أرقام جديدة صادمة تظهرإلى أي مدى تعمل الولايات المتحدة على تأجيج العنف في اليمن
تظهر أرقام جديدة أعلنت عنها الأمم المتحدة ومعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام, أنه منذ بدء الحرب في اليمن، باعت الولايات المتحدة أسلحة عالية التقنية بما قيمته أكثر من 13 مليار دولار إلى المملكة العربية السعودية، مما جعل الرياض بقرة مربحة لشركات صناعة الأسلحة الأمريكية.
بقلم: آلان ماكلويد( موقع “مينتبرس نيوز” الإنجليزي- ترجمة: نجاة نور،الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)
على الرغم من تقديم الولايات المتحدة نفسها كقوة من أجل الخير والسلام في الشرق الأوسط، إلا أن الولايات المتحدة تبيع للسعودية أسلحة بقيمة تقدر بخمسة أضعاف المبالغ التي تتبرع بها لليمن.
تُصوِّر وزارة الخارجية نفسها باستمرار على أنها قوة إنسانية عظمى تضع رفاهية الشعب اليمني كأولوية قصوى لها.
لكن الأرقام الصادرة عن الأمم المتحدة ومعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI) تظهر أن حكومة الولايات المتحدة قدمت 2.56 مليار دولار من المساعدات إلى اليمن، لكنها باعت أكثر من 13 مليار دولار من الأسلحة عالية التقنية إلى السعودية منذ بدء الحرب، زعيمة التحالف الذي تشن هجوماً لا هوادة فيه على البلد.
شخصيات مثل هذه قابلة للنقاش دائماً. إن ما يشكل “مساعدة” مشروعة هو سؤال يجيب عليه الجميع بشكل مختلف.
علاوة على ذلك، لا يشمل رقم 13 مليار دولار صفقة الأسلحة الهائلة التي وقعتها السعودية مع دونالد ترامب في عام 2017، والتي ستتضمن كما ورد حصول المملكة على أسلحة بقيمة 350 مليار دولار على مدى عشر سنوات القادمة.
يشكك معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام في حجم هذه الأرقام، ولكن إذا ثبت أنها صحيحة، فبمجرد أن تبدأ الطلبات في الوصول، فإنها ستجعل التبرعات التافهة التي تقدم كمساعدة تبدو وكأنها تغيير بسيط بالمقارنة بحجم المبيعات.
تشمل المبيعات جميع أنواع المعدات العسكرية، من الرادارات وأنظمة النقل إلى الطائرات المقاتلةF-15 ، والصواريخ من طراز TOW, ودباباتAbrams ، ومدافع .Paladin
بينما يدفع السعوديون الثمن من دولارات النفط، يدفع اليمنيون الثمن من الدماء.
قبل أربع سنوات، قصف سلاح الجو السعودي قاعة عزاء حضرها عدد كبير من الناس في العاصمة اليمنية صنعاء.
كان يوماً مشرقاً وصافاً, استخدم السعوديون الضربة الجوية “مرتين” لضمان أقصى قدر من القتلى ليصنعوا مذبحة بشعة.
قُتل فيها 240 شخصاً، وهجوم آخر للسعودي في العام 2018 على حافلة مدرسية أسفر عن مقتل 40 طفلاً، كانت القنابل التي تسببت في المجزرة تزن 500 رطل (227 كيلوغرام) من طراز MK 82 , والتي تم تصنيعها بواسطة شركة لوكهيد مارتن، أكبر شركة مصنعة للأسلحة في أمريكا.
قال محسن صديقي، مدير منظمة أوكسفام في اليمن، “إن جني المليارات من صادرات الأسلحة التي تغذي الصراع مع توفير جزء صغير من ذلك للمساعدات في اليمن هو أمر غير أخلاقي, لا تستطيع الدول الأكثر ثراءً في العالم الاستمرار في وضع الأهداف الربحية فوق مصلحة الشعب اليمني”.
تعتبر اليمن بالفعل أفقر دولة في المنطقة، وقد دمرها الصراع المستمر منذ ست سنوات.
تقدر الأمم المتحدة أن 14 مليون شخص – أي أكثر من نصف سكان البلد – معرضون لخطر المجاعة, وأن 20.5 مليون يحتاجون إلى المساعدة لتوفير المياه الصالحة للشرب.
وبحسب التقرير، يحتاج 80٪ من السكان إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية.
