بقلم: جان دومينيك ميرشيت

(صحيفة”لوبينيون-” lopinion الفرنسية- ترجمة:أسماء بجاش, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)

مع استضافة المملكة العربية السعودية لقمة مجموعة العشرين, تأمل جانيت بوغراب -وزيرة الدولة للشباب وحياة المجتمع خلال فترة ولاية الرئيس نيكولا ساركوزي – أن يفي الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدين بوعوده ويقرر بأن فرنسا “لطخت شرفها” في هذه الحرب.

نشرت بوجراب، لتو كتابها الجديد والمعنون :”صمت الموت: حرب اليمن القذرة المنسية” والصادر عن “دار النشر  سيرف – “éditions du Cerf, والذي دعت من خلاله فرنسا إلى وقف مبيعات الأسلحة، لكنها تعتمد بشكل أساسي على الرئيس بايدن “لوقف هذه الحرب”.

فهل سوف ينهي الرئيس بايدن ونائبته كامالا هاريس, دعم الولايات المتحدة الأمريكية لهذه الحرب الظالمة التي تشنها السعودية على اليمن والتي حصدت بالفعل أرواح أكثر من 200 ألف شخص؟

وذلك نظراً لكون هذا العمل كان واحداً من وعودهم التي تعهدوا بها أثناء حملتهم الانتخابية والذي لا يزال متاحاً على موقعهم: “سوف نحرص على ألا تترك أميركا قيمها جانباً لبيع الأسلحة أو شراء النفط”.

ومرة أخرى, قالها أندرو بيتس، المتحدث باسمهم، قبل بضعة أسابيع من على منبر صحيفة واشنطن بوست: “لقد حان الوقت لإنهاء الدعم الأمريكي للحرب في اليمن وإلغاء الشيك على بياض الذي أعطته إدارة ترامب للسعودية لتسييرها لهذه الحرب”.

ومن المؤكد أن مكافحة وباء “كوفيد -19” تبدو وكأنها تحل محل كل شيء أخر, ولكن إذا استمر الصمت القاتل الذي يحيط بالحرب في اليمن, فإن أكثر من 100 ألف طفل دون سن الخامسة معرضون لخطر الموت جوعا خلال الأسابيع المقبلة.

ومن جانبها, حذرت الأمم المتحدة: “إذا لم تنتهي الحرب الآن، فإننا على مقربة من موقف لا رجعة فيه, حيث نخاطر بخسارة جيل كامل من الأطفال الصغار في اليمن”.

واليوم, بوسعنا أن نعلق بعض الآمال, لأن الأمور تغيرت في واشنطن منذ اغتيال الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في مدينة اسطنبول التركية، مطلع أكتوبر من العام 2018, والذي تعرض لعملية ذبح مشينه.

ومنذ ذلك الحين، ندد المعسكر الديمقراطي مراراً بعلاقة الرئيس دونالد ترامب مع الأمير محمد بن سلمان.

مدمر:

كان بيرني ساندرز- رمز التقدمية في أميركا- عضو مجلس الشيوخ من الحزب الديمقراطي عن ولاية فيرمونت، هو أول من رسم القرار الأول من خلال تقديمه إلى جانب نظيره من الحزب الجمهوري عن ولاية يوتا، مايك لي، والمؤيد لحركة الشاي، ولكن بنفس القدر الغاضب إزاء احتمال استخدام الأسلحة الأميركية في ارتكاب جرائم حرب في اليمن.

في 13 ديسمبر 2018، أقر مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون بالأغلبية مشروع قانون مقدم من الحزبين الجمهوري والديمقراطي يحث الرئيس ترامب على إنهاء دعم دول التحالف العسكري بقيادة الرياض للحرب التي تقودها في اليمن.

وعلى الفور أيدت كامالا هاريس هذه المبادرة, وجددت تصويتها لمشروع هذا القانون في 13 مارس 2019, ومن على منبر تويتر, كتبت على  حسابها:” إن ما يحدث في اليمن مدمر”.

لقي آلاف الأطفال مصرعهم خلال هذه الحرب، وفي العام الماضي وحده قتلت الحرب ما متوسطه 100 مدني في الأسبوع الواحد.

إن الأمر لم يعد يحتمل, واليوم صوتت “نعم” على قرار يدعم إنهاء دعم الولايات المتحدة الأمريكية لحرب التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن.

