أعطى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أوامره لاعتقال نجلي سعد الجابري عمر وسارة, وذلك في مارس الماضي في محاولة منه لإجبار والدهما الذي شغل في السابق منصباً رفيعاً في الاستخبارات السعودية, للعودة إلى المملكة العربية السعودية.

 

بقلم: جولي كيبي

 

(صحيفة ” لوريون لوجور- lorientlejour” الناطقة بالغة الفرنسية, ترجمة:أسماء بجاش-سبأ)

 

بعد عامين ونصف العام من الصمت، اختارت عائلة عمر وسارة الجابري الحديث علناً عن مدى الضغوط التي مارستها الإدارة السعودية على عائلتهما, حيث عمدت قوات الأمن السعودية على اعتقال نجلي الجابري واللذان يبلغان من العمر 21 و20 عاما على التوالي, ففي  شهر مارس الماضي, إذ يقال أنهما كانا في صلب إستراتيجية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي يسعى إلى إجبار والدهما على العودة إلى ارض المملكة.

 

أصبح سعد الجابري المسؤول الرفيع السابق في دائرة الاستخبارات السعودية، في مرمى القيادة السعودية بعد أن رأت فيه ولي العهد تهديداً مباشراً له، وذلك نظراً لحجم المعلومات الحساسة التي يملكها عن المملكة والعائلة المالكة.

 

لطالما أُعتبر الجابري، كونه أذراع الأيمن لولي العهد السابق الأمير محمد بن نايف، الذي أطاح به الأمير محمد بن سلمان في يونيو 2017، فقد شغل  الجابري العديد من المناصب المهمة المختلفة, كما وصفه مسؤولون في الاستخبارات الأمريكية والبريطانية في الصحافة الغربية  بأنه عنصر أساسي في تحديث وتجديد أجهزة الاستخبارات السعودية, حيث حافظ على صلات وثيقة مع الوكالات الغربية من أجل التنسيق في مجال مكافحة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.

 

وبالرغم من كل ذلك، إلا أنه أقيل من منصبه في العام 2015, بعد توجيه تهم إليه بأنه مقرب من جماعة الإخوان المسلمين, بالإضافة إلى كونه يعارض عمليات التدخل العسكري  السعودي في الحرب في اليمن بقيادة الأمير محمد بن سلمان، الذي كان يشغل منذ ذلك الوقت منصب وزيراً للدفاع.

 

وخوفاً على حياته وسلامته باعتباره مستشار للأمير محمد بن نايف, بسبب الصراع الدائر على السلطة داخل الأسرة المالكة، فر سعد الجابري من المملكة في مايو 2017, باحثاً عن ملجأ مع عائلته في كندا, حيث تجاهل مطالب الأمير بن سلمان ووعوده له بمنصب أفضل إذا عاد.

 

وفي الشهر التالي، أصبح الابن المفضل للملك سلمان ولي العهد السعودي الجديد، في حين كان “الأمير محمد بن نايف” يقبع قيد الإقامة الجبرية.

 

وفي أعقاب ذلك، تم منع عمر وسارة- وهما من أحد أبناء سعد الجابري الثمانية الذين بقوا في السعودية, حيث كانوا في انتظار تأشيراتهم الدراسية للابتعاث إلى الولايات المتحدة الأمريكية- من مغادرة الأراضي السعودية.

 

وفقا لصحيفة الغارديان البريطانية، أبلغ محمد بن سلمان, المسؤول الكبير السابق في الاستخبارات السعودية في مقابلة أجريت معه في سبتمبر 2017, أنه سيتعين عليه العودة إلى المملكة حتى يُسمح لأطفاله بالسفر مرة أخرى, كما وقد حاولت الرياض ضمان تسليم سعد الجابري، متهمة إياه بإساءة استخدام أموال الاستخبارات، ولكن دون جدوى.

