الإعلام الامريكي يكشف المشاركة الأمريكية المباشرة في العدوان على اليمن
السياسية :
تقرير : نجيب هبة
كان لافتاً في بداية العدوان على بلادنا أن الإعلان عن بدء هذه الحرب المجرمة تم من واشنطن ولم يعد خافياً على احد أن أمريكا هي رأس الحربة في هذا العدوان وهي بطبيعة الحال من تمتلك قرار انهاءه أو الاستمرار فيه ..
وليس بيع أمريكا وغيرها من الدول الأوروبية الأسلحة لدولتي العدوان السعودي والإماراتي واستمرارهم في بيعها حتى اليوم إلا تحصيل حاصل ويصب في إطار الدعم للمعتدين من أجل تنفيذ عدوانهم والضرب عرض الحائط بكافة المواثيق والقوانين الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.
ليس بمستغرب ايضاً الفضائح التي تكشفها الصحافة الغربية والامريكية ذاتها من مشاركة الولايات المتحدة بشكل مباشر في تنفيذ الغارات والقصف على اليمن الذي أدى إلى قتل كثير من المدنيين مع سبق الاصرار والترصد.
على هذا الصعيد نشرت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية تقريراً، للمختصة في الشؤون السياسية والأمن القومي، ميسي رايان، سلطت الضوء فيه على مشاركة أمريكا في العدوان على اليمن.
وقالت رايان، إن أمريكا نفذت ما لا يقل عن 190 عملًا مسلحًا معظمها غارات جوية منذ أن تولى ترامب الرئاسة في 2017م، ما أسفر عن قتل العديد من المدنيين في اليمن.
ورأت رايان إن “التحليل الذي أجرته منظمة (أير وورز)، التي تتخذ من بريطانيا مقراً لها ، نظرة ثاقبة جديدة للحرب التي كانت محاطة بالسرية إلى حد كبير”.
وحثت المنظمة البريطانية السلطات العسكرية الأمريكية على التحقيق في مزاعم وقوع وفيات غير مقاتلين والكشف عن مزيد من المعلومات حول الإجراءات التي تقوم بها ضد المسلحين في اليمن ، في إشارة إلى مسلحى القاعدة، كما فعلت في الحرب التي تقودها الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا.
ولفتت ميسي رايان إلى أن القيادة المركزية الأمريكية التي تُشرف على العمليات العسكرية في الشرق الأوسط فشلت بشكل كبير في تحديد ومراجعة والاعتراف بالادعاءات المتعلقة بأضرار المدنيين نتيجة أفعالها في اليمن.
واستغربت من التقارير السنوية المنسوبة إلى الكونغرس بشأن التحقيقات في الخسائر المدنية لعامي 2018-2019، حيث زعمت وزارة الدفاع الأمريكية إنه لم يتم الإبلاغ عن وقوع حوادث بين المدنيين في اليمن.
وتحدثت الكاتبة في صحيفة “واشنطن بوست” عن أبعاد الحرب على اليمن، قائلة “بينما تواصل أمريكا والإمارات استهداف القاعدة في شبه الجزيرة العربية، والفرع المحلي للدولة الإسلامية بشكل دوري، فقد استهلكت حرب غير متصلة بمزاعم الاهاب معظم البلاد من 2015″.
وتطرقت الـ” واشنطن بوست” إلى تقرير المنظمة البريطانية “أير وورز” الذي أكد أن الغالبية من الأعمال المسلحة التي حدثت في اليمن، كانت منذ تولى ترامب رئاسة الولايات المتحدة في 2017.
تقول آير رووز ان ترامب بدأ رئاسته لأمريكا بسفك الدماء في اليمن ، فبحسب المنظمة البريطانية، كانت أول عملية عسكرية في عهد ترامب، عبارة عن غارة مشؤومة وقعت بعد أيام من تنصيبه، وأسفرت تلك العملية التي شاركت فيها نخبة من القوات الأمريكية والإماراتية، عن مقتل عدد كبير من القتلى المدنيين اليمنيين.
وتلك الغارة، هي الحدث الوحيد خلال إدارة ترامب الذي اعترفت فيه الحكومة الأمريكية باحتمال سقوط ضحايا من المدنيين، بينما قدر المسؤولون العسكريون أن عدد القتلى غير المقاتلين يصل إلى 12، فيما تعتقد “أإير وورز” أن العدد يصل إلى 20 على الأقل.. بالإضافة إلى العديد من الغارات الجوية التي اسفرت عن سقوط مئات الضحايا من المدنيين.
هذا فيما يتعلق بالضربات المرتبطة بحرب الارهاب والتي تشرف عليها الاستخبارات الامريكية مباشرةً وتنفذها الوحدات الخاصة ومقاتلات الدرونز.
ووفقاً للمنظمة البريطانية فإن وكالة المخابرات المركزية نفذت تلك الضربات أو كانت نتاج نشاط عسكري سري.
ونوهت المنظمة البريطانية أنه ومنذ منتصف العام 2019، هيمنت الأعمال السرية على المشاركات الأمريكية في اليمن مع تداعيات مقلقة على المساءلة عن الأضرار المدنية.