ولكن كان لابد من توخي الحذر، مع بداية الحرب التي شنتها السعودية ضد اليمن منذ أواخر مارس من العام 2015 في ظل إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما ونائبه بايدن.

ألم يخبر أنطوني بلينكين، مساعد وزير خارجية الولايات المتحدة آنذاك، الصحافة أثناء زيارته للرياض في العام 2015:” “لقد عجلنا بعمليات تسليم الأسلحة والمساعدات اللوجستية وتقاسم المعلومات الاستخباراتية، وإنشاء خلية تخطيط مشتركة في مركز العمليات السعودي”؟

هل سيستطيع جو بايدن، الذي يدخل البيت الأبيض، أن ينكر هذا الماضي؟

لا شك أن التقرير المستقل الذي قدمه فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة في العام 2019 إلى مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان “ميشيل باتشيليت” سوف يشجعه ويحثه على القيام بذلك، لأن هذه الوثيقة خلصت إلى أن “مشروعية عمليات نقل الأسلحة من قِبَل فرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وغيرها من الدول الأخرى لا تزال  موضع شك.

ومن الناحية القانونية، فإن واشنطن ولندن وباريس أصبحت عرضة بالفعل للمحاكمة بتهمة التواطؤ في ارتكاب جرائم حرب، ومن ثم فإنها إلى جانب طهران في هذه الحرب القذرة التي تدعم جماعة الحوثي.

في القائمة الطويلة من الفظائع التي ارتكبت، فإن الاتهامات التي قد توردها ساحقة:

الغارات الجوية العشوائية، وعمليات الإعدام التعسفي والاحتجاز القسري، والتعذيب، والعنف الجنسي, والتمييز، واستغلال الأطفال والعقبات التي تعترض المساعدات الإنسانية في خضم أسوأ أزمة إنسانية من نوعها على مستوى العالم, حيث لا تفتقد هذه الصورة المروعة أي من أخطر الانتهاكات.

 

عهد الإرهاب:

إن القرار الأميركي حاسم لبقاء ملايين اليمنيين على قيد الحياة, ففي الآونة الأخيرة تم  استدعاء بروس ريدل – مدير مؤسسة بروكينغز, والذي أمضى أكثر من ثلاثين عاماً في العمل مع وكالة الاستخبارات المركزية, كما عمل مستشاراً للرؤساء الأربعة الأخيرين للولايات المتحدة- للمثول أمام لجنة الاستخبارات في الكونجرس.

وحسب قوله، فإن سحب القوات الأمريكية من المملكة العربية السعودية، وخفض التدريب الأمريكي للقوات العسكرية السعودية، ووضع حد لمبيعات الأسلحة الأمريكية الجديدة إلى الرياض، وبالأخص تعليق الدعم اللوجستي للقوات الجوية الملكية السعودية، لن يعد بإمكان سلاح الجو السعودي إرهاب الشعب اليمني.

ويتشاطر إريك سبيرلينغ من  مؤسسة “Just foreign policy” ذات التحليل الذي  قدمه نعوم تشومسكي في الشهرية التقدمية “”In These Times  والتي قام بتأسيسها أواخر سبعينيات القرن الماضي.

بالنسبة لجانيت بوغراب, يجب على جو بايدن أن يقول علناً ودون تأخير إن الولايات المتحدة ستوقف أي نوع من المساعدة للمملكة السعودية.

إن تبادل المعلومات الاستخباراتية، والدعم اللوجستي، وقطع الغيار للطائرات المقاتلة، هو ما من شأنه أن يغري ويشجع السعوديين على التفاوض وبالتالي إنهاء الحرب، حتى قبل أن يدخل بايدن إلى المكتب البيضاوي.

وفي المقام الأول، يستطيع جو بايدن أن يستخدم سلطته لإقناع الدول الأخرى التي  تدعم دول التحالف الذي تقوده الرياض بأن تحذو حذوه ويتبعوا نفس هذا المسار.

وبهذا يصبح بوسع فرنسا أن تغتنم هذه الفرصة، وبالتالي يتعين على رئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون أن يستخدم نفوذه مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان – الدولفين السعودي-  لوضع حد لهذا الصراع الشائن.

وستكون هذه هي الطريقة لإصلاح شرف بلدنا، الذي لطخته حرب قذرة ما كان ينبغي لها أن تحدث بالفعل.

وفي المقابل, ما كان ينبغي لفرنسا أن تلعب فيها أي دور أخر سوى دور وسيط السلام.

* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.