هل يمكن لفيروس كورونا أن ينهي الحرب في اليمن؟
بقلم: شارلوت كامين
السياسية:
ترجمة: جواهر الوادعي-سبأ
في الوقت الذي يواجه فيه وباء فيروس كورونا المميت أسوأ أزمة إنسانية في العالم في اليمن، فإن إعلان الولايات المتحدة الأسبوع الماضي عن تقديم 225 مليون دولار كمساعدة طارئة لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة للبلد الذي مزقته الحرب يعد خطوة مهمة, لكن يجب على الولايات المتحدة أيضاً تنشيط دبلوماسيتها والضغط على التحالف الذي تقوده السعودية والأحزاب الأخرى لإنهاء الحرب في اليمن.
إن الاحتمالات، مهما كانت صعبة، قد تكون واعدة الآن أكثر من أي وقت في هذا الصراع الطاحن المستمر منذ خمس سنوات.
توقعت السعودية انتصاراً سريعاً عندما بدأت قصفها لليمن في مارس 2015 للدفاع عن حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي المعترف بها دولياً ضد الحوثيين, ولكنها متورطة منذ فترة طويلة فيما أصبحت حرباً لا يمكن كسبها.
وبحثاً عن مخرج لإنقاذ ماء الوجه في هذا الصراع، شاركت السعودية في محادثات مباشرة مع الحوثيين لعدة أشهر، ومع بدء انتشار فيروس كورونا في شبه الجزيرة العربية، تم إعلان وقف إطلاق النار لمدة أسبوعين في 8 أبريل, وتم تمديد وقف إطلاق النار لمدة شهر آخر، على الرغم من حدوث خروقات في كل مكان.
من الواضح أن فيروس كورونا التاجي تسبب في حدوث ارباك بالمملكة، حيث وردت تقارير عن أكثر من 28000 حالة تم الإبلاغ عنها على أراضيها – بما في ذلك أفراد العائلة المالكة – وأسعار النفط في سقوط حر وسط تراجع عالمي عن سوق الطلب, وبينما يكافح السعوديون للحد من تفشي المرض في منازلهم، فإنهم بالتأكيد سيكرهون التعامل مع عواقب ذلك في اليمن.
يمنح شهر رمضان، الذي يستمر حتى 23 مايو، الأطراف سبباً آخر لإلقاء أسلحتهم والتركيز على هجوم فيروس كورونا التاجي المحتمل في اليمن.
أبلغت الحكومة عن أول حالة إصابة لها في 10 أبريل، وهناك الآن أكثر من خمسين حالة مؤكدة وثماني وفيات، بعد قفزة في الحالات خلال عطلة نهاية الأسبوع.
إن وباءً كاملاً سيُلحق الدمار باليمن ذات السكان الضعفاء وذات نظام الرعاية الصحية المنهار.
يعتمد ما يقرب من 80 % من سكان اليمن على المساعدات الإنسانية وأكثر من عشرين مليون مدني يعانون من انعدام الأمن الغذائي.
وفي هذه الأثناء، تعمل فقط نصف المرافق الصحية في البلد وتلك المتبقية غير قادرة على توفير الرعاية الكافية لمن يبحثون عنها.
ومما زاد الطين بلة، الأمطار الغزيرة والفيضانات الأخيرة وخاصة في جنوب اليمن تمثل تهديداً إضافياً لانتشار الكوليرا.
ولكن على الرغم من دعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس الشهر الماضي لوقف إطلاق النار على الصعيد العالمي للتعامل مع جائحة فيروس كورونا، الا إن القتال العنيف مستمر في اليمن, حيث واصل الحوثيون الذين يسيطرون على مرتفعات اليمن، حملتهم العسكرية بلا هوادة واتهموا السعوديين وحلفائهم على الأرض بفعل الشيء نفسه على الرغم من إعلان وقف إطلاق النار.
وفي الأشهر الأخيرة، قام الحوثيون بتقدمات هائلة في محافظتي الجوف ومأرب الشماليتين، وهي مناطق كانت تسيطر عليها في السابق القوات المتحالفة مع الحكومة اليمنية.
قد يعتقد الحوثيون جيداً أن المكاسب المستمرة على الأرض ستحسن من مفاوضاتهم قبل أي محادثات سلام.
في غضون ذلك، يمكن للمجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي، المدعوم من شريك السعودية والإمارات استغلال أي انشغال بالقتال في الشمال لتأكيد التفوق السياسي والعسكري في الجنوب.
