بقلم: غايتان ماغتيه
السياسية:
ترجمة: أسماء بجاش-سبأ
في حين أن الأزمة الصحية والاقتصادية المرتبطة بانتشار جائحة وباء الفيروس التاجي, تأخذ حيزاً كبيراً من الاهتمام في وسائل الإعلام الرئيسية، إلا أن نجم الحروب المشتعلة في كلاً من سوريا وليبيا واليمن قد أفل من على شاشاتها, ومع ذلك، لم تستكين تلك الصراعات, حيث تتخذ منعطفات أكثر دراماتيكية, لذلك فنسلط الضوء من خلال نظرة سريعة على الوضع الراهن الذي تعيشه هذه البلدان الثلاثة.

اليمن حرب داخل حرب:

أصبح الصراع الدائر في اليمن بين الحوثيين المدعومين من إيران والحكومة اليمنية التي تتلقى الدعم بدورها من قبل قوات التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية أكثر تعقيداً وبالكاد يعوقه انتشار جائحة وباء كوفيد-19.
وربما كان التحالف قد أعلن عن تمديد وقف إطلاق النار من جانب واحد حتى نهاية مايو، وذلك بحثا عن رفض أقل لهجماته العسكرية الدولية.
وفي حين عُلقت الغارات الجوية فهذا لا يعني بالضرورة وقف القتال, وبحسب التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة، فإن اليمن قد سقط في شرك مستنقع أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
أدى الانقلاب السياسي في الآونة الأخيرة إلى جعل الحالة السياسية والعسكرية أكثر تعقيدا, حيث وقد شهد المعسكر الموالي للحكومة اليمنية المنقسم بشدة، انقساماً كبيراً على الأرض.
يجب على الحكومة مواجهة النزعة الانفصالية للمجلس الانتقالي الجنوبي الذي أعلن للتو عن الحكم الذاتي لجنوب اليمن, حيث وقد تمكن الانفصاليون من الاستيلاء على مدينة عدن، ثاني اكبر مدن البلد، قبل أن يتمكن اتفاق الرياض من تقريب الحلفاء المتباعدين, وها هم اليوم يتهمون الحكومة بعدم احترام شروط الاتفاق، بما في ذلك تشكيل حكومة تضم ممثلين عن المنطقة المعنية.

الصراع الدائر في ليبيا:

البلد الأقرب إلى القارة الأوروبية والتي لا تعرف فيها ساحة المعركة أي هدوء يذكر.
ففي ليبيا لا تزال عمليات التصعيد في السير قدماً بالتحديد في منطقة طرابلس, ففي الشهرين الماضيين، يبدو أن ميزان القوى بين حكومة الوفاق الوطني بقيادة فايز السراج وقوات الجنرال خليفة حفتر قد انعكس, بعد أن تعثر هجوم الذي يشنه الجنرال حفتر على العاصمة طرابلس بسبب الدعم العسكري التركي للحكومة المعترف بها من قبل المجتمع الدولي, وذلك بعد أن تلقت قوات حفتر، المدعومة من المرتزقة الروس من نكسات عسكرية عديدة، فهذه القوات متحصنة في الضاحية الجنوبية للعاصمة الهدف المنشود، تتعرض اليوم لهجوم مضاد.
ومن جانبها, تحاول حكومة الاتفاق الوطني تخفيف الخناق واستعادة السيطرة على بعض المجتمعات الساحلية, وبهذا المعنى، تزيد تركيا من وجودها العسكري في ليبيا، بما في ذلك القوات الجوية التي تهدد باتخاذ إجراءات.
لا تريد قوات الجنرال حفتر التخلي عن أهدافها، حيث وقد نشرت في وقت سابق شريط فيديو لطائرة تركية بدون طيار من المحتمل أن المنظومة الدفاعية الروسية الصنع مضادة للطائرات (بانتسير-س1) قد أسقطتها.
تشتد حدة السباق على القوات والمعدات من كلا الجانبين, إذ نددت الأمم المتحدة باستخدام “أسلحة جديدة مقلقة جدا” في المناطق المكتظة بالمدنين, حيث اتهمت حكومة طرابلس مؤخرا أعدائها باستخدام غاز الأعصاب في أحد أحياء العاصمة.
دعا وزراء الخارجية الاوروبيون والممثل الاعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوسيب بوريل الى هدنة انسانية في ليبيا. بيد أن هذه الأصوات التي يتردد صداها في الفراغ, سرعان ما تتلاشى على الفور… في حين أن الانقلاب الذي يقوده الجنرال حفتر مستعصي للغاية، على الرغم من نكساتها العسكرية الأخيرة، فقد أعلن في وقت سابق أنه حصل على “تفويض الشعب” لحكم ليبيا.

في سوريا، احترام وقف إطلاق النار؟
في أواخر فبراير، أسفرت المفاوضات بين روسيا وتركيا حول منطقة إدلب عن التوصل إلى اتفاق وقف لإطلاق النار بعد نوبة من التوتر بين المعسكرين, فمن الناحية النظرية، لم تطلق أي رصاصات منذ 1 مارس المنصرم، وهو ما يبدو مناقضا للتقارير الأخيرة الصادرة عن شن الجنود الأتراك وحلفاؤهم لهجمات ضد الجيش السوري.
ولم يكن هذا الأخير ليستجيب، ولكن تفاصيل الحالة العسكرية نادرة, حيث أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان في بيان له إن تركيا تزيد من عدد الجنود والعربات المدرعة المنتشرة في المناطق الشمالية من الأراضي السورية.
وفي 29 أبريل علمنا أن ناقلة نفط تم تفجيرها, اودت بحياة ما لا يقل عن 46 شخصا بين صفوف المدنيين والعسكريين في عفرين، وهي بلدة شمالية يسيطر عليها الجيش التركي و”القوات المساعدة” في سوريا, وبينما لم يتم الإعلان عن الهجوم، سارعت الحكومة التركية إلى توجيه أصابع الاتهام للميليشيات التابعة لوحدات حماية الشعب الكردي التي تقاتل ضدها بشدة.
وفي حين أننا لا نعرف إلى أي مدى من الممكن أن يتضرر البلد جراء جائحة وباء “كوفيد-19″، أفاد برنامج الأغذية العالمي أن أسعار المواد الغذائية في سوريا قد تضاعفت خلال عام واحد.
وبحسب المتحدث باسم برنامج الأغذية العالمي، فأن ارتفاع أسعار المواد الغذائية في سوريا هو 14 ضعف المتوسط المسجل قبل الصراع وهو الاعلى على الاطلاق, وذلك لعاملين رئيسيين: الوباء والأزمة المالية في لبنان المجاورة,
وتستنكر الحكومة السورية من جانبها ثقل العقوبات الاقتصادية التي تفرضها القوى الغربية على البلد والتي تلقي بثقلها على المجتمع بأسره وليس فقط على دوائر السلطة.

* موقع” افيغ اینترنشنال- affaires internationals” الفرنسي
* المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.