السياسية / مركز البحوث والمعلومات: زيد المحبشي

تدشن اليمن عاماً دراسياً جديداً، قد يكون الأسوأ في تاريخ التعليم في هذا البلد المنكوب، بالنظر إلى حجم الخسائر الفادحة التي ألحقها العدوان السعودي الإماراتي ومرتزقتهم بالقطاع التعليمي، في السنوات الست الماضية،

ورغم كل ذلك لا تزال الجبهة التربوية في طليعة جبهات العزة والكرامة المتصدية بكل بسالة للعدوان الجائر على بلادنا، وإسقاط مخططاته الشيطانية الرامية إلى تجهيل المجتمع اليمني، وحرمان اليمنيين من حقهم في التعليم، بعد أن دمّرت آلة القتل العبرية كامل البنية التحتية لليمن، في محاولة عبثية لإعادتنا إلى العصور الحجرية، وإبقائنا مكباً لنفاياتهم، وحديقة خلفية لصبيانهم ومراهقيهم، خدمة لأسيادهم في البيت الأسود وتل أبيب، وهيهات لهم ذلك.

 

رسمت الجبهة التربوية وللعام السادس، رغم هالة الخراب والدمار التي لحقت بالمؤسسات والمنشآت والمرافق التعليمية، أروع ملاحم وصور البطولة ضد عربدة وعجرفة وطغيان وجبروت عدوان تحالف العاصفة، بفضل الثبات والصمود الأسطوري للكادر التربوي من معلمين ومعلمات وموجهين وإداريين وفنيين، ..،

والذين صدروا أسمى معاني التضحية والتفاني والإيثار في القيام بواجباتهم التربوية الرسالية، وتجاوزهم كل الظروف والعقبات الصعبة التي أوجدها العدوان وحصاره البغيض، وهم وحدهم من يجب أن ترفع له القبعات، فلولا صمودهم لانهارت المنظومة التعليمية منذ السنة الأولى للعدوان.

في هذه القراءة والقراءة التالية سنحاول تقديم مقاربة رقمية لواقع التعليم في المناطق الغير خاضع للاحتلال السعودي الإماراتي، والأضرار الجسيمة التي لحقت بالمؤسسات والمنشآت التعليمية فيها، خلال السنوات الست الماضية، من واقع التقارير الرسمية وتقارير المنظمات المحلية والدولية، وهي بمجملها لا تمثل سوى جزء يسير مما هو موجود على الواقع، نظراً لعدم وجود قاعدة بيانات دقيقة عن حجم الخراب والدمار الذي ألحقه العدوان بالبنية التحية لليمن حتى اللحظة.

والتي كان لقطاع التعليم حصة الأسد منها، ومع ذلك لا تزال المؤسسات التعليمية تؤدي رسالتها، رغم استمرار العدوان والحصار، واستمرار محاولاته العبثية لشل العملية التربوية، ورغم شحة الإمكانيات وعدم توافر حتى الحد الأدنى منها.

الخسائر البشرية:

تشير تقارير وزارة التربية والتعليم بحكومة الإنقاذ الى أن معدل الضحايا من الأطفال، ممن هم في سن الدراسة يصل إلى 18 طفلاً، كُلّ يوم، ما بين شهيد وجريح.

ويوثق تقرير للأمم المتحدة نشره موقع قناة الجزيرة القطرية بتاريخ 26 يوليو 2019 نحو 1689 طفلاً في اليمن خلال العام 2018، ما بين قتيل ومشوه، وحمّل التحالف الذي تقوده السعودية المسؤولية عن قتل 720 طفلاً، معظمهم بسبب غارات جوية.

وفي أبريل 2019 قالت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة، الخاصة بالأطفال والنزاع المسلح، “فرجينيا غامبا” أن أكثر من 7500 طفل، قتلوا في اليمن منذ بدء الحرب التي يخوضها التحالف بقيادة السعودية.

وكشف تقرير للمركز اليمني لحقوق الإنسان، بعنوان “طفولة بلون الدم ورائحة الموت” نشرته “سانا” في 7 سبتمبر 2020 عن استشهاد وإصابة أكثر من 7200 طفل، في مختلف المحافظات اليمنية بسبب غارات العدوان، عدد الشهداء بينهم 3468 طفلاً.

وسجل تقرير للتحالف العالمي لحماية التعليم من الهجمات بعنوان “التعليم تحت الهجوم” بتاريخ 9 يوليو 2020 أكثر من 5000 طالب ومعلم وأكاديمي، تعرضوا للإصابات والقتل والأذى، في هجمات على التعليم باليمن خلال الفترة “2015 – 2019″، وسجل أيضا 3804 جريح.

91 بالمئة من إجمالي ضحايا الأطفال نتج عن هذه الهجمات المباشرة للعدوان ومرتزقته.

