السياسية: تقرير : نجيب هبة

هل سيؤدي دخول جو بايدن إلى البيت الأبيض خلفاً للمتطرف ترامب إلى تغيير سياسة واشنطن الخارجية وخاصة في منطقة الشرق الأوسط الملتهبة؟ وهل فعلا سيعمل على تهدئة نيران الحروب والصراعات المشتعلة في المنطقة؟ أم أنه سيركز اهتماماته على الأوضاع الداخلية لأمريكا ويترك السياسة الخارجية حتى ينتهي من ترتيب الوضع الداخلي المتأزم..

وفيما يستعد بايدن لتسلم سلطاته كرئيس للولايات المتحدة يسعى ترامب لاستغلال الفترة القصيرة المتبقية من ولايته لتحقيق جملة من الأهداف الكارثية فها هو يسعى لتمرير صفقة أسلحة هي الأضخم لدويلة الإمارات وهي الصفقة التي تضم طائرات الf35 والطائرات بدون طيار.. كما قام بتغيير وزير دفاعه وهو ما اعتبره محللون رغبة من ترامب في شن حرب على إيران مع آخر أيامه في البيت الأبيض.

وتأتي صفقة الأسلحة هذه مع سعي حثيث لدويلة الإمارات المارقة إلى الاستفادة من تطبيع علاقاتها مع كيان الاحتلال الاسرائيلي للحصول على مزيد من الأسلحة المتطورة لتجربتها في بلادنا واستكمال تدمير هذا البلد.. فلم تكتفي مشيخة الشر الإماراتية باحتلال السواحل والموانئ والجزر، ونهب الثروات من نفط وغاز وغيرها ونهب الآثار ، ومنع اليمنيين من تصدير النفط والغاز ونشر الفقر والجوع.. ولكنها فوق هذه الجرائم تريد أن تحصل على مزيد من الأسلحة الفتاكة لتدمير ماتبقى من مساحات غير مدمرة في اليمن وقتل المزيد من اليمنيين.

فهل سيتمكن جو بايدن من وقف هذه الصفقات المشبوهة لبيع الأسلحة للدول والأنظمة الإجرامية التي تشن حرباً عدوانية لم يشهد لها التاريخ مثيلاً على اليمن؟

ففي هذا السياق قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إن إدارة الرئيس دونالد ترامب أخطرت الكونجرس يوم الثلاثاء بموافقتها على بيع أنظمة أسلحة أمريكية متطورة بأكثر من 23 مليار دولار للإمارات على أن يشمل ذلك مقاتلات إف-35 وطائرات مسيرة مسلحة.

وقبل نحو اسبوعين أخطر البيت الأبيض الكونجرس بأنه ينوي بيع 50 طائرة من طراز (إف-35) لايتنينج 2 من صنع شركة لوكهيد مارتن إلى الإمارات بنحو 10 مليارات دولار.. كما تشمل الصفقة بيع 18 طائرة مسيرة مسلحة (إم.كيو-9 بي) بنحو 3 مليارات دولار ومجموعة من الذخائر جو- جو وجو- أرض.

وفيما يبدو أنه مكافأة للإمارات على تطبيع علاقتها مع اسرائيل ، قال بومبيو في بيان نقلته وكالة رويترز “هذا تقدير لعلاقاتنا العميقة وحاجة الإمارات لقدرات دفاعية متطورة للردع والدفاع عن نفسها في مواجهة التهديدات المتصاعدة من إيران”.

ومايغيب عن التفكير القاصر لزعماء دول التطبيع والعدوان أن أي صفقة تبرمها الولايات المتحدة لبيع أسلحة في الشرق الأوسط تضمن فيها أمريكا ألا يؤثر ذلك على “التفوق العسكري النوعي” لربيبتها إسرائيل.. وأن موافقتها على بيعها لدول عربية لا يأتي إلا في إطار المصالح الاقتصادية لأمريكا وضمان استمرار الفوضى في المنطقة العربية.

وقد عبر زعماء نظام الإمارات الإجرامي، منذ وقت طويل عن رغبتهم في شراء هذه الطائرات، القادرة على التخفي عن أعين الرادار، وحصلوا على وعد بفرصة لشرائها في صفقة ثانوية عندما وافقوا على تطبيع العلاقات مع العدو الإسرائيلي.

تعهدات بايدن

في برنامجه لانتخابات الرئاسة دعا بايدن إلى إنهاء دور الولايات المتحدة في الحرب على اليمن، فيما يمثل تراجعاً واضحاً عن سياسة اتبعتها إدارة الرئيس الديمقراطي الأسبق باراك أوباما الذي كان بايدن نائباً له.