التحالف الذي تقوده السعودية، والذي يضم الإمارات وقطر والبحرين، هاجم عمدا أهدافا سهلة التمييز بأنها مدنية كالمستشفيات ومنشآت المياه، ونفذ ما يعادل ضربة واحدة ضد هذه المباني كل عشرة أيام منذ بدء القتال.
قال فيليس بنيس، مدير مشروع الأممية الجديدة في معهد دراسات السياسة والخبير في الشرق الأوسط، لموقع مينتبرس “حقيقة أن الأمم المتحدة، التي تواجهه هذا الدمار البشري والبيئي والهجرة الهائلة في جميع أنحاء العالم، قالت منذ عدة سنوات أن اليمن يصنف كأسوأ أزمة إنسانية في العالم، وهذا يوضح كل شيء, لقد دمرت هذه الحرب ما كان بالفعل أفقر دولة في العالم العربي, ليس فقط القصف المباشر للجنازات والأعراس, ولكن حصار وتفجير الموانئ, اليمن بلد يعتمد بشكل كبير على المواد الغذائية والأدوية الأساسية وكل شيء مستورد, لذلك عندما يتم إغلاق الموانئ، يقترب الناس من شفا المجاعة بشكل أكبر وأسرع”.
بالإضافة إلى توفير الأسلحة، قامت الولايات المتحدة (والعديد من حلفائها الأوروبيين) بتدريب القوات السعودية، وقدمت الدعم الهام للبنية التحتية العسكرية والدعم اللوجستي، بل وزودت الطائرات الحربية السعودية بالوقود في الجو وقدمت إرشادات الاستهداف لمساعدة القوات السعودية في العثور على أهدافها بكفاءة أكبر.
علاوة على ذلك، قامت الولايات المتحدة بحماية الرياض من الرقابة الدولية من خلال الدفاع عنها في هيئات مثل الأمم المتحدة.
من حيث الدوافع، فإن الولايات المتحدة متورطة في كل منطقة من مناطق الصراع اليمني، وتفعل كل شيء حتى تضغط على الزناد بنفسها.
قال سكوت بول، مسؤول السياسة الإنسانية في منظمة أوكسفام الأمريكية لمينتبرس في بيان: “يجب على الولايات المتحدة إنهاء دعمها للسعودية والإمارات، وبدلاً من ذلك إعطاء الأولوية للناس في جميع أنحاء اليمن الذين يقاتلون من أجل البقاء”.
أوقفت الولايات المتحدة الكثير من مساعداتها لليمنيين الأكثر فقراً وحاجة، بينما تواصل توفير الأسلحة التي تغذي الصراع الدامي للدول الغنية.
لقد أوضح الكونجرس والشعب الأمريكي أنهم لا يريدون أن يكون لهم أي دور في ذلك.
ونواصل دعوة الولايات المتحدة والمجتمع الدولي وجميع أطراف النزاع للضغط من أجل السلام، وسنلزم إدارة بايدن القادمة التعهد للقيام بدورها .
للولايات المتحدة تاريخ طويل في إساءة معاملة اليمن, ففي عام 1990، قامت إدارة جورج دابليو بوش بموافقة الأمم المتحدة بالإجماع على المصادقة على هجومها على العراق, في حين رفض اليمن، المعين حديثاً في مجلس الأمن، الموافقة على القرار (كما فعلت كوبا).
بعد دقائق فقط من التصويت ضد الخطة الأمريكية، قال دبلوماسي أمريكي كبير للممثل اليمني، عبر ميكروفون ساخن، “كان هذا التصويت بـ” لا “هو الرفض الأغلى الذي تم الإدلاء به على الإطلاق”.
وفي غضون ساعات، توقفت جميع المساعدات الأمريكية (برنامج 70 مليون دولار) للبلد، كما تم طرد 800 ألف عامل يمني من السعودية، وواجهت البلد صعوبات في الحصول على قروض من المؤسسات المالية الدولية.
وبالتالي، كما قال بنيس، “إن رفض الولايات المتحدة أخذ اليمن واليمنيين على محمل الجد له ماضً قديم جداً”.
أثبتت السعودية أنها واحدة من أكثر الحلفاء ولاءً للولايات المتحدة في المنطقة على مدار الخمسين عاماً الماضية وهي الجهة المنفذة لها.
في مقابل الحفاظ على تدفق أموال النفط إلى الولايات المتحدة، كانت واشنطن مستعدة للدفاع عن سجل البلد السيئ في مجال حقوق الإنسان، وحتى التغاضي عن اغتيال الصحفيين مثل الصحفي جمال خاشقجي.
