فيما يتعلق بمبيعات الأسلحة إلى الدكتاتورين والحرب اليمنية, ترى ما هي الإنجازات التي سيقوم بها بايدن
اتخذ بايدن موقفاً متشدداً ضد الحليفين القدامى للولايات المتحدة، السعودية والإمارات, وفي الوقت ذاته يحرص التقدميون على ان يفي بايدن بوعوده.
بقلم: أكيلا لاسي
(صحيفة “الانترسبت الإلكترونية”- ترجمة: نجاة نور، الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)
احتفلت شركات تصنيع المعدات الدفاعية بفوز جو بايدن في الانتخابات الرئاسية، حيث قالوا إنهم يتوقعون أن تستمر شركاتهم في الازدهار تحت إدارته كما فعلوا في عهد دونالد ترامب.
لكن في حين أن بايدن ليس من محبي السلام – فقد كان شن الحروب منذ فترة طويلة مجالاً لإجماع الحزبين في واشنطن- لكنه قد أشار بالفعل إلى أنه سيتخذ نهجاً مختلفاً تماماً عن ترامب, لاسيما عندما يتعلق الأمر بمبيعات الأسلحة في الخارج.
لم تكن السياسة الخارجية من أهم قضايا الحملة الانتخابية خلال الانتخابات الرئاسية، خاصة وأن الاصداء الإخبارية هيمنت عليها الاثار الصحية والاقتصادية جراء تفشي وباء فيروس كورونا، والمظاهرات التي عمت البلد ضد وحشية الشرطة والظلم العنصري، وجهود ترامب لزرع الشك في شرعية أنظمة التصويت الأمريكية.
لكن في غضون أسبوع من الانتخابات، اقدم ترامب على عقد صفقة أسلحة بقيمة 23 مليار دولار مع الإمارات.
كان هذا أحدث مظهر من مظاهر علاقات ترامب الحميمة مع الانظمة الديكتاتورية الخليجية التي أصبحت لعنة بالنسبة للتقدميين الأمريكيين.
في غضون ذلك، يسعى بايدن على إنهاء الدعم الأمريكي للحرب التي تقودها السعودية في اليمن، وهو الموقف الذي حظي بدعم الحزبين في الكونجرس بسبب جهود النشطاء التقدميين والمشرعين, حتى استخدم ترامب حق النقض ضد قرار صدر في عام 2019 الذي كان من شأنه أن يحقق هذا الهدف.
قال نائب الرئيس السابق الشهر الماضي إن إدارته “ستعيد تقييم” علاقة الولايات المتحدة بالسعودية، التي وصفها بـ “المنبوذة” خلال مناظرة أولية العام الماضي.
وقال أيضاً إن الولايات المتحدة لن تبيع المزيد من الأسلحة اليها، في انحراف عن الموقف الذي اتخذه رئيسه السابق باراك أوباما.
كما أعرب بايدن عن معارضته للمساعدة الأمنية التي تقدمها إدارة ترامب لأذربيجان التي وقعت اتفاق سلام مع أرمينيا الأسبوع الماضي بعد صراع دام عقوداً واندلاع الاشتباكات في أواخر سبتمبر.
رحب النشطاء التقدميون والمشرعون بموقف بايدن حتى الآن ويأملون أن تكون السياسة الخارجية مجالاً قد يكون لهم تأثير فيه, في الإدارة القادمة.
في يوليو، قامت أكثر من 30 مجموعة تقدمية بإرسال رسالة إلى بايدن تحثه فيه على اختيار موظفي السياسة الخارجية بطريقة من شأنها “تحدي المؤسسات والتفكير الجماعي الذي أدى إلى نهج كارثي ومفرط في التسليح أحادي الجانب للشؤون الخارجية” في الإدارات الماضية.
وقالت كيت كايزر، مديرة السياسة في منظمة “Win Without War”- وهي منظمة تقدمية للسياسة الخارجية وقعت على الرسالة- أن العملية الاخيرة لبيع الأسلحة الى الإمارات هي بداية جيدة للعمل الفعلي.
“وعد الرئيس المنتخب بايدن برسم مسار مختلف عن ترامب، ونأمل أن يبدأ بالتراجع الفوري عن أكبر عدد ممكن من المبيعات التي تم الإعلان عنها للتو إلى الإمارات، ومن خلال وضع فترات توقف عمليات النقل التي قام بها الكونجرس وحاولوا سابقاً رفضها في عهد ترامب”.
وتابعت كايزر أن الرئيس المنتخب “يجب أن يستفيد من الالتزام المتجدد من الحزبين بإعادة تركيز مخاوف حقوق الإنسان في عمليات نقل الأسلحة الأمريكية، فضلاً عن المساءلة عن إساءة استخدام الأسلحة في الماضي”.
“نتوقع من كل من الكونجرس والرئيس المنتخب بايدن أن يصلحا حقاً الوضع الراهن لبيع الأسلحة غير السليم في العام المقبل وأن ينهي أخيراً الممارسة التي استمرت عقوداً من تسليح منتهكي حقوق الإنسان واستخدام مبيعات الأسلحة لتحقيق مصالح وطنية خاطئة وغالباً ما تكون عسكرية”.
