بقلم: صفية مهدي
السياسية:
ترجمة: جواهر الوادعي-سبأ

سلطت حالة استثنائية لزواج الأطفال في اليمن الضوء على العدد المتزايد من حفلات الزفاف القسرية والقاصرة, و في حالات نادرة, تمكنت النساء من مواجهة ذلك.
عندما زارت هند البالغة من العمر 12 عاماً والدها في السجن قبل بضعة أشهر، أخبرها أنها ستتزوج زميلة في السجن, قيل لها إن العريس البالغ من العمر ثلاثون عاما حكم عليه بالإعدام بتهمة تهريب المخدرات وحيازتها, لكنهما سيتزوجان على أي حال, وعندما تمكنت والدة هند من الحصول على أمر من المحكمة بإلغاء عقد الزواج، أصبحت قصتها واحدة من حالات التأجيل النادرة في اليمن، حيث يرتفع معدل زواج القاصرات بسرعة.
لا يوجد حتى الآن قانون واضح ينظم الحد الأدنى لسن الزواج في اليمن، وتضطر العديد من الفتيات إلى الزواج في سن تعتبر أصغر من أن يسمح لهن بأخذ موافقتهن.
ووفقاً للبيان الصدر حديثا عن مجموعة عمل تابعة لمجلس الأمن الدولي، فإن الحرب المستمرة التي بدأت في العام 2014, هي أحد المحركات الرئيسية التي تساهم في ارتفاع أعداد حالات زواج القاصرات.

حالة واحدة من بين العديد:
هند ليست الوحيدة في عائلتها التي أجبرها والدها المسجون على الزواج في سن مبكرة، حيث قالت والدتها لـ دويتشة فيله من شقتهما المتواضعة المكونة من غرفتين في ضواحي صنعاء, “قام والدها بتزويج إحدى شقيقاتها، صابرين، إلى سجين آخر, وبعد الزفاف مرضت وحملت, إذ يُسمح للسجناء في اليمن بزيارات أسبوعية من قبل زوجاتهم”.
كما تم إجبار شقيقة أخرى لهند، وداد، على الزواج وهي لا تزال طفلة ولديها الآن طفلان.
ولكن حتى بعد كسب القضية وإبطال العقد، هدد عريس هند الأم عبر رسالة نصية مفادها أنه سيأخذ ابنتها “بالقوة” إذا لم تأت هند لرؤيته في السجن قريباً, وقصتهم تسببت في حالة جدل كبيرة بين اليمنيين.
الحرب تؤدي إلى الفقر، والفقر يؤدي لزيادة معدلات زواج القاصرات:
الجدل حول زواج القاصرات ليس جديداً في اليمن أو المنطقة عموما, لكن على رأس التقاليد الاجتماعية أدى الصراع في اليمن إلى تفاقم الأوضاع التي شهدت ارتفاعاً سريعاً لهذه الممارسة.
غالباً ما يتم تبرير زواج القاصرات من خلال الادعاءات بالتقاليد أو لأسباب دينية مفترضة.
في السنوات الأخيرة، بدأت بعض دول المنطقة تعود لهذه العادات بعد أن كانت قد اتخذت تدابير قانونية قوية ضدها في السابق.
أدى الفقر المزمن في اليمن الذي تفاقم بسبب الحرب إلى تفاقم الوضع, حيث يعتمد حوالي 24مليون يمني على المساعدات الإنسانية في حين أن البرامج التثقيفية التي تهدف إلى منع زواج القاصرات تم تأجيلها أو إسقاطها تماماً.
في عام 2017 أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن 52٪ من الفتيات والنساء اليمنيات قد تزوجن قبل سن الثامنة عشر, وبين عامي 2017 والعام الذي يليه شهد اليمن زيادة 3 أضعاف في زيجات الأطفال دون سن الثامنة عشر عاماً.
وذكرت صندوق الأمم المتحدة للطفولة أنه في مواجهة الفقر المتزايد، لا يستطيع الآباء تحمل رعاية الأطفال أو يعتقدون أن أسرة الزوج يمكن أن توفر حماية أفضل.

فشل نظامي:
من الصعب جمع إحصائيات دقيقة في خضم هذا الصراع, لكن أحمد القرشي، رئيس منظمة سياج اليمنية لحماية الطفل، أكد على الزيادة في زواج الأطفال منذ بدء الحرب، مشيراً إلى انهيار النظام كسبب رئيسي.
لا يوجد في اليمن سلطة مركزية تفرض حقوق الطفل, حيث قال القرشي إن المحاكم والمدعين العامين والشرطة لم تعد تؤدي واجباتها في معظم مناطق البلد، لا سيما في المناطق الريفية حيث زواج الأطفال أكثر شيوعاً.
وقال إن ارتفاع معدلات الفقر ونقص الفرص وانخفاض الرواتب وارتفاع مستوى الفساد في دوائر المساعدات الإنسانية يسهمان في المشكلة, وقال “بقلق كبير نلاحظ الانتهاكات والممارسات التي تنتهك حقوق الطفل, إن انعدام الحماية للضحايا يجعل الأمر أكثر خطورة”.

عواقب صادمة:
تعاني النساء بشكل غير متناسب من هذه الظروف، ومن عواقبها الوخيمة, حيث تجد معظم الفتيات المتزوجات في سن مبكرة أنه من الصعب للغاية الهروب من أزواجهن, لكن منال، التي أجبرت على الزواج من رجل أكبر منها بعشرين سنة عندما كانت في الثالثة عشرة من عمرها، تمكنت من الحصول على الطلاق, وقالت إنه بعد زفافها أصبح لا يمكنها التحمل, كلما كبرت في السن، شعرت بمدى قسوة هذه التجربة, لقد كانت فترة سيئة”.
شددت الأخصائية النفسية اليمنية بلقيس أبو لحوم على النتائج التي يمكن أن تحدثها مثل هذه الزيجات على العرائس الشابات اللاتي يجبرن على الإنجاب, حيث قالت إن الكثير منهم صغار لدرجة أنهن لا يعيشً حتى الولادة، بينما تعاني الناجيات منهن من مشاكل نفسية ينقلنها إلى أطفالهن, كما أن الأهم في معالجة الوضع هو حصول الفتيات على التعليم، فضلا عن بذل المزيد من الجهود لزيادة الوعي في المجتمع, وقبل كل شيء، من الضروري تحديد الحد الأدنى للسن القانونية للزواج, لكن مع انقسام الدولة ودخول الحرب عامها السادس، لا تزال اليمن تفتقر إلى حكومة فاعلة يمكنها تمرير مثل هذا القانون وتطبيقه.

* موقع “دويتشية فيله الالماني”
* المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.