وتعهد بايدن بوقف التدخل في حرب اليمن عن طريق وقف دعم السعودية والتوقف عن تسليحها، كما تعهد حينها بعدم مواصلة سياسة إدارة ترامب “التي تدعم الممارسات الاستبدادية، والمنافسات الداخلية، والحروب بالوكالة، وتعرقل الانفتاح السياسي في جميع أنحاء المنطقة”.

إعادة التوازن تدريجيا

ويعتقد الباحث في مركز واشنطن للدراسات الاستراتيجية سيف مثنى، أن بايدن سيسعى لإعادة التوازن للولايات المتحدة، خاصة فيما يخص الحلفاء.

واستبعد مثنى أن يتم إلغاء عقود التسليح مع السعودية أو بيع الإمارات طائرات “إف-35” بشكل مبكر، قائلاً: “قد يحدث التقليل من الدعم وتقليص بيع الأسلحة، لكن لا أعتقد توقيفها، فالأمن القومي قاعدة أساسية في المؤسسة الأمريكية، والحفاظ على بعض التوازنات”.

ويرى أن بايدن “قد يضغط نحو إيقاف حرب اليمن والتوجه للضغوطات السياسية، لكن ذلك سيحدث بالضغط على السعودية؛ لأن بيدها هذا الملف الكبير”.. مشيراً إلى أن ضغط بايدن سيكون لدفع السعودية نحو تهدئة التوتر مع إيران”.

من جانبه ، يعتقد أستاذ دراسات الشرق الأوسط ومدير مركز دراسات الخليج بجامعة قطر، محجوب الزويري، أن “سياسة بايدن في الأشهر الستة الأولى إلى 12 شهراً، ستركز بشكل كبير على الوضع الداخلي، ولن يلتفت للسياسة الخارجية”.

وأوضح الزويري في حديث لموقع “الخليج أونلاين” أن أول خطوة سيقوم بها هي “الاهتمام بالوضع الداخلي والنتائج الاقتصادية الداخلية المترتبة على أزمة فيروس كورونا، وكذا لملمة المجتمع الأمريكي المنقسم جداً، وخصوصاً مع ما رأيناه في الانتخابات”.

ولكنه لا يستبعد أن “يرسل بايدن رسائل للسعودية تؤكد مواقفه السابقة من عدم رضاه عن ملفات تتعلق بحقوق الإنسان، وسيدعو للنظر في ملفات والعقود المتعلقة بالأسلحة”.

إلا أنه رغم اهتمام بايدن بالملف الداخلي فإن الزويري يرى أيضاً أن النقطة الأساسية في السياسة الخارجية التي سيركز عليها بايدن وستكون رقم “2” في أولوياته تتعلق “بقضية الطائرات مع الإمارات”، مشيراً إلى أنه “قد يعلق بيعها، وهو ما قد يواجه بالضغوط من إسرائيل”.

وتظهر الإمارات تعطشها للمزيد من الدمار في اليمن من خلال سعيها للحصول على صفقات أسلحة نوعية جوية، ووجدت دولتي العدوان السعوإماراتي في اليمن مكانا ملائماً لتجربة أسلحتها والتي من بينها أسلحة محرمة دولياً، بينما التزم المجتمع الدولي الصمت ، أو قام بإصدار بيانات تنديد لم تقدم أو تؤخر ولم تتمكن من إيقاف العدوان.

العفو الدولية تدعو لوقف بيع السلاح للإمارات

إلى ذلك، دعت منظمة العفو الدولية الولايات المتحدة الأمريكية، إلى وقف مبيعات الأسلحة المعلن عنها للإمارات العربية المتحدة جراء تورطها في جرائم حرب باليمن.

وأوضحت في بيان لها أن “مبيعات الأسلحة الأميركية إلى الإمارات قد تجعل واشنطن مسؤولة عن سقوط المزيد من الضحايا المدنيين في اليمن”.

وأفاد فيليب ناصيف، مدير المناصرة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية، أن “الحقيقة المذهلة المتمثلة في أن حكومة الولايات المتحدة تواصل دعمها الثابت لتوفير الأسلحة التي تخاطر بزيادة الخسائر المدمرة للمدنيين اليمنيين الذين قُتلوا بشكل غير قانوني وأصيبوا بأسلحة أمريكية الصنع، لافتاً إلى أنها يجب أن تهز صميم كل شخص يعيش في هذا البلد”.

وأضاف “يجب على الولايات المتحدة الامتناع بحزم عن توريد الأسلحة التي يمكن استخدامها في الصراع، وعدم نقل الأسلحة إلى الإمارات أو المخاطرة بالتواطؤ في جرائم حرب محتملة في اليمن”.

