بقلم: ناصح شاكر وهيذر مردوك

تجمعت حشود من الناس خارج أبواب المدينة القديمة في العاصمة اليمنية صنعاء لشراء الملابس والطعام الأسبوع الماضي وهم صيام فهذا الشهر يسمى رمضان وهو شهر مقدس لدى المسلمين.

كما هو الحال أيضا كانت داخل المدينة القديمة المسورة، حيث يصنع محمد علي الخولاني البالغ من العمر 23 عاما الأواني الفخارية لطهي الطعام اليمني التقليدي.

ومثل الكثير من الناس في صنعاء، لم يكترث حول نظرية “التباعد الاجتماعي” الذي فرضه تفشي فيروس كورونا.

قال محمد: “نحن نفطر كل مساء في المساجد, أو في بعض الأحيان تلتقي مجموعات مكونة من 15 أو 20 شخصا في الشوارع لتناول طعام الإفطار”.

أغلق اليمن المطارات والمدارس وقيّد حركة التنقل عن طريق البر، لكن الناس في صنعاء لا يزالون يتسوقون ويستقلون الحافلات المزدحمة ويتجمعون من أجل الخدمات الدينية, حيث ارتفعت حالات فيروس كورونا إلى 85 في 14 مايو، وهو أكثر من ضعف عدد الحالات خلال الخمسة الأيام فقط.

تقول منظمة الصحة العالمية إن تفشي المرض في اليمن سيكون كارثة كبيرة وسط الحروب والمجاعات والفيضانات التي ابتليت بها البلد في الأصل.

حكومة الانقاذ التي تدير شمال اليمن أعلنت إن صنعاء لديها حالتان فقط، لكن الحكومة التي تسيطر على جنوب اليمن أعلنت عاصمتها الإقليمية عدن بأنها “موبوءة”، متهمة انصار الله بإخفاء الحالات المصابة بفيروس كورونا وعدم الإبلاغ عنها في صنعاء.

قال ألطاف موساني ممثل منظمة الصحة العالمية في اليمن، في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى صحيفة ” فويس أوف اميركا”، إن منظمة الصحة العالمية تفترض أيضا أن هناك حالات أكثر مما هو معلن عنها في صنعاء, وأن ما يقرب من نصف سكان اليمن معرضون لخطر المجاعة أو أمراض مثل الكوليرا وغيرها فيما يعتمد 80 بالمائة من الناس على المساعدات الإنسانية, كما أن انتشار المرض في اليمن سيكون كارثة متوقعه, في الوقت الحاضر ليس لدينا ما يكفي من القفازات والأقنعة وغيرها من معدات الحماية الشخصية لجميع الأطباء والممرضات, ولا أحد في أمان حتى يصبح جميع الناس في أمان, فقد كانت اليمن واحدة من آخر الدول التي أعلنت أنها بدأت للتو في محاربة الفيروس”.

الكآبة الاقتصادية:

في محطة للحافلات في صنعاء الأسبوع الماضي، انتظر عمر علي ذو 56 سنة، ساعات للوصول إلى مقدمة الطابور وجمع الركاب, حيث قال إنه منذ بدء الوباء، فقد أكثر من نصف دخلة، لكنه ما زال يحاول الاستمرار في العمل, وأوضح قائلاً: “أبنائي يعملون أيضا”، حيث يبدءون العمل منذ شروق الشمس حتى وقت الإفطار في نهار رمضان, لكن الآخرين ممن ليس لديهم أعمال ليسوا محظوظين مثلنا, كان لديه قناع في يديه، لكنه لم يكن يرتديه”.

مثل البلدان الأخرى، انخفض الاقتصاد اليمني بسرعة في الأشهر الأخيرة ولكن على عكس الدول الأخرى، بدأ اليمن بخسارة قليلة جدا.

يعيش ما لا يقل عن ثلاثة من كل أربعة أشخاص في اليمن تحت خط الفقر، وحسب ما قاله صندوق الأمم المتحدة الإنمائي إن اليمن قد تصبح أفقر دولة في العالم بحلول عام 2022.

الحوثيون، المعروفون رسمياً باسم أنصار الله، يقاتلون حكومة الجنوب المعترف بها من قبل الأمم المتحدة منذ ما يقرب ست سنوات, في حرب أسفرت عن مقتل أكثر من 100 ألف شخص.

لدى كلا الجانبين حلفاء دوليين أقوياء، مثل المملكة العربية السعودية التي تقصف بالغارات الجوية صنعاء بشكل دوري.

ويواصل علي سائق الحافلة حديثة, “نحن مظلومون بالفعل بسبب القصف والمعارك, لذا فالله لن يرسل لنا الفيروس”.

تزايد الخوف وفشل النظام الصحي

يقول سكان محليون آخرون إنهم يخشون بشكل متزايد من الفيروس، قائلين أن الضغط النفسي يصعب تحمله بالفعل.

وفي زيارة لمطعم يقدم المأكولات التقليدية الأسبوع الماضي، رأينا المدير محمد عبد الله حزام ، 28 عاما وهو يرتدي قناع وقفازات، على عكس معظم الناس في الشوارع, حيث قال “الفيروس يقلقني أكثر من الحرب لأن الحروب لها حلول, هناك ألف حل للحرب، ولكن حتى الآن لا يوجد حل لهذا الفيروس”.

وفي مطعم قريب آخر، قال أحمد محمد، 35 سنة، الذي يبيع طعاما وشطائر وعصائر يمنية، إن الفيروس مزعج بشكل خاص لأن نظام الرعاية الصحية اليمني في حالة دمار، وقال “يمكنهم أن يحاولوا مكافحة الوباء إذا انتشر هنا, لكنهم لن ينتصروا علية.

وبحسب رياض الجريدي، مدير الصحة بمحافظة حضرموت، حيث سجلت اليمن أول حالة إصابة بـكوفيد -١٩ الشهر الماضي, أن المستشفيات في اليمن تحتاج إلى أجهزة تهوية، وأسرة، وسيارات إسعاف، وملابس واقية، وأشعة سينية، وأدوية، ومواد مخبرية وماسحات ضوئية، كما إن الإجراءات الوقائية الفردية، مثل تعقيم الأدوات وارتداء الأقنعة والقفازات, معروفة على نطاق واسع، لكن معظم الناس لا يستطيعون تحمل تكلفتها, حتى التنظيف الإضافي أمر صعب، حيث تفتقر أكثر من نصف سكان البلد إلى ما يكفي من المياه النظيفة للشرب أو الاستحمام, وأضاف:”أن العمال لا يستطيعون البقاء في المنزل، والعديد من الناس ببساطة لا يهتمون بالتباعد الاجتماعي, وأوضح أن “اليمنيين مروا بالكثير من المآسي, فالحروب والفقر جعلوا الناس غير مبالين بالتهديدات الاضافية”.

واشنطن، 17 مايو 2020 (صحيفة “فويس أوف اميركا” الامريكية, ترجمة نجاة نور– سبأ)
* المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.