أوضح أندرو فينشتاين، خبير صناعة الأسلحة ومؤلف كتاب “The Shadow World: Inside the Global Arms Trade” ، لـ لمينتبرس أن : ” يعود تحالف الولايات المتحدة مع السعودية، على الرغم من كونها واحدة من أكثر دول العالم فساداً وأسوأ منتهكي حقوق الإنسان، في الداخل والخارج، لسببين رئيسيين: النفط ورغبة اليمين الأمريكي في تغيير النظام في إيران”, وهذا على الرغم من حقيقة أن السعودية هي الداعم الأيديولوجي الأساسي، والممول والحامل للسلاح لأكثر الجماعات الإسلامية تطرفاً”.
في عهد ترامب، زادت الولايات المتحدة بشكل كبير دعمها العسكري للسعودية، ووقعت عدداً من صفقات الأسلحة التي تكذب أي فكرة عن أنه كان رئيساً مناهضاً للحرب.
بشكل عام، بحسب معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام, عقدت الولايات المتحدة 36 ٪ من صفقات مبيعات الأسلحة العالمية بين عامي 2015 و 2019، وهي زيادة كبيرة عن السنوات الخمس السابقة.
تعد السعودية إلى حد كبير أفضل زبون لأمريكا والمورد الأكثر أهمية للمملكة، حيث تعتبر مصدر لثلاثة أرباع جميع المشتريات.
في عام 2019، شملت المبيعات 59 ألف قنبلة موجهة، كان من المقرر إسقاط معظمها على أهداف سهلة في اليمن.
وكما أشار بنيس، ” يشتري السعوديون أسلحة من الولايات المتحدة أكثر من أي دولة أخرى في العالم، لذا فهي جزء لا يتجزأ من نسيج المجمع الصناعي العسكري هنا”.
وعلاوة على ذلك، فإن العديد من أفضل العملاء الآخرين لواشنطن هم أيضاً ديكتاتوريات الشرق الأوسط التي تقصف اليمن أيضاً.”
استضافة السعودية قمة مجموعة العشرين، وهي اجتماع لأقوى 20 دولة في العالم.
اللافت للنظر، بالنسبة لبلد لا تستطيع فيه المرأة السفر أو الزواج دون إذن من الرجل، اختارت الحكومة السعودية “تمكين المرأة” كموضوع لاجتماع هذا العام.
وبينما يتم حث مجموعة العشرين على محاسبة السعودية على دورها في اليمن، يبدو أن هذا الاحتمال مشكوك فيه، حيث ترى أن صادرات أسلحة مجموعة العشرين إلى الرياض تبلغ ثلاثة أضعاف ما تقدمه لليمن كمساعدة.
مع التغيير الوشيك للإدارة في البيت الأبيض، هناك بعض الحديث عن أن إدارة بايدن ستعكس السياسية الامريكية في اليمن.
ومع ذلك، كان بينيس متشككاً في مدى عمق التغيير الذي سينفذه بايدن:” قد يكون هناك تغيير مفاجئ إلى حد ما, السؤال بالنسبة لي هو مدى عمق ذلك. تعهد بايدن في بيان نيته بشأن الشؤون الخارجية بإنهاء مشاركة الولايات المتحدة في الحرب السعودية على اليمن, وكيف يتم تنفيذ ذلك, هو السؤال.
ستكون هناك بعض التحركات الرمزية بسرعة كبيرة بعد تنصيبه، ونأمل أن تكون في الأيام أو الأسابيع الأولى للإدارة الجديدة.
السؤال الكبير هو هل سيوقف بالفعل مبيعات الأسلحة الضخمة الأساسية- طائرات وقاذفات والقنابل والطائرات بدون طيار والذخيرة والطائرات الحربية والمعدات المسؤولة عن إحداث الكثير من الموت والدمار في اليمن.
هل هو مستعد لفعل ذلك؟ أنا آمل ذلك ولكني لست متفائل بشكل كبير”.
هذا هو الرأي الذي ردده اليمنيون في الواقع الذين تحدثوا إلى مينتبرس، قال إبراهيم عبد الكريم، الذي فقد طفله الرضيع عندما أسقطت طائرة حربية سعودية قنبلة أمريكية الصنع على منزله في صنعاء عام 2015، إن بيان بايدن لم يكن كافياً: “لست متفائلاً بأن بايدن سيتوقف عن إمداد محمد بن سلمان بالقنابل مثل تلك التي قتلت ابنتي”.
في الشؤون الدولية، محادثات المال والولايات المتحدة تصنع الكثير من هذه الحرب.
* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.