اليمن: الحرب القذرة مستمرة
بقلم: بقلم نادين ابستين
(موقع” فرانس كيلتوغ – france culture الفرنسية- ترجمة: أسماء بجاش, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)
الوجه الخفي للعالم/ طيلة السنوات الخمس وتسعة أشهر الماضية، حصدت الحرب الدائرة في اليمن أرواح 233 ألف شخص، وذلك بحسب التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة.
كما أشارت هذه التقارير أيضاً إلى نزوح ما يقرب من 5 ملايين شخص, في حين أصبح نحو ثلاثة أرباع السكان والمقدر عددهم بنحو 30 مليون شخص على شفا المجاعة.
وبالرغم من كل هذا, لا يزال الصراع الدائر في اليمن بين قوات التابعة لدول التحالف العربي العسكري الذي تقوده المملكة العربية السعودية والحوثيين مستمراً.
تم تدويل هذا الصراع منذ أواخر مارس من العام 2015، ويقال إنه أودى بصورة مباشرة بحياة أكثر من 100 ألف شخص.
ومن جانبها, أشارت الأمم المتحدة أيضاً إلى أن الحرب في اليمن أدت إلى وقوع البلد في شرك أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
فقد اشترت السعودية، وهي واحدة من الجهات الفاعلة في حيثيات الصراع الدائر في البد، من فرنسا ما قيمته ما يقرب من مليار و400 مليون يورو من المعدات العسكرية، كما تم العثور على أسلحة فرنسية الصنع في اليمن.
ومن جانبها, وجهت عشرات المنظمات غير الحكومية الفرنسية والدولية واليمنية، بما فيها منظمة العفو الدولية، ومنظمة أوكسفام، والفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، ومنظمة أطباء العالم، نداء من أجل “وضع حد للغموض والتعتيم الفرنسي الذي طال ملف مبيعات الأسلحة ووضع رقابة حقيقية على البرلمان”، وذلك بتزامن مع نشر تقرير بعثة تقصي الحقائق المعنية بمراقبة تصدير الأسلحة في 18 نوفمبر 2020”.
وذلك لكي “يحترم قصر الاليزية الفرنسي التزاماته الدولية المتعلقة بمعاهدة تجارة الأسلحة والموقف المشترك للاتحاد الأوروبي “CFSP/944/2008”.
أضف إلى ذلك أنه منذ العام 2016، أعلنت اثنا عشر دولة أوروبية بما فيها ألمانيا وبلجيكا وإيطاليا والمملكة المتحدة عن تدابير لوقف أو الحد من مبيعات الأسلحة إلى السعودية والإمارات.
ترك صادق السّار منصبه كدبلوماسي في السفارة اليمنية في فرنسا, وذلك لإنشاء منظمة حقوقية تم إشهارها تحت مسمى “سلام لليمن”، حيث كانت من الجهات التي وقعت على النداء، وبذلك انضم إلى هذا التحالف الذي ضم في طياته العديد من المنظمات غير الحكومية ضد مبيعات الأسلحة إلى الرياض وأبو ظبي.
ومع الالتماسات التي “جمعت أكثر من 250 ألف توقيع, تم مطالبة الرئيس إيمانويل ماكرون من خلالها إلى التوقف عن تأجيج الصراع الدائر في اليمن وذلك من خلال إبرام صفقات بيع الأسلحة الفرنسية إلى الدول المنخرطة في الصراع”.
لماذا يترك الدبلوماسي والمستشار العام العمل في السفارة اليمنية في فرنسا، واختار المضي في طريق النضال من أجل السلام في اليمن وضد تصدير المعدات العسكرية إلى الرياض؟
“لقد كان الوضع مأساوياً في بلدي اليمن، إلى الحد الذي أجبرنا فيه على إنشاء جمعية توصل صوت اليمن إلى جانب كافة المنظمات غير الحكومية الفرنسية والدولية واليمنية والدعوة أيضاً إلى تسليط الضوء على ما يحدث على أرض الواقع وقوله, نحن نتحدث عن الحرب وقليل جدا عن الحصار، وهو صعب جدا، بل وإجرامي.
وهذا يعني أنه كان هناك في البداية حصار مفروض على عمليات التسليح في المنطقة بأسرها، بما في ذلك اليمن.
ولكن السعودية والإمارات، بفضل الدعم الذي توليه لهما الدول الكبرى مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة وفرنسا فيما يخص صفقات بيع الأسلحة, وذلك نظراً للمصالح والنفع الذي تجنيه من وراء بيع معداتها الحربية، فقد عمدت على غض الطرف عن هذا الحصار.
ومع ذلك، فإن هذا الحصار الشامل بكافة أشكاله “بحراً وجواً وبراً” عمل على تعقيد حياة المدنيين في اليمن, نظراً لكون البلد يعتمد على 90% من الواردات الغذائية والطبية.
