سلمان في خداع العناصر الساذجة في وسائل الإعلام الغربية التي أشادت به وروجته باعتباره مُحدِّثاً حكيماً وإصلاحياً، ولكن تلك الواجهة تتداعى أيضاً.
قد تتمكن النساء السعوديات من القيادة هذه الأيام، لكن الناشطات اللاتي تجرأن على المطالبة بالمساواة ما زلن محبوسات ويتعرضن للمعاملة الوحشية في السجون السعودية.
مع خروج ترامب من المشهد الشهر المقبل، تبدو آفاق الأمير غامضة, الرجل الذي تعاطف مع إسرائيل أثناء محاولته إجبار الفلسطينيين على قبول “صفقة القرن” التي وضعها ترامب يفقد مكانته وتأثيره كل يوم مع اقتراب عقارب الساعة نحو وداع الرئيس الأمريكي.
ربما سيدرك بن سلمان الآن أن طلب المشورة من جاريد كوشنر، صهر ترامب المؤيد بشدة لإسرائيل ومستشاره في الشرق الأوسط، كان خطوة سيئة للغاية ومثال آخر على سوء تقديره الشديد.
كوشنر، ليس أذكى أداة في صندوق ترامب ولكنه أداة سيئه، فقد شجع ولي العهد على تبني نهج عدائي تجاه الفلسطينيين بشكل عام وحماس بشكل خاص.
وضع انحياز كوشنر المخلص لإسرائيل السعودية على مسار مدمر، حيث تبنت الرياض المواقف الأمريكية والإسرائيلية المعادية لمستقبل دولة فلسطينية قابلة للحياة.
عمل فلسطينيون، بمن فيهم مسؤولون من حماس، في المملكة منذ سنوات، في زيادة الوعي وتقديم الأموال للمشاريع الإنسانية في الأراضي المحتلة.
أدى نفوذ كوشنر الخبيث إلى اعتقال عشرات الفلسطينيين، بمن فيهم الممثل الرسمي لحركة المقاومة الإسلامية في الرياض ونجله، العام الماضي ومحاكمتهم السرية دون محامين أو أي معرفة التهم الموجهة إليهم.
لم يكن هذا من فعل دولة إصلاحية حديثة في القرن الحادي والعشرين، لكنها لا تزال تلقى استحسان تل أبيب والبيت الابيض.
قد لا يرغب المواطنون السعوديون العاديون الموالون لولي العهد في الاعتراف بذلك، ولكن الحقيقة هي أن الكثير من سلوك بن سلمان غير العقلاني تم تشجيعه وتنميته وتنسيقه من قبل ترامب وكوشنر و اللوبي المؤيد لإسرائيل.
في المقابل، يحميه ترامب وعائلته سياسياً ودبلوماسياً، ولكن ليس لفترة طويلة.
ينكشف افتقار الأمير إلى التأني والحكمة في منطقة معروفة بقادتها الأشدّاء والحازمون.
لذلك لا ينبغي أن نتفاجئ من أن المؤسسة السعودية تحاول تبييض سجل بن سلمان المروع تحت وصاية ترامب وكوشنر.
يوم الثلاثاء، على سبيل المثال، وصف مجلس الوزراء السعودي موقف المملكة تجاه القضية الفلسطينية بأنه قضية عربية أساسية، وكأن شيئاً لم يتغير خلال السنوات الخمس الماضية من حكم الأمر الواقع للأمير.
وعقب جلسة لمجلس الوزراء، أصدر الوزراء السعوديون بيانا وصفوا المستوطنات الإسرائيلية المقامة على أراض فلسطينية بأنها انتهاك صارخ للقانون الدولي وعقبة أمام تحقيق سلام دائم وشامل.
يعد هذا منعطفاً كبيراً وقد يكون علامة على أشياء أفضل قادمة، على الرغم من أنه قد يُغفر للفلسطينيين كونهم متشككين إلى حد ما في مثل هذا الخطاب نظراً لتدمير بن سلمان لما كانت ذات يوم علاقة قوية بنتها الرياض على مدى سنوات عديدة.
في هذه الأثناء، يلوح في الأفق في واشنطن أزمة أخرى لإدارة ترامب المنتهية ولايته والتي قد يكون لها أيضاً عواقب وخيمة على ولي العهد وأصدقائه.
بعد جلسة استماع في قانون حرية المعلومات، صدرت أوامر للإدارة بنشر شريط صوتي يسجل اللحظات الأخيرة للمعارض السعودي خاشقجي، بالإضافة إلى تقارير استخبارية عن مقتله.
تم إطلاق الدعوى القضائية قبل عامين من قبل مبادرة عدالة المجتمع المفتوح، الفريق القانوني لمؤسسات المجتمع المفتوح، الذي أنشأه الملياردير جورج سوروس.
لذا يقترب يوم الحساب بسرعة بالنسبة لواحد من أصغر القادة في العالم العربي، ولم يعد بإمكان ابن الملك سلمان البالغ من العمر 35 عاماً الاختباء وراء افتقاره إلى الخبرة.
عليه أن يحاسب على الحرب المروعة في اليمن, دعم الانقلاب الغاشم في مصر, والتدخلات الكارثية في العالم العربي.
المليارات المهولة التي تم إنفاقها على صفقات الأسلحة مع الولايات المتحدة وأوروبا؛ وأكبر مشروع مغرور على الإطلاق، مدينة نيوم المستقبلية.
لا عجب أن تنبأ بلومسبيرج بانحدار وسقوط السعودية في وقت سابق من هذا العام بعد الخلاف الكبير بين بن سلمان والزعيم الروسي فلاديمير بوتين.
مثل صديقه ومستشاره كوشنر، نجح محمد بن سلمان، من خلال مزيج من الامتيازات الفاحشة والحظ السعيد، في الارتقاء إلى مستوى أعلى من توقعات أي شخص إلى مستوى لا يجرؤ فيه سوى القليل من الناس على تحدي عدم كفاءته.
حان الوقت للعاهل الحاكم لكبح جماح ابنه المفضل وإما استبداله أو نفيه إلى أحد اليخوت الفاخرة الثلاثة التي يملكها، حيث نأمل ألا يلحق المزيد من الضرر بآمال وتطلعات الفلسطينيين ونضالهم المشروع من أجل الحرية.
* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع.