بقلم: زابينه كيبر

برلين(صحيفة “در فراتياج” الألمانية، ترجمة: نشوى الرازحي-سبأ):

 

 في خليج عدن تدور أحداث كارثة إنسانية، ومع ذلك يبدو أن هذا الصراع لم يؤثر علينا إلا قليلاً، لماذا؟

يُقال أن الرئيس ترامب قد سأل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عما إذا كانت الغارات الجوية على اليمن ستتسبب في حدوث أقل عدد من الضحايا. فهذه الحرب هي إحدى الموروثات القليلة من عهد سلفه أوباما، التي لم يرفضها ترامب، ولكن هناك رغبة في إبقائها بعيدة عن الرأي العام. وعلى الرغم من الإشارة المتكررة إلى الكارثة الإنسانية في اليمن، يبدو أن هذا الصراع يؤثر علينا أقل من الآخرين في الشرق الأوسط.

ولكي لا ننسى ساحة المعركة هذه تماما، من الضروري الإشارة إلى مدى فظاعة حادثة القصف الجوي لسوق شعبي في 9 أغسطس في شمال اليمن من قبل القوات الجوية السعودية. ضربت الصواريخ التجار ومحلاتهم التجارية وأكشاكهم، بالإضافة إلى قصف حافلة مدرسية، الذي قُتل فيه الأطفال قبل غيرهم من بين أكثر من 50 شخصا وأصيب ما يقرب من 80 شخصا. وكان الهجوم جزءًا من عملية هجومية قام بها جيش القوات الفرنسية المدعوم من المملكة العربية السعودية والذي كان يحاول منذ أسابيع الاستيلاء على ميناء الحديدة المطل على البحر الأحمر. حيث تعتبر مرافق الرصيف الخاص بميناء الحديدة ضرورية لنقل إمدادات الإغاثة والأدوية، التي تعد غير كافية للغاية خصوصا وأن موجة ثالثة لوباء الكوليرا باتت وشيكة.

ولكن لماذا يريد السعوديون – بمساعدة حذرة ولكن واضحة من الإمارات العربية المتحدة والغرب – أن يجعلوا اليمنيين يمرضون ويتضورون جوعاً؟ هذا يوضح أن السيطرة على اليمن أمر صعب.

وحتى النبي محمد (ص) أكد واحترم دون قيد أو شرط الخصوصية الثقافية لليمن. وعلاوة على ذلك، يبدو من غير المعقول أنه منذ 2015 واليمنيون يعانون من عدوان شديد من أجل فتح بوابة لإيران ضد البيت الحاكم في الرياض. وهذا أمر مثير للضحك أيضا لأنه كان هناك وجود قوي للقوات الخاصة الأمريكية في المنطقة منذ التسعينيات، عمل على تدريب الجيش اليمني والآن دعم السعوديين بطائرات بدون طيار وقنابل.

في فبراير2012، تم تنظيم انتخابات لإدخال حكومة شرعية ديمقراطية في السلطة. لكن لأن العديد من اليمنيين لم يعترفوا بهذا التصويت، خاصة في الأجزاء الشمالية والغربية ذات الكثافة السكانية العالية من البلاد، لم تكن الانتخابات ديمقراطية بشكل خاص. وقد ساعد هذا الانطباع حقيقة كون الرئيس هادي، الذي فاز في تلك الانتخابات، يتمتع بعلاقات جيدة مع الرياض، التي تُعرف بأنها ليست ملاذا للديمقراطية.

في الواقع، هذا النزاع يتعلق بتأمين السيادة الجيوستراتيجية على خليج عدن. والسؤال هنا، لما جعل الغرب من نفسه مكروها جدا هكذا هناك؟ لما جعل من اليمن بالذات منطقة عمليات تنظيم القاعدة؟

وماذا يريد اليمنيون؟ بالتأكيد لا يريد اليمنيون رعاية إيران ولا إنشاء قواعد عسكرية أجنبية، وإنما فقط السلام وتقرير المصير. من الواضح أن الكثيرين يرون أنهم سيستفيدون من الحوثيين أكثر من الدمية السعودية هادي. لكننا لا نعرف التفاصيل الدقيقة. حيث لم تتمكن محطات البث العامة لدينا من جعل أحد مراسليها يُجري مقابلة مع عبدالملك الحوثي، رئيس الحوثيين، بصورة مباشرة لهذه الضرورة.

وبما أنه لا يمكن لمليوني شخص من النازحين داخلياً في اليمن الوصول إلى أوروبا، فلا يوجد أيضاً شخص يمكن أن يشهد بمصداقية أكبر.