توسطت إدارة ترامب في اتفاق بين إسرائيل والإمارات هذا الصيف، حيث وافقت الإمارات على تطبيع العلاقات الدبلوماسية مقابل وقف إسرائيل لضم مخطط لأجزاء من المستوطنات المحتلة في الضفة الغربية.
أفادت صحيفة تايمز أوف إسرائيلية, أن توني بلينكين، كبير مستشاري السياسة الخارجية لبايدن، الذي أشاد بالاتفاق المثير للجدل، حذر من أن البيع يبدو أنه جزء من “مقايضة” تتعلق باتفاقية التطبيع, وأن إدارة بايدن ستحتاج إلى مراجعة البيع من أجل الحفاظ على تفوق إسرائيل في المنطقة.
أشارت ميشيل فلورنوي، وكيل أوباما لشؤون السياسة الدفاعية وأحد المنافسين البارزين لوزير الدفاع في إدارة بايدن، إلى معارضة حظر مبيعات الأسلحة إلى السعودية خلال محادثات حول اليمن في الاجتماع نصف سنوي المنعقد في يناير الماضي لمركز أبحاث ليبرالي ” فورين بوليسي فور أمريكا”.
وذكرت صحيفة”The American Prospect” اقتراحاً بديلاً لسياسة الاستخدام المشروط، والتي لن تمارس الصناعة الحربية ضغوطاً ضدها.
كما ذكرت صحيفة “بوليتيكو” الأسبوع الماضي “عقدت فلورنوي مكالمة مع مجموعات السياسة الخارجية التقدمية الكبرى قبل عدة أيام من الانتخابات لتهدئة مخاوفهم بشأن موقفها من مبيعات الأسلحة إلى السعودية، قائلة إنها تعارض بيع الأسلحة الهجومية التي يمكن استخدامها في اليمن.
ورفضت حملة بايدن التعليق على هذه القصة، لكنها أشارت إلى تعليقات بايدن السابقة على السعودية وتعليقات توني بلينكين على الصفقة الإماراتية.
قال أليكس ماكوي، المدير السياسي في مجموعة الدفاع المشتركة للمحاربين القدامى، إن فريق بايدن الانتقالي قد تواصل مع مجموعته وعدد من منظمات السياسة الخارجية التقدمية الأخرى وشارك في انتقاداتهم بحسن نية, على الرغم من عدم وجود تمثيل تقدمي كبير في الفرق الانتقالية لوكالات الأمن القومي.
قضية توقيع الدفاع المشترك هي التعهد بـ “إنهاء الحروب إلى الأبد” والذي لم يوقع عليه بايدن ونائبته كامالا هاريس رسمياً، على الرغم من ظهور لغة مماثلة في برنامج بايدن الانتخابي.
ولكن عندما يتعلق الأمر بمبيعات الأسلحة، قال أليكس “إنه يتوقع أن تكون منطقة اتفاق مع الإدارة الجديدة.
وأوضح أنه من المفيد أن يكون الوسط في الحزب متفقاً بشكل عام على أنه لا ينبغي للولايات المتحدة بيع الأسلحة إلى الدول الاستبدادية.
أعتقد أن هذا مجال واضح حيث أصبح الرأي العام أكثر وضوحاً لواضعي السياسات, ولذا فإنني أرى تحركاً متناسباً من قبل صناع السياسة هؤلاء”.
جعل الحزب الديمقراطي من أولوياته إنهاء التدخل الأمريكي في الحرب التي تقودها السعودية في اليمن، والتي دمرت البلد ودفعت بها إلى حافة المجاعة.
كما أدرجتها اللجنة الوطنية الديمقراطية في برنامجها، ودعا بايدن إلى إنهاء الدعم الأمريكي للتحالف السعودي في اليمن وعارض دعم الولايات المتحدة للحرب في اليمن في مايو الماضي، بعد وقت قصير من استخدام ترامب حق النقض ضد قرار سلطات الحرب.
في سؤال وجواب مع مجلس العلاقات الخارجية في أغسطس الماضي، انتقد بايدن ترامب لإعطائه السعودية “شيكاً خطير على بياض” لتمديد مدة الحرب في اليمن.
ينوي التقدميون إلزام بايدن بهذا الوعد. قرار سلطات الحرب المشترك لوقف النشاط الأمريكي في الحرب الجارية والذي كانت تحت رعاية النواب من الحزب الديمقراطي عن ولاية كاليفورنيا بيرني ساندرز، ورو خانا, الذي يعطيهم خارطة طريق تم تمريرها في المجلسين العام الماضي بدعم من 23 جمهورياً.
قال مات داس، مستشار السياسة الخارجية لساندرز: “إن التقدميين مهتمون حقاً بتشجيع إدارة بايدن على المتابعة بسرعة كبيرة فيما يتعلق بالالتزام بإنهاء حرب اليمن، منذ البداية”.
“إنها ليست مجرد أولوية بالنسبة لهم، بل إنها قضية من الحزبين في هذه المرحلة”.