الخسائر المادية:

قدّرت وزارة التربية والتعليم بحكومة الإنقاذ تكلفة الخسائر المباشرة للأضرار التي لحقت بقطاع التربية والتعليم خلال الفترة “26 مارس 2015 – 26 مارس 2020″، بنحو 3 تريليون ريال، وإجمالي تكلفة الخسائر والإضرار المادية التي لحقت بقطاع التعليم جراء استمرار استهداف العدوان للمدارس والمنشأة التعليمية 6118000000 ريال.

وتجاوزت تكلفة الخسائر والأضرار المادية التي لحقت بقطاع التعليم خلال السنوات الثلاث الأولى من العدوان 334052000 دولار.

المنشآت التعليمية المدمرة والمتضررة:

تسببت غارات العدوان وهجمات المرتزقة خلال الفترة “26 مارس 2015 – أبريل 2020” في تدمير وإلحاق الضرر بـ

3652 منشأة تعليمية، أصيبت بأضرار مباشرة وغير مباشرة، وبنسبة تزيد عن 21 % من عدد المنشآت التعليمية العاملة في اليمن، تضم نحو 1898220 طالب وطالبة، بنسبة 32.3 %، يعمل فيها نحو 89840 معلم ومعلمة، منها 412 منشأة دُمرت كلياً، وكان لمحافظة حجة منها النصيب الأوفر بتدميره 110 منشآت، تلتها محافظة صعدة بـ 106 مدارس، و1491 منشأة تدمير جزئي.

 

ومعلومٌ أن عدد طلاب المدارس في عموم محافظات الجمهورية اليمنية 5813862 طالب وطالبة، منهم 4443409 طالب وطالبة يتلقون التعليم بالمدارس الواقعة في المحافظات المحاصرة، وهو ما يمثل نحو 76.3 % من إجمالي عدد الطلاب في عموم المحافظات.

ووثقت دراسة لمدير عام الصحة المدرسية في وزارة التربية والتعليم في حكومة الإنقاذ “عبدالملك حسن السياني” نُشرت في سبتمبر 2020 بعنوان: “التعليم .. تحت نيران العدوان السعودي” نحو 1405 مدارس ومنشآت تعليمية، تضررت بسبب العدوان، منها 288 مدرسة ومنشأة دُمرت كلياً، و1117 مدرسة متضررة.

 

 

وخلال الفترة “26 مارس 2015 – 26 مارس 2018″، دمر التحالف ومرتزقته نحو 2641 منشأة تعليمية وتربوية، شاملة المدارس ومكاتب التربية ومعاهد تدريب المعلمين والنقابات التربوية، 293 منشأة تم تدميرها كلياً، و2348 تدمير جزئي.

ووثق تقرير مشترك لمنظمة حقوق الإنسان اليمنية المستقلة “مواطنة”، ومركز “سيزفاير” لحقوق المدنيين، 380 منشأة تعليمية تعرضت للتدمير بسبب الحرب في اليمن منذ مارس 2015، وحتى ديسمبر 2019.

بينما يتحدث تقرير أخر لوزارة التربية والتعليم بحكومة الانقاذ عن تضرر 6979 منشأة تعليمية بشكل مباشر وغير مباشر، منذ بداية الحرب والحصار على اليمن في 26 مارس 2015 وحتى بداية 2020.

عمليات استهداف المدارس:

وثقت منظمة “مواطنة” أكثر من 2000 واقعة انتهاك على المدارس منذ بدء العدوان على اليمن، وحتى العام 2019، وخلال 2018 فقط تم توثيق نحو 60 واقعة اعتداء واستخدام للمدارس، منها واقعتا هجوم جوي، و22 واقعة احتلال، و36 واقعة لأشكال أخرى كالاقتحامات، إضافة إلى حالة انفجار ذخائر تم تخزينها في مستودعات قريبة من مدارس، أوقعت خسائر كبيرة في صفوف الأطفال.

ووثق تقرير مشترك لمنظمة “مواطنة” و”سيزفاير” خلال الفترة “26 مارس 2015 – 31 يناير 2019″، نحو 153 هجمة جوية، نفذتها قوات التحالف على مدارس ومرافق تعليمية أو بالقرب منها، في 16 محافظة يمنية، هي: صعدة، حجة، أمانة العاصمة صنعاء، محافظة صنعاء، أبين، البيضاء، الحديدة، الجوف، المحويت، عمران، ذمار، لحج، مأرب، شبوة، تعز، الضالع.

معظم تلك الهجمات كانت “عشوائية”، و”لم تجد فرق البحث الميدانية للمنظمة، أو شهود العيان الذين قابلتهم أي أهداف عسكرية بالقرب أو بداخل 140 مدرسة مدمرة أو متضررة، مقابل 13 مدرسة تعرضت لهجوم جوي، كانت بالفعل تستخدمها جماعات مسلحة، أو هناك شبهات لوجود عسكري فيها أو بالقرب منها أثناء الهجوم”.