 

“أنا لا أعرف حتى إذا كانوا على قيد الحياة أو قد تم قتلهم””

 

ومع ذلك، فقد سرعت القصة في الآونة الأخيرة, عندما تم استجواب عمر وسارة الجابري لمدة 90 دقيقة في مارس المنصرم, في محاولة للضغط عليهما لإقناع والدهما بالعودة إلى السعودية بعد أن استدعته قوات الأمن الوطني.

 

أثارت قرار التوقيف العديد من التساؤلات والمخاوف داخل عائلة الجابري، في حين تم القبض على الأمير محمد بن نايف وثلاثة أفراد آخرين من العائلة المالكة قبل ثلاثة أيام، حيث وجهت لهم تهم التآمر للإطاحة بولي العهد.

 

وبعد ذلك بأسبوع، تم ألقاء القبض على الأخوين الجابري, حيث قال شقيقهما خالد الذي يعيش مع والده في كندا خلال مقابلة مع  هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” أن عمر وسارة خطفا في الساعات الأولى من صبيحة يوم 16 من مارس, حيث تم أخراجهما على يد 50 عنصراً من عناصر أمن الدولة, برفقة 20 سيارة, وأضاف نحن اليوم لا نعرف حتى ما إذا كانوا أحياء أو أموات”.

 

وقبيل عشرة أيام من الكشف عن عملية اعتقال سارة وعمر, في الصحافة الإنجليزية، ذكرت صحيفة نيويورك تايمز بالفعل أن خالد الجابري قد لجأ إلى شركة باري بينيت، أحدى جماعات الضغط والمستشار الجمهوري خلال حملة دونالد ترامب الرئاسية في العام 2016, للضغط من أجل “هجرة الأجانب لأسباب إنسانية”، دون إعطاء المزيد من التفاصيل.

 

يبدو أن اعتقال سارة وعمر هو جزء من محاولات الأمير محمد بن سلمان لإسكات أي شخص قد يطغى عليه، مثل تلك العمليات التي شهدتها المملكة في نوفمبر 2017 والتي عرفت بعملية تطهير ريتز كارلتون أو اعتقال ناشطات حقوق المرأة في السعودية في مايو وأغسطس 2018, بمن فيهم الناشطة الحقوقية لجين الهذلول.

 

ومع ذلك، لم يكن القمع السعودي قد تجاوز حدود المملكة علناً,  حتى مطلع أكتوبر من نفس العام 2018, عندما تم اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول، ما تسبب في احتجاجات دولية عارمة.

 

قال مايكل بيج، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة هيومن رايتس ووتش، في بيان له, أن السلطات السعودية تتراجع أكثر فأكثر من خلال مقاضاة عائلات المسؤولين السابقين الذين لا يتم تقديرهم من قبل القادة الحاليون, مضيفاً, كيف يمكننا وصف القادة السعوديين على أنهم إصلاحيون وهم يعتقلون بشكلٍ تعسفي أبناء كبار المسؤولين السابقين؟

 

قد يؤدي الوضع أيضاً إلى تعقيد العلاقات بين الرياض وأوتاوا، التي تضررت بالفعل جراء طرد السفير الكندي لدى السعودية في أغسطس 2018, بعد دعوات من السفارة الكندية للإفراج عن نشطاء سعوديين, كما منحت كندا حق اللجوء السياسي في العام 2013 لزوجة وأطفال المدون السعودي رائف البدوي وهو مدون سعودي مسجون منذ العام 2012, أضف إلى ذلك, شقيقته سمر بدوي التي تقبع خلف القضبان بسبب نشاطها في مجال حقوق المرأة.

 

وفي مؤشر محتمل على تحسين العلاقات، أعلنت الحكومة الكندية في أبريل الماضي استئناف الصادرات العسكرية إلى السعودية، التي تم تعليقها منذ العام 2018, وذلك بعد عملية اغتيال خاشقجي والتنديد بانتهاكات الرياض لحقوق الإنسان التي ارتكبتها في اليمن.

 

المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.