وفي حديثه إلى”The Intercept” أعرب خانا عن ثقته في أن الكونغرس سيمرر قراراً آخر لسلطات الحرب ينهي التورط في اليمن وأن بايدن سيوقع ذلك في الشهر الأول أو الثاني من رئاسته”.
وأضاف: “نحن بحاجة إلى قدر أكبر من ضبط النفس فيما يتعلق بالتدخل، وليس الدخول في مزيد من المواجهات في الخارج…. أعتقد أن القرار الذي سيقيس مدى أين يمكن أن نحقق تقدماً هو حظر أي مبيعات أسلحة إلى السعودية”.
قالت كيت كايزر من منظمة “Win Without War” إن بايدن يمكن أن “يقطع من جانب واحد المزيد من تبادل المعلومات الاستخباراتية والتعاون الأمني” مع السعودية والإمارات, ويجب أن تتبع هذه الخطوات الفورية خطوات ملموسة لمحاسبة الحكومتين السعودية والإماراتية على انتهاكاتهما في اليمن في الحرب الأهلية وعمليات مكافحة الإرهاب وليس فقط من خلال حظر الأسلحة على هذه الدول في المستقبل المنظور ووضع التعاون الأمني الآخر تحت السيطرة.
ولكن أيضا من خلال دعم الجهود المتعددة الأطراف لخلق العدالة للضحايا الذين لا يعدون ولا يحصون جراء هذا الصراع المستمر منذ ست سنوات في دفع الجهود لتحقيق سلام دائم.
بالإضافة إلى السعودية، دعا بايدن إلى تقييد تدفق الأسلحة إلى أذربيجان.اعتباراً من أكتوبر، كانت الولايات المتحدة تقف وراء تركيا في عمليات مبيعات الأسلحة إلى البلد.
وفي بيان صحفي الشهر الماضي، دعا بايدن ادارة ترامب لوقف إرسال المعدات إلى أذربيجان ودفع تركيا وروسيا لوقف تأجيج الصراع في أرمينيا.
حيث قال “يجب على الإدارة أن تنفذ بالكامل ولا تتنازل عن المتطلبات بموجب المادة 907 من قانون دعم الحرية لوقف تدفق المعدات العسكرية إلى أذربيجان، ودعوة تركيا وروسيا لوقف تأجيج الصراع مع توريد الأسلحة لتركيا او المرتزقة.”
وأضاف أنه بدلاً من ذلك، ويتعين على الولايات المتحدة قيادة الجهود لإنهاء القتال والضغط من أجل المساعدة الإنسانية الدولية, “تحت إدارتي, وهذا بالضبط ما سنفعله”.
تناول بايدن قضايا السياسة الخارجية الأخرى التي تعتبر مهمة للتقدميين، مشيراً إلى أنه يريد العودة إلى الاتفاقية النووية الإيرانية.
يأمل التقدميون أيضاً أن يتم دفعه للتراجع عن العقوبات القاسية في دول مثل فنزويلا وسوريا وإيران، وفقاً لما قاله أحد مساعدي الكونجرس الذي طلب عدم نشر اسمه لأنهم غير مخولين بالتعليق علناً على انتقال بايدن.
“أعتقد أنه ستكون هناك حالة آمل, نتمكن فيها من القيام بحركة تقدمية توفر الإغاثة الاقتصادية الحقيقية، وتخفيف العقوبات، وتعزيز المساعدات الإنسانية، وما إلى ذلك ستكون حيوية لتعزيز الاقتصاد الأمريكي، وهو الشيء الذي يجب على إدارة بايدن التركيز علية اولاً”.
وسيتعين على التقدميين في الكونجرس الذين يأملون في الحصول على انتصارات في السياسة الخارجية أن يتنافسوا مع أغلبية أقل بكثير في الجلسة المقبلة لمجلس النواب، بعد أن فقدوا 11 مقعداً لصالح الجمهوريين حتى الآن من أغلبيتهم البالغة 35 مقعداً، مع وجود بعض السباقات في الكونجرس التي لم يتم عقدها بعد.
والنتيجة هي أن الفرقة قد توسعت لتشمل جمال بومان الذي أطاح بزعيم السياسة الخارجية إليوت إنجل، رئيس لجنة الشؤون الخارجية والتجمع التقدمي في الكونجرس يعيد الهيكلة بطريقة تسمح لهم بالاستفادة من قوتهم المتنامية.
يضع التقدميون أعينهم على مقترحات مثل تلك التي دعا إليها ساندرز والنائبة إلهان عمر، عن الحزب الديمقراطي من ولاية مينيسوتا، والتي من شأنها أن تسمح لصندوق النقد الدولي بتوزيع حزمة تحفيز عالمية لدعم البلدان الأكثر تضرراً من جائحة فيروس كورونا وما تلاه من ركود اقتصادي عالمي.
قال المساعد: “هناك نوع من جوانب الفقر العالمي في هذا الأمر، وأعتقد أنه في ظل إدارة بايدن، سنكون قادرين على رؤية الكثير من ذلك”.
* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع.