العنب اليمني .. إنتاج وفير رغم تداعيات العدوان والحصار
السياسية :
يشهد موسم الخريف من كل عام في اليمن، جني عدد من ثمار الفواكه وبما تجود به الأرض اليمنية من الخيرات والثمرات التي تتمتع بمذاق ونكهة خاصة، بما فيها فاكهة العنب التي تنفرد بجودة عالية.
حيث بدأت أسواق الفاكهة استقبال موسم جني ثمار العنب، التي من المتوقع أن تشهد إنتاجيته ارتفاعاً نسبياً نتيجة الأمطار والسيول التي شهدتها معظم مناطق ومحافظات البلاد خلال الموسم الزراعي الجاري.
ورغم تداعيات العدوان وما يفرضه تحالف العدوان من حصار على اليمن، إلا أن فاكهة العنب باحتياجات أشجارها لكميات قليلة من المياه، قاومت الجفاف وتجاوزت العوائق التي فرضها العدوان وحصاره الاقتصادي والذي تسبب في ارتفاع مدخلات ومستلزمات الإنتاج الزراعي.
جودة ومذاق وتميز:
تمتاز ثمار العنب اليمني بجودة ومذاق رائع، جعلها تحظى بقبول واسع لدى المستهلكين ممن يحرصون على اقتنائها للاستمتاع بمذاقها والاستفادة من محتوياتها من العناصر ذات القيّمة الغذائية والعلاجية التي تساعد على خفض ضغط الدم فضلاً عن غنّيها بالفيتامينات.
ويمكن الحصول على الزبيب من خلال تجفيف العنب بواسطة الشمس أو المجففات الشمسية الحديثة والذي يمتاز الزبيب اليمني “البلدي” بمذاق فريد ونكهة خاصة، يمكن تمييزه عن غيره من أنواع الزبيب الخارجي التي تتواجد معظمها في الأسواق المحلية.
وبحسب خبراء وباحثين زراعيين، تحظى ثمار العنب التي لها مذاق خاص ومتفق عليه من قبل الجميع، بقبول واسع من قبل المستهلك المحلي والخارجي.
ويُصنف العنب ضمن المحاصيل الزراعية النقدية والإقتصادية والمدرة للدخل، كما أن تكاليف إنتاجه قليلة واحتياجاته المائية متوسطة مقارنة بالمحاصيل والثمار الأخرى.
مناطق زراعة العنب:
تتركز زراعة أشجار العنب بالمناطق ذات الطقس البارد والمعتدل، وتٌعد مناطق بني حشيش، خولان، سنحان، بني الحارث، أرحب، همدان ووادي ظهر بمحافظة صنعاء أهم المناطق التي تشتهر بزراعة ما يزيد عن 20 نوعاً من العنب، كما تزرع أشجارها في بعض مناطق محافظة صعدة، ومناطق متفرقة في محافظتي الجوف والبيضاء.
وتوجد في اليمن أنواع وأصناف عديدة من العنب منها الرازقي، الجبري، العاصمي، الحاتمي، الأسود، الزيتوني، الأحمر، العرقي، الجوفي، البياض العادي، بياض فشان، الحسيني، أسود عذاري وغيرها.
مردود اقتصادي:
ووفقاً لمزارعين في مديرية بني حشيش، توسعت زراعة العنب بالمديرية خلال السنوات الأخيرة الماضية رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي سببها العدوان والحصار وانعكست سلباً على الإنتاج الزراعي بصورة عامة.
وأكدوا استمرارهم وتمسكهم بزراعة أشجار العنب إلى جانب أشجار الخوخ باعتبارهما من أهم المنتجات الزراعية التي تعود عليهم بالفائدة رغم المشقة التي تواجههم في مختلف مراحل زراعة أشجار العنب ورعايتها.
المزارع يحيى حسين عز الدين من أهالي قرية الخربة مديرية بني حشيش، بين أن زراعة أشجار العنب تحظى بإقبال كبير من قبل المزارعين في المديرية نظراً لعدم استهلاكها للمياه مقارنة بالأشجار الأخرى.
وأشار إلى أن أشجار العنب تحتاج لعناية وجهد كبيرين منذ بداية موسم الربيع” الإزهار” حتى جني الثمار والتي تمتد لأكثر من ثمانية أشهر .. لافتاً إلى أن شجرة العنب تتطلب من المزارعين توفير ما تحتاجه من مياه ومبيدات وأسمدة ومواصير وأعمدة، يتم تركيبها مع بعضها لتوفير ما يشبه القاعدة الحديدية المتشابكة والتي يتم بسط الفروع عليها، لتتدلى منها الثمار إلى الأسفل.
وأفاد المزارع عز الدين أن شجرة العنب تحتاج إلى قرابة 7 – 8 عملياً ري منذ بداية الموسم حتى نهايته، بمعدل شهر واحد بين كل عملية ري وأخرى.
نفقات مالية:
من جانبه أوضح المزارع عبد الله حمود مصلح من أهالي قرية الرونة في المديرية أن زراعة العنب، تتطلب تأمين المزارع لمبلغ مالي لمواجهة احتياجات مزارع العنب الخاصة به من نفقات تسبق موسم الحصاد، أبرزها شراء مادة الديزل اللازمة لري أشجار العنب.
ولفت إلى معاناة المزارعين جراء ارتفاع أسعار الديزل والأسمدة ومبيدات الآفات النباتية وخصوصاً منذ بداية العدوان والحصار على اليمن، ما سببه من انعدام الكثير من المدخلات الزراعية مثل الديزل.