من ناحيتها سلطت صحيفة “الانترسبت” الأمريكية الضوء على تقرير المنظمة المنظمة البريطانية.. مشيرةً إلى أن تقرير مجموعة المراقبة المستقلة ، يعطي صورة أوضح للتأثير المدمر لإدارة ترامب على اليمن.
وأضافت أن التقرير الذي يحمل عنوان “تآكل الشفافية: إجراءات مكافحة الإرهاب الأمريكية في اليمن في عهد الرئيس دونالد ترامب”، يرسم صورة لحرب تم شنها بوحشية على مدى السنوات الأربع الماضية بينما تم طمرها بهدوء عن الأضواء وإبعادها عن الرأي العام.
وأكدت صحيفة الانترسبنت أن واقع الفترة التي قضاها ترامب في المنصب لا يتوافق مع تلك الصورة المنمقة التي أعلن عنها في حملته الانتخابية عام 2016 من خلال تصوير نفسه، على الأقل لبعض الوقت، على أنه عامل توازن لمؤسسة السياسة الخارجية الأمريكية المتعطشة للدماء والخروج عن السيطرة.
وبحسب الأرقام التي قدمها التقرير فإن العامين2017 و 2018 هما أكثر الأعوام نشاطاً في سياق العمليات السرية للمخابرات والقيادة المركزية الامريكية لكن العمليات الدموية لم تتوقف طيلة هذه الحربولا تزال مستمرة الى اليوم واغلب ضحاياها من المدنيين.
وتشير الصحيفة الأمريكية إلى أن المجهود الحربي الأمريكي الكامل في اليمن يحتوي على ماوصفته بمكونات مختلفة من هجمات وغارات جوية نفذها الجيش وحملة سرية منفصلة تشمل هجمات لطائرات بدون طيار وإجراءات أخرى نفذتها وكالة المخابرات المركزية، ويظل الدعم الذي قدمته واشنطن ولا زالت للتحالف الذي تقوده السعودية في هذه الحرب العدائية ابرز مظاهر الشراكة الامريكية المباشرة في العدوان على بلادنا.
ترامب ورث هذه الجهود من سلفه باراك أوباما، لكنه جعلها أكبر وساهم في جعل اليمن، كما وصفته هيومن رايتس ووتش ، أكبر أزمة إنسانية في العالم.
وتضيف “الانترسبنت” أن ترامب كان سعيداً بالإشراف على تفاقم هذه الأزمة من خلال قصف وتنفيذ غارات في البلد بشكل دوري، فضلاً عن تسليح دول أجنبية مثل السعودية والإمارات للمساعدة في حملاتهم الخاصة.. وفي عام 2019, فشل ترامب في اتخاذ أي خطوة في اليمن مما جعله يستخدم حق النقض ”الفيتو” الرئاسي الثاني من أجل منع أي تحرك من قبل الكونجرس لإنهاء تورط الولايات المتحدة في الحرب.
ومما زاد الطين بلة، كما يشير التقرير, ان ترامب تراجع حتى عن المحاولات المتواضعة للكشف بشفافية عن العمليات العسكرية الأمريكية.. فقد أصدر ترامب في 2019 أمراً تنفيذياً لوقف تنفيذ إجراء يعود إلى عهد أوباما، ينص على الكشف العلني عن عدد القتلى التقديري في صفوف المدنيين من العمليات الأمريكية في مناطق مثل اليمن.
وجاءت هذه الخطوة بعد لتمنح الجيش الأمريكي القدرة على تنفيذ عمليات قتالية تحت إشراف محدود يتجاهل في الغالب الضحايا المدنيين.
وزعم الجيش الأمريكي في تقارير سنوية تحت إدارة ترامب أنه لم يُقتل أي مدني في اليمن خلال العمليات التي نفذها في عامي 2018 و 2019.. ويتعارض هذا الادعاء الكاذب مع التقارير المضنية من قبل مجموعات المراقبة التي فضحت جرائم الامريكيين في بلادنا منذ بدء الحرب.
وقالت الصحيفة أنه مما لا يثير الدهشة، أن عدد القتلى الكبير من قبل المدنيين لم يحرك ضمير أي أحد من قبل إدارة خرجت عن طريقها, بل وسعت لتشجيع والدفاع عن الأفراد المتهمين بقتل المدنيين.
وبينما دفع ترامب لإعادة انتخابه، بوصف نفسه بأنه معارض لـ “حروب لا نهاية لها”، فإن الأمر يستحق التفكير في مصير المدنيين الذين سقطوا بنيران امريكية مباشرة او بشراكة امريكية مع تحالف العدوان السعودي الاماراتي في عهد ترامب.
بغض النظر عن من سيفوز في الانتخابات الرئاسية الأمريكية فإن ما يبدو أكثر وضوحاً أن واشنطن تتعامل مع العرب والمسلمين بسياسات عدائية لاعلاقة لها بالأفراد أو بشخصية الرئيس، وهي السياسات التي ترجمت إلى حروب عسكرية واقتصادية وثقافية ضد كل ماهو عربي ومسلم وليس العدوان على اليمن إلا حلقة في إطار تلك السلسلة من الحروب التي دائما ماكانت واشنطن زعيمة لها سواءً كان رئيسها جمهوريا أم ديمقراطياً.