حرب قذرة بالأسلحة الفرنسية:
تم العثور على أسلحة فرنسية تم استخدامها في حرب اليمن والتي تم تصديرها إلى السعودية؟
كشف تحقيق نشره موقع ” Disclose ” الفرنسي تحت مسمى “دفاع سري” والمكون من 15 صفحة، كتبته مديرية الاستخبارات العسكرية “DRM”, أن الأسلحة الفرنسية موجودة في اليمن ومن المرجح أنه قد تم استخدامها ضد المدنيين.
وأشار التقرير على وجهه الخصوص إلى أن مدافع من طراز “قيصر” فرنسية الصنع منتشرة على طول الحدود السعودية مع جارتها الجنوبية اليمن, حيث تدعم القوات الموالية في تقدمها في الأراضي اليمنية.
إن الأمر الأكثر خطورة من ذلك هو أن هناك سفن حربية تم بيعها لسلاح البحرية السعودي، ولكن لم يكن من الممكن استخدامها, لذا فإن البحرية الفرنسية هي التي تشارك فيما يبدو في الحصار المميت على الشعب اليمني.
كما يوجد أيضا معدات عسكرية من شركة رافال ومعدات تكنولوجية أخرى, وبفضل تعبئة المنظمات غير الحكومية والرأي العام الغربي ظهرت هذه المعلومات للعلن.
من يزود الحوثيين بالأسلحة؟
نحن نشك في أن الإيرانيين هم من يزود الحوثيين بالأسلحة, ولكننا لا نرى كيف يمكن لهذه الأسلحة أن تدخل إلى البد بالرغم من الحظر الرهيب المفروض على البلد.
لقد شكل الحوثيون حركة شبه عسكرية وأصبحت مع مرور الوقت حركة عسكرية وسياسية, فقد كان عددهم قليل.
ولكن الآن، بعد الهجوم الذي شنته السعودية والإمارات، تمكنوا من حشد العديد من الناس حولهم، وظهروا أنفسهم كمدافعين عن الوطن اليمني.
الأزمة الإنسانية: الكوليرا والمجاعة
وفي غضون ما يقرب من ست سنوات من الحرب، تدهورت الحالة الإنسانية إلى حد كبير بالفعل؟
وجه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس نداء أشار من خلاله إلى أن المجتمع الدولي يواجه أسوأ مجاعة منذ عدة عقود.
ومن جانبها سوف تفرج الأمم المتحدة 30 مليون دولار، ولكن هذا المبلغ ضئيل بالفعل، لأن 24 مليون يمني يحتاجون إلى المساعدات الغذائية، في حين أصبح 14 مليون شخص بحاجة ماسة وشديدة للمساعدات العاجلة, كما أننا نتحدث اليوم عن مليون طفل يعانون من سوء التغذية الحاد.
هل لا يزال القتال مستمر ؟
لا يزال القتال مستمراً على الأراضي اليمنية، سواء في محافظة تعز أو صعدة، إذ لا تزال عمليات القصف الجوي مستمرة بصورة متفاوتة.
كما أن الوضع لا يختلف في مدينة عدن التي لم تكن هادئة على الإطلاق, بالإضافة إلى منطقة الساحل، ولاسيما في اتجاه مدينة الحديدة، الميناء المطل على البحر الأحمر.
كيف يفعل الناس؟
الوضع الحاصل في اليمن صعباً للغاية, لقد تحدثنا عن الحظر، ولكن الأمر الأسوأ من ذلك، هناك أيضاً البنك الذي لم يعد قادراً على العمل، وهو البنك المركزي.
لم تُدفع مرتبات موظفي الخدمة المدنية لمدة ثلاث سنوات, ناهيك عن تدمير البنية الأساسية بالكامل، بل وأن المستشفيات والقطاع الصحي بشكلٍ عام لم يكن بمنأى من الغارات الجوية.
فقد تم تدمير البنية الأساسية بالكامل، بالإضافة إلى انهيار الاقتصاد, باختصار, إننا نواجه بؤسا لم نر مثله قط, ونتيجة لهذا بعد كل ما حل بالبلد, يجب أن لا نغفل الطرف عن وجود العديد من الأوبئة، خاصة الكوليرا، كما أن حمى الضنك وجدت لنفسها متنفسٍ في هذا الجزء من العالم, فقد حلت جميع المصائب باليمن لأن النظام الصحي قد تم تدميره بشكلٍ شبه كامل 75٪.
وأنا شخصياً, تعاني أمي من ارتفاع في ضغط الدم ولكن لم نعد نستطيع العثور على الدواء اللازم لها, حيث كنت أرسل لها الدواء من خارج البلد, ولكن الآن لم يعد من الممكن، منذ انتشار جائحة الفيروس التاجي, ناهيك عن أني فقدت أيضا خمسة من أصدقائي المقربين وأحد أخوتي مؤخرا بسبب الحظر.
* المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.