وتطرق مصلح إلى أن تلك المعاناة دفعت غالبية المزارعين إلى شراء منظومات طاقة شمسية وتركيبها على الآبار الارتوازية بدلاً من المضخات التي تعمل بالديزل .. مؤكداً أن انهيار العملة الوطنية جراء الحرب الإقتصادية التي تمارسها دول العدوان أدت إلى ارتفاع الأسعار.
وبين أن قيمة المنظومة الشمسية اللازمة لتشغيل بئر المياه الواحدة تصل إلى 40 مليون ريال يتشارك في دفعها المزارعين على أمل تعويضها من عائدات محصول العنب على مدى عامين إلى ثلاثة أعوام، هي المبالغ ذاتها التي كانوا يدفعونها لشراء الديزل خلال تلك الفترة ما يجعل من الطاقة البديلة عامل مهم وإضافة نوعية على صعيد الإنتاج الزراعي وزيادة كميات الإنتاج خلال الأعوام المقبلة.
بدوره تحدث المزارع صالح محمد خميس عن توجه المزارعين خلال الفترة الراهنة إلى شراء المنظومات الشمسية رغم الخسائر التي تتطلبها والتي تجبر البعض منهم لبيع ما يقتني من ذهب ومجوهرات، في حين يضطر آخرون للإقتراض من مزارعين ميسورين أو من مؤسسات مالية مقابل دفع فوائد سنوية، لشراء هذه المنظومات.
ووفقا للمزارع خميس تنتج شجرة العنب 8 – 10 سلال تزن الواحدة منها 25 كيلوجرام، ما يساوي 500 كيلوجرام للشجرة العنب الواحدة تقريباً .. مبيناً أن سعر السلة الواحدة تصل إلى 10 آلاف ريال، ما يجعل من العنب وسيلة مربحة تعود زراعتها بالفائدة الكبيرة على المزارع.
آفات نباتية و أمراض فطرية:
ولفت إلى أن أشجار ومحصول العنب، يتعرض للكثير من الآفات النباتية خاصة في موسم الأمطار وما تسببه من رطوبة الجو وتؤدي لانتشار الكثير من الأمراض الفطرية مثل البياض الدقيق، والبياض الزغبي وحاجتهما لخبرات وجهود مضنية لمكافحتهما قبل وأثناء ظهورهما من أجل حماية المحصول أو تخفيف ما يلحق به من أضرار.
وتطرق صالح خميس إلى ما تعرضت له مزارع العنب من أضرار كبيرة جراء انتشار البياض الزغبي خلال موسم الأمطار السابق، ما أدى إلى احتراق أوراق العنب على مساحات واسعة ستترتب على المزارعين بخسائر كبيرة.
وأشار إلى أن تلك الآفات تحتاج لعمليات الرش الوقائية بداية الموسم كخطوة ضرورية لحماية المحصول خلافاً لمكافحة المرض بعد ظهوره والتي لا تكفي وحدها لحماية المحصول.
حملة ميدانية لمكافحة مرض البياض الزغبي:
مدير وقاية النباتات بوزارة الزراعة والري المهندس وجيه المتوكل، أشار إلى أن أبرز الآفات التي تهدد زراعة وإنتاجية أشجار وفاكهة العنب باليمن تتمثل في حشرة المّن والبق الدقيقي ومرض البياض الزغبي.
وأفاد أن تلك الآفات الحشرية تسبب أضراراً كبيرة على أشجار العنب والثمار، حيث تمتص الآفات للعصارة الغذائية في النبات، ما يؤدي إلى قلة الإنتاجية وتدني جودة الثمار.
وأكد أن وزارة الزراعة ممثلة بالإدارة العامة لوقاية النباتات تنفذ حالياً حملة ميدانية لمكافحة مرض البياض الزغبي على أوراق وثمار العنب بالتنسيق مع المزارعين بمديريات بني حشيش وخولان وسنحان وتستهدف أكثر من 180 ألف شجرة عنب في تلك المديريات.
أنشطة إرشادية وتوعوية:
ولفت المتوكل إلى أن الحملة تتضمن تنفيذ برامج إيضاحية وتوعوية لمزارعي العنب حول طرق المكافحة المتكاملة عبر العمليات الزراعية الصحيحة كالحراثة وتقليب التربة والتعشيب والتخلص من بقايا المحصول نتيجة قطف الثمار وإزالة الأفرع المصابة والجافة.
وتوقف عند برنامج وقاية النباتات الذي يتضمن التنسيق مع الإرشاد الزراعي لتنفيذ أنشطة توعوية للمزارعين بالممارسات الزراعية الحديثة لتحسين نوعية وإنتاجية المحصول والتعريف بالطرق الصحيحة لاستخدام المبيدات والأسمدة، والتوعية بالأضرار الناجمة عن قطف الثمار قبل نضوجها .. معتبرا جني الثمار في وقت مبكر يؤثر سلباً على إنتاجية الأشجار وجودة الثمار.
المساحة والإنتاجية:
تشير بيانات الإحصاء الزراعي إلى أن إنتاجية اليمن من ثمار العنب خلال العام 2018م، بلغت 122 ألف و751 طناً من مساحة قدرها 11 ألف و673 هكتار.
ووفقا للإحصائية، تتصدر محافظة صنعاء قائمة المحافظات زراعة وإنتاجاً للعنب، حيث بلغ إنتاجها من هذا المحصول 91 ألف و97 طنا من مساحة مزرعة قدرها ثمانية آلاف و898 هكتار خلال نفس العام، تلتها محافظة صعدة بإنتاج 11 ألف و317 طن من مساحة 976 هكتار، ثم أمانة العاصمة بإنتاج 10 آلاف و495 طن من مساحة 892 هكتار.
وتأتي محافظة عمران في المرتبة الرابعة زراعة وإنتاجاً لثمار العنب، والذي بلغ إنتاجها ستة آلاف و986 طن من مساحة قدرها 596 هكتار.