بقلم: هنري أولسن

(صحيفة “الواشنطن بوست”- ترجمة: نجاة نور، الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)

ورد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان التقيا سرا بوزير الخارجية مايك بومبيو.

ومن جانبها, نفت السعودية ذلك عبر وسائلها رسمياً، لكن تلك الاشاعة يمكن أن تكون منطقية مع الاتجاه الأخير للتقارب بين الأعداء التاريخيين.

هذا التطور- تحالف فعلي مناهض لإيران بين إسرائيل وممالك الخليج العربية – من المرجح أن يغير بشكل كبير النمط الذي ستبدو عليه سياسة إدارة بايدن القادمة في الشرق الأوسط.

إن تاريخ العداء بين الدولة اليهودية والعالم العربي الإسلامي طويل وعميق, حيث  خاضت إسرائيل أربع حروب مع جيرانها بين عامي 1948 و1973, كما انخرطت في صراع مستمر مع العديد من الدول العربية منذ ذلك الحين.

شاركت السعودية ودول الخليج الأخرى في بعض تلك الحروب، ومولت الجماعات الفلسطينية ورفضت الاعتراف دبلوماسياً بإسرائيل.

حتى عندما عقدت إسرائيل السلام مع مصر والأردن، استمرت السعودية وحلفاؤها في اعتبار السلام مع أي حكومة إسرائيلية أمراً غير مقبول, ولكن, تغير ذلك لأقدم الأسباب الدبلوماسية: المصلحة الذاتية.

ينظر النظام الإيراني إلى إسرائيل وممالك الخليج السنية على أنهما غير شرعيين, حيث عمل بلا كلل لإسقاطهما.

تمول طهران أيضاً الجماعات الإرهابية مثل حزب الله، والجماعات الموجودة في اليمن، للضغط العسكري على السعودية وإسرائيل.

إن محاولة إيران لإخضاع العراق بالكامل لنفوذها يمثل تهديدات للسعوديين وممالك الخليج, حيث يشترك العراق في حدود واسعة مع الكويت والسعودية.

إذا تمركزت القوات المدعومة من إيران في المناطق الشيعية في جنوب العراق، وبالتالي, يمكنهم بسهولة شن غزو في أي لحظة.

تمتلك المنطقة الشرقية في السعودية، الواقعة جنوب الكويت مباشرة، الكثير من ثروة المملكة النفطية, ويعيش فيها اعداد كثيرة من الشيعة، كما تقع جميع ممالك الخليج الغنية بالنفط على حدود المنطقة الشرقية.

وبذلك, من المهم بالنسبة لأمن المملكة ودول الخليج أن تبقى القوات الإيرانية بعيدة قدر الإمكان عن هذه المنطقة.

على هذه الخلفية يجب فهم سعي إيران لامتلاك سلاح نووي, لو حصلت إيران على مثل هذا السلاح، فإن تكنولوجيا الصواريخ الباليستية الخاصة بها ستعرض إسرائيل والعرب على حد سواء لخطر الابتزاز النووي, وهذا بدوره يضخم القوة العسكرية التقليدية لإيران ووكلائها.

يمكن للجمهورية الإسلامية شن هجمات أو حروب كما يحلو لها، مع العلم أن أسلحتها النووية ايضاً سوف تقوم بردع أي انتقام خطير يوجه لها.

أحدثت التغييرات في السياسة الأمريكية خلال إدارة أوباما موجات من الصدمة في المنطقة.

ولطالما اعتمدت إسرائيل، التي يُعتقد أن لديها وسائلها الدفاعية النووية، بالإضافة إلى السعودية, على الولايات المتحدة لحمايتهم من البطش الإيراني.

ومن من الواضح أن الاتفاق النووي الإيراني جعل هذا الضمان الضمني موضع تساؤل.

بالنسبة للإسرائيليين, كان ذلك يعني أنهم لم يعودوا متأكدين من نشر القوات الأمريكية لمساعدتهم في أي أزمة.

وبالنسبة لدول الخليج، كان هذا يعني أنها بحاجة إلى حليف قوي مسلح نووياً وأيضا يكون موقفة معارض لإيران.

تبدو التغييرات الدراماتيكية الأخيرة في السياسة العربية تجاه إسرائيل منطقية عند النظر إليها في ضوء ذلك.

أما إسرائيل، فإن التحالف مع دول الخليج العربي يوفر قوة عسكرية يمكن نشرها نيابة عنها في حالة وجود تهديد متبادل.

كما أنه يوفر، من الناحية النظرية قرباً جغرافياً من إيران لشن أي غارات مفاجئة قد توفرها السفن أو القواعد الأمريكية حالياً.

وبالنسبة للعرب، فهي تضمن أن تقف قوة مسلحة نووياً وراءهم إذا حصلت إيران على سلاح في أي وقت، وتؤسس اتصالاً مع وكالات الاستخبارات الإسرائيلية.

كما أن التحالف الفعلي من شأنه أن يقلل الاعتماد على الولايات المتحدة وتقلباتها السياسية الداخلية، ليحل محل الوساطة الأمريكية, علاقات مباشرة بين الأجهزة الأمنية في الدولتين.

من الواضح أن التخلي عن الفلسطينيين في مقابل هذه المزايا الملموسة، إذا تمت ببراعة، فأنها سوف تخدم المصلحة الأمنية للسعوديين ودول الخليج.

ومن غير المرجح أن تمنح تعيينات الأمن القومي التي أعلن عنها الرئيس المنتخب جو بايدن المزيد من الراحة لأي من الجانبين.

كان جون إف كيري، الذي سيكون مبعوث بايدن للمناخ، وزيراً للخارجية عندما تم توقيع الاتفاق النووي الإيراني، جزءاً من معارضة إدارة أوباما غير الواضحة لنتنياهو في الانتخابات الإسرائيلية لعام 2015.

وقع المدير القادم للاستخبارات الوطنية، أفريل هينز، على رسالة تدعو الحزب الديمقراطي إلى مراجعة مسودة برنامجه الأساسي لعام 2020, على إسرائيل لجعلها أكثر تعارضاً مع أهداف نتنياهو المعلنة فيما يتعلق بالضفة الغربية والدولة الفلسطينية.

تعرف إسرائيل والسعودية أن إيران تسعى لتدميرهم, وكما قال الكاتب صموئيل جونسون ذات مرة، فإن الخوف من الموت الوشيك “ينبه العقل بشكل رائع”.

من المرجح أن تجد إدارة بايدن أن هذا التحالف من الرفقاء الغريبين سيجبر سياستها في الشرق الأوسط على أن تبدو إلى حد كبير مثل سياسة إدارة ترامب.

* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع.