الرياض وابو ظبي: تحاولان ثني اليمن بكل الوسائل
بقلم: سيباستين بوسويس
السياسية:
ترجمة:أسماء بجاش-سبأ
في الفترة بين عامي 2015- 2020، أودت الحرب المستعرة في اليمن بحياة عشرات الآلاف من المدنيين، حصد الأطفال فيها نصيب الأسد.
وفي حين انتهت أخبار جائحة “كوفيد-19″ من وضع الغطاء على وعاء الصراع المحتدم في اليمن والذي لم يُتحدث عنه الكثير, وعلى الرغم من وقف إطلاق النار المزعوم بين أطراف الصراع، وبعد ما يسمى بالانسحاب الإماراتي من على الأراضي اليمنية، تواصل المملكة العربية السعودية محاولة ثني البلد.
ففي الأسابيع الأخيرة، استغلت دولة الإمارات العربية المتحدة الصمت الذي يصم الآذان بسبب انتشار جائحة كوفيد -19, لتستمر من وراء الكواليس وفي الظل من خلال مشاريع المرتزقة وإستراتيجيات الموت.
ومع مرور الأشهر، يبدو أن استخدام جميع الوسائل متاحة ومسموحة بها للتغلب على المقاومة الحوثية.
قضية مقتل الصحفي خاشقجي:
أوقعت الحرب الدائرة في اليمن, البلد في شرك أخطر أزمة إنسانية في العالم”, وذلك وفقاً للتقارير الصادرة عن الأمم المتحدة، حيث خلفت هذه الحرب عشرات الآلاف من الضحايا في الفترة بين عامي 2015 و2020، جلهم من الأطفال, ناهيك عن تشريد قرابة مليوني شخص, كما أطبقت المجاعة، والفقر، ونقص المياه النظيفة، الناجمة عن قصف التحالف السعودي، لمدة أربع سنوات، خناقها على السكان, دون تحقيق أي من النتائج المرجوة.
ففي اليمن لم يعد ما يشكل 70% من السكان يحصلون على مياه الشرب المأمونة، بينما يفتقر 50% للرعاية الصحية، و80% من اليمنيين يعتمدون على المساعدات الإنسانية.
وبحسب اللجنة الدولية للصليب الأحمر، استفاد أكثر من 3 ملايين شخص في الأشهر الستة الأولى من العام 2019 من الأنشطة التي تشرف عليها المنظمة في مجال المياه، حيث يتلقى ما يقرب من 400 ألف شخص أشكالاً مختلفة من المساعدات، بما في ذلك الغذاء و 7 ألف معتقل استفادوا من الحصول على مياه الشرب المأمونة، في حين يتلقى 255 ألف مريض الرعاية الصحية الطارئة.
أشارت التقارير الصادرة عن منظمة هيومن رايتس ووتش، إلى أن هذه الحرب “غير قانونية”، حيث أنها تصب في مصلحة الرياض وأبو ظبي فقط, إذ أظهر موضوع دراسة وثائق أثبتت أن ما لا يقل عن 90 غارة منذ بدء الحرب في اليمن في أواخر مارس من العام 2015, استهدف بشكلٍ متعمد المدنيين والمنازل والمدارس والمستشفيات والمساجد نتيجة للقصف الذي يمطرها التحالف الدولي على البلد:
“ففي العام 2018، قصف التحالف حفل زفاف، مما أدى إلى مقتل 22 شخصا، بينهم ثمانية أطفال، وفي غارة أخرى، استهدفت التحالف العربي حافلة مليئة بالأطفال، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 26 طفلاٍ على أقل تقدير, ومن جانبها, أشارت المنظمة بعد البحث والتحري أن بقايا الذخيرة التي استخدمت في القصف, صناعة أمريكية في أكثر من 20 موقع, بما في ذلك هجمات 2018 التي استهدفت حفل الزفاف والحافلة”.
والأسوأ من ذلك كله، كان هناك حديث مؤخراً عن احتمال استخدام الأسلحة الكيميائية من قبل ثنائي الحرب على اليمن -السعودي والإماراتي- وذلك وفقاً لما كشف عنه صديق مقرب من الصحفي السعودي جمال خاشقجي الذي قُتل في 2 أكتوبر 2018 في مبنى القنصلية السعودية في مدينة إسطنبول التركية، حيث نشر في 29 أكتوبر من نفس العام أن عملية الاغتيال تلك قد تكون مرتبطة بالحرب الوحشية التي تشنها الجارة الشمالية لليمن, وفي الواقع، يبدو أن خاشقجي كان على وشك الكشف عن أن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان قد استخدم أسلحة كيميائية في اليمن.
بلاك شيلد:
وفي حال تم أثبات صحة المعلومات التي كان يحتفظ بها خاشقجي قبل اغتياله, فإن الرياض ستقع في مستنقع جديد من انتهاك القواعد الأساسية للقانون الدولي, والمتمثلة في اتفاقية الأسلحة الكيميائية التي وقعتها الرياض وصادقت عليها في العام 1997, ولذلك يمكن مقاضاتها على ارتكابها لجرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية.
وماذا عن وجود مثل هذا المجتمع الغامض، بلاك شيلد، الذي يتذكر بغرابة الساعات المظلمة للاحتلال الأمريكي للعراق، حيث تدعو واشنطن مرتزقة بلاك ووتر، أكبر جيش خاص في العالم في ذلك الوقت؟
وبما أن السعوديين لم يرسلوا سوى عدد قليل جداً من المقاتلين إلى الميدان، فقد أنشأت دولة الإمارات هيكلاً شبه عسكري لتجنيد مقاتلين أجانب لإرسالهم مباشرة إلى المحرقة على الأراضي اليمنية, حيث تم جذب العديد من الشبان من السودان وتشاد وأوغندا للتدريب في الإمارات، ومن المفترض أن يعملوا على مراقبة الحدود الإماراتية.
وفي حقيقة الأمر، ليس الحال كذلك, فمقابل راتب يزيد قليلاً عن 300 دولار في الشهر الواحد، يتم مصادرة أوراقهم وهواتفهم قبل أخذهم إلى الجبهات القتال في اليمن وإلى ليبيا أيضاً, وغالباً ما تكون هذه هي محطاتهم الأخيرة.
ولكن ما الذي يمكن أن يكون أسوأ في اليمن؟ ويلات الفيروس التاجي.
وبطبيعة الحال، وبالنظر إلى التعتيم السائد في البلد من حيث المعلومات وعدم إجراء أي اختبارات هناك, فاليمن، الذي دخل لتوه عامه السادس من الصراع، بعيد كل البعد عن المخاوف التي تلتهم الغرب الآن.
*سيباستيان بوسويس: حاصل على شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية وباحث متخصص في قضايا الشرق الأوسط والعلاقات الأوروبية العربية / الإرهاب والتطرف، كما يعمل مدرس للعلاقات الدولية ومتعاون علمي مع جامعة بروكسيل الحرة, وعمان مونتريال, ومركز منع التطرف المؤدي إلى العنف/ مونتريال.
* صحيفة “لوموند أرب- lemonde-arabe” الفرنسية
* المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.