ونالت محافظات: “تعز، صعدة، حجة، صنعاء” النصيب الأكبر من استهداف العدوان ومرتزقته للمنشآت التعليمية.

ويرى “التحالف العالمي لحماية التعليم من الهجمات” أن اليمن هو البلد الأكثر تضرراً من الهجمات العسكرية للطائرات الحربية والمدفعية، سواء على مستوى المنطقة أو العالم، وقال أن عدد الهجمات على التعليم في اليمن، ظل كبيراً بدرجة مقلقة، فقد تعرّض لأكثر من 1500 هجوم موثق على المدارس، وأكثر الهجمات كانت على بنايات التعليم العالي، حيث وقع أكثر من 130 هجوماً من هذا النوع بين عامي 2015 و2019، اشتملت في حالات كثيرة على القصف والاستهداف بالمتفجرات والغارات الجوية.

ورصدت منظمة “اليونيسيف” نحو 380 واقعة اعتداء وتضرر لمدارس ومرافق تعليمية، لكنها لا تمثل العدد الإجمالي للهجمات، ولا تحصر الأنماط التي تعرضت لها المدارس والمرافق التعليمية أثناء العدوان الجائر على اليمن.

وسجل العام 2019 أعلى معدل في حوادث الاعتداء على المدارس أثناء الدوام الرسمي، حيث تم تسجيل:

32 حالة اعتداء على المدارس في مختلف محافظات اليمن، تنوعت بين القصف المدفعي والغارات الجوية.

16 حادثة قتل لأطفال، وهم في طريقهم إلى المدرسة.

ومن من أبرز الهجمات وأكثر بشاعة:

1 – استهداف العدوان في 10 يناير 2016 مدرسة “الفلاح” ببني “معصار”، في محافظة صنعاء، ما أدى الى استشهاد 3 أطفال وجرح 3 آخرين.

2 – قصف طائرات التحالف في 14 يناير 2016 مدرسة في حي “بازرعة”، بمديرة التعزية، في محافظة تعز، ما أدى الى استشهاد 4 أطفال وجرح طفل.

3 – قصف طائرات التحالف في 13 أغسطس 2016 مدرسة قرية “الدوار”، في مديرية حيدان، بمحافظة صعدة، ما أدى الى استشهاد 10 أطفال.

4 – قصف طائرات التحالف في 6 يناير 2017 مدرسة “الحسين”، بمديرية الحيمة الداخلية، في محافظة صنعاء، ما أدى الى استشهاد 5 أطفال.

5 – استهداف طائرات التحالف في 9 أغسطس 2018 “حافلة مدرسية” تُقِلُ أطفالاً بمديرية ضحيان، في محافظة صعده، ما أدى الى استشهاد 46 طفلاً، وجرح 58 آخرين.

المدارس المغلقة بسبب الحرب والمواجهات:

تتحدث تقارير وزارة التربية والتعليم بحكومة الإنقاذ عن إغلاق 756 منشأة تعليمية، منذ بداية العدوان وحتى أبريل 2020، إما بسبب الغارات، أو بسبب وقوعها في مناطق الاشتباك، أو بسبب استخدامها لإيواء النازحين، منها 179 مدرسة في محافظة صعدة، وتأثر قرابة مليوني طالب في أنحاء اليمن.

وعدد المنشآت التعليمية المغلقة حتى فبراير 2019، بسبب وقوعها في مناطق غير آمنة، نحو 660 منشأة.

في حين تحدث تقرير لمنظمة “اليونيسيف” في مطلع عام 2020 عن توقف 2500 مدرسة، وهذه المدارس لم تعد صالحة للاستخدام بسبب الحرب، وقد دُمّر نحو ثلثيها 66 % بسبب العنف المباشر، فيما أُغلقت 27 % منها، وأُستُخدم 7 % منها لأغراض عسكرية أو أماكن إيواء للنازحين.

وتشير دراسة “السياني، الى إغلاق 70 % من المدارس قبل نهاية العام الدراسي 2014/ 2015، ما أعاق مواصلة تعليم 1.84 مليون طالب وطالبة، وما يقارب 3600 مدرسة، وتأجيل استكمال العام الدراسي، وضياع شهرين دراسيين، وعدم تمكن 600 ألف طالب في الصف التاسع من التعليم الأساسي والصف الثالث الثانوي من الخضوع لامتحانات شهادة التعليم الأساسي والثانوي في موعدها المحدد.