وأوضحت المنظمة في بيانها أن “هذه الطائرات الأمريكية بدون طيار يمكن أن تكون مسؤولة عن الهجمات الإماراتية التي تنتهك القانون الإنساني الدولي وتقتل وتجرح آلاف المدنيين اليمنيين الذين يتحملون بالفعل وطأة واحدة من أكثر الكوارث الإنسانية تدميراً في العالم”.

وأضاف ” زارت منظمة العفو الدولية وحققت في عشرات مواقع الضربات الجوية في ثماني محافظات يمنية وعثرت مراراً على بقايا ذخائر مصنعة في الولايات المتحدة”.. موضحاً أنها “قامت بفحص قنابل Raytheon Pave way المصنعة في الولايات المتحدة والتي أصابت المستشفيات والمدارس ومنازل المدنيين مما أسفر عن مقتل مقدمي الرعاية الصحية والمدرسين وعائلات بأكملها، بما في ذلك أطفال لا تتجاوز أعمارهم عامين”.

ضوء أخضر لمواصلة العدوان

ونقلت قناة “بي بي سي” عن ويليام هارتونغ، من معهد السياسة الخارجية في واشنطن، إن “الولايات المتحدة تدير في الوقت الحالي سباقاً مع نفسها للتسلح في الشرق الأوسط”. ووصف هارتونغ، ما سمي رسمياً باتفاقات إبراهام (اتفاقات التطبيع)، بأنها اتفاقيات لبيع الأسلحة.

من جانبها، قالت رضية المتوكل، إحدى المؤسسات لمنظمة “مواطنة” لحقوق الإنسان، من العاصمة صنعاء إن “مبيعات الأسلحة بمثابة ضوء أخضر لهم ليواصلوا الحرب”.

وأكدت المتوكل في تصريح لـ “بي بي سي” أن منظمة “مواطنة” “تقوم بتوثيق الغارات الجوية حين تستهدف مدنيين.. مشيرة إلى أن “مواطنة” وثقت أكثر من 500 واقعة، وعثرت على آثار للأسلحة في عدد قليل من الحالات، وكانت غالبيتها من الولايات المتحدة، وبعضها من المملكة المتحدة، ومن إيطاليا في حالة واحدة”.

وترى المتوكل، “إنهم واثقون من أن الولايات المتحدة ستدعمهم وترسل لهم السلاح” في إشارة إلى دولتي العدوان السعوإماراتي.

ويعتبر المحلل الدفاعي برونك، في حديث مع “بي بي سي” إن “الإمارات تحاول منذ وقت طويل الحصول على الطائرات المسلحة الأمريكية لاستخدامها في اليمن، بسبب قدرتها على العمل على ارتفاعات كبيرة، بعيداً عن النيران المضادة للطائرات”.

اليمن كموقع اختبار للأسلحة

وقالت منظمة “باكس” الهولندية، المناهضة لتجارة السلاح، إن “اليمن كان موقع اختبار لحرب الطائرات المسيرة”، ويؤكد برونك أنه إذا حصلت الإمارات على إف 35 فإن المزيد من الدول العربية تتوقع أن تسير في نفس المسار.

وكان البيت الأبيض حرص على بيع الأسلحة لدول الخليج والحلفاء الآخرين، معززاً مكاسب شركات التصنيع الأمريكية.. ضارباً عرض الحائط بكل مايتعلق بحقوق الإنسان والقوانين والأنظمة الدولية.

وفي تطور مثير للجدل، استخدم الرئيس ترامب العام الماضي قوانين الطوارئ كي يتجاوز معارضة الكونغرس لبيع أسلحة بمليارات الدولارات للسعودية والإمارات.

وفي محاولة للوقوف في وجه مبيعات الأسلحة التي تستخدم في العدوان .. أطلق نشطاء يمنيون في مواقع التواصل الاجتماعي مطالبات بوقف صفقة بيع طيران الدرونز الأمريكي MQ-9 للإمارات، وهي طائرة “درون” بدون طيار تستخدم أيضا كقاذفة للصواريخ في القتال.

واعتبر النشطاء هذه الصفقة بمثابة تصريح للإمارات لممارسة انتهاكاتها بحق المدنيين والأبرياء في مختلف الدول التي تمتد إليها يد المعتدين الإماراتيين، لاسيما وأن للإمارات تاريخاً أسود في القصف العشوائي الذي لا يلقي حسابا للمدنيين ، حسب النشطاء ، الذين قالوا أن الإمارات “دولة غير مأمونة على سلاح كهذا”.

وكالات