وتكرر الأمر في العام الدراسي 2019/ 2020 بسبب جائحة كورونا، حيث خروج أكثر من مليوني طفل من المدارس، و5.8 مليون طفل كانوا مسجلين في المدارس قبل جائحة كورونا، أصبحوا عُرضة لخطر التسرب.

وقالت منسقة الشؤون الإنسانية في اليمن، “ليز جراندى” أن 70 % من المدارس معرّضة للإغلاق أو بالكاد قادرة على العمل في العام الدراسي الجديد 2020 / 2021، خصوصاً مع إيقاف الأمم المتحدة معظم برامجها في اليمن.

ويؤكد تقرير فريق الرصد والمتابعة التابع للائتلاف اليمني للتعليم تزايد عدد المدارس التي تُغلق أبوابها يومياً، حيث بلغ عدد المدارس المغلقة أو المدمرة حتى نهاية أبريل 2019 حوالي 1596 مدرسة في عموم المحافظات، ما تسبب في حرمان 1600000 طفل في سن التعليم، من الالتحاق بالمدارس.

78 % من المدارس المغلقة تعرضت لأضرار كلية وجزئية نتيجة قصف دول العدوان.

ويذهب المدير الإقليمي “لليونيسف” لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا “خيرت كابيليري”، في بيان أصدره في أكتوبر2017 إلى أن ما أسماه بـ”العنف” قد أدّى إلى إغلاق مدرسة من بين كلّ 10 مدارس، في كلّ أنحاء اليمن.

على مستوى المدارس الخاصة، يؤكد تقرير ميداني لمركز الدراسات والإعلام التربوي، إغلاق نحو 200 مدرسة خاصة، أبوابها، من أصل 1050 مدرسة، خلال العام الدراسي 2015 / 2016 فقط.

المدارس المستخدمة لإيواء النازحين:

تسببت الغارات الجوية المسعورة لتحالف العدوان، في نزوح أكثر من 800 ألف طفل، مع أسرهم، إلى مناطق أكثر أمناً داخل اليمن، وتلقوا تعليمهم في مدارس بديلة أو في مراكز تعليمية تفتقد للحد الأدنى من مواصفات البيئة المدرسية.

ويذكر تقرير لليونيسيف أنّ هناك 1.6 مليون طفل نازح، من إجمالي 3 ملايين نازح بسبب الحرب، أي أن 30 % من الطلبة نازحين ومهجرين داخلياً.

ولم يكن أمام الدولة من خيار سوى فتح المدارس لإيواء النازحين، خصوصاً وأن أكثريتهم ليس لهم أقارب في المناطق التي نزحوا اليها، أو حالتهم المادية لا تسمح باستئجار منزل، وتشير الأرقام الرسمية الى استخدام 880 منشأة تعليمية، كمراكز لإيواء النازحين، حتى مارس 2018، و993 منشأة تعليمية، حتى فبراير 2019، توزعت على النحو التالي:

تعز 20 مدرسة، حجة 45 مدرسة، عمران 25 مدرسة، أمانة العاصمة صنعاء 5 مدارس، البيضاء 7 مدارس، الجوف 11 مدرسة، محافظة صنعاء 2، لحج 2، مأرب 12، المحويت 3، ريمة 5، بحسب دراسة “السياني”.

المراجع:

1 – عبده بغيل، برغم استهدافهم من العدوان السعودي الاميركي الطلاب اليمنيون يدشنون العام الدراسي الجديد، موقع ساحة التحرير المصري، 13 سبتمبر 2019.

2 – محمد الباشا، الأضرار التي تعرض لها قطاع التعليم جراء العدوان على اليمن، صعده نيوز، 30 سبتمبر 2020.

3 – زهور عبدالله، عام دراسي جديد يطل برأسه تحت أوجاع العدوان، صحيفة الثورة اليمنية، 5 سبتمبر 2020.

4 – نجلاء علي، التعليم في اليمن .. إنجازات مميزة رغم الحصار والعدوان، صحيفة الثورة اليمنية، 31 مارس 2018.

5 – طلال محمد، الحرب تخطف طلاب اليمن من المدارس، موقع خيوط، 4 أكتوبر2020

https://www.khuyut.com

6 – أبوبكر الفقيه، كيف يهدد تدهور قطاع التعليم في اليمن بإطالة الصراع، معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، 25 أكتوبر 2019.

7 – سبوتنيك عربي، إضراب المعلمين وغياب الكتاب المدرسي يهددان العام الدراسي الجديد في اليمن، 29 سبتمبر 2020.

8 – الجزيرة نت، تقرير أممي: التحالف السعودي الإماراتي قتل مئات الأطفال في اليمن، 26 يوليو 2019.

9 – وكالة الأنباء اليمنية “سبأ”، التربية تشهر تقريرها السنوي “التعليم في اليمن خمسة أعوام من الصمود في وجه العدوان”، 12 أبريل 2020