في الواقع، أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي في أواخر الشهر الماضي “الحكم الذاتي”, مما يهدد بتجدد التصعيد العسكري في الجنوب الشرقي ويجعل آفاق التسوية السياسية أكثر صعوبة.
أصبح من الواضح أن التحالف الذي تقوده السعودية لا يمكنه تنفيذ وقف إطلاق النار بمفرده.
يجب أن يشمل وقف الأعمال العدائية الجاد على الصعيد الوطني الحوثيين والحكومة اليمنية والقوات المناهضة للحوثيين على ساحل البحر الأحمر وجميع القوات الانفصالية الجنوبية.
لقد أوضح الحوثيون، بالإضافة إلى عملياتهم العسكرية المستمرة شروطهم التفاوضية بعد أن أعلنت الرياض وقف إطلاق النار الأول في 8 أبريل، وزعم الحوثيون أن الغارات الجوية السعودية استمرت وأكدوا أنهم لن يتوقفوا عن القتال بينما اليمن “تحت الحصار”, في حين أن قوات التحالف بقيادة السعودية تمنع الرحلات الجوية التجارية من دخول مطار العاصمة صنعاء وتعرقل تدفق البضائع إلى ميناء الحديدة المطل على البحر الأحمر.
تحدث مسؤول حوثي كبير عن شروط الجماعة لوقف إطلاق النار المتبادل, دعت الوثيقة المكونة من ثماني صفحات إلى انسحاب جميع القوات الأجنبية وإنهاء الحصار الجوي والبري والبحري الذي يشنه التحالف.
لقد حددت مطالب غير واقعية للسعوديين لتحمل وطأة إعادة الإعمار والتعويضات وغيرها من تدابير بناء الثقة, إلا أنها لم تشر سوى قليلا لإنهاء الأعمال العدائية مع الحكومة اليمنية، حتى في حالة اتفاق وقف إطلاق النار مع السعودية.
وعلى الرغم من الانفتاح، إلا أن هذه الشروط لا تمثل جهوداً جادة لبدء محادثات السلام.
هذا هو المكان الذي يمكن أن يكون فيه دور الولايات المتحدة محورياً, حيث يمكن أن تمارس ضغطاً على السعودية والإمارات على الأقل لتخفيف القيود على مطار صنعاء وميناء الحديدة لإظهار حسن النية وستثبت مثل هذه الإجراءات أنها ضرورية, وعلى أي حال، لضمان التدفق المتواصل للمساعدات لمكافحة تفشي فيروس كورونا.
من غير المرجح وقف إطلاق نار دائم دون ضغوط كبيرة من الولايات المتحدة وأصحاب المصلحة الدوليين الرئيسيين لإنهاء الحرب, حيث يتعين عليها أن تعمل إلى جانب الأمم المتحدة والجهات الفاعلة الدولية الأخرى للضغط على جميع الأطراف المتحاربة للاتفاق على وقف شامل لإطلاق النار والتمسك به وبدء مفاوضات للتوصل إلى تسوية سياسية.
يعمل المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث دون كلل لوقف القتال وبدء المفاوضات.
ومع ذلك، فإن الولايات المتحدة، باعتبارها حليفاً رئيسياً للسعودية والإمارات، في وضع أفضل بكثير من الأمم المتحدة لدفع هذه الجهات الفاعلة لتقديم التنازلات اللازمة إلى ما بعد التوقف غير الجاد للأعمال العسكرية.
إن حل النزاع هو في مصلحة الأمن القومي للولايات المتحدة، حيث أن الحرب المستمرة تحبط أي جهد كافٍ لمعالجة انتشار فيروس كورونا في شبه الجزيرة العربية.
وسيتطلب توفير حزمة المساعدات الإنسانية الأمريكية القادمة (وأي مساعدة دولية ، في هذا الصدد) بشكل صحيح إلغاء حظر الموانئ الرئيسية والطرق الخاضعة لسيطرة الفصائل المسلحة المختلفة على الأرض, وقد تحولت هذه الخطوات التي تحولت إلى تدابير لبناء الثقة إلى فتح الطريق أمام مفاوضات سلام أوسع نطاقا.
أعرب وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو مؤخراً عن قلقه بشأن تحرك المجلس الانتقالي الجنوبي، ودعا الأطراف المتحاربة في اليمن إلى إعادة الانخراط في عملية السلام التي توسطت فيها السعودية في نوفمبر 2019 والمعروفة باسم اتفاقية الرياض.
كما دعمت الولايات المتحدة بشكل صريح جهود السلام التي تبذلها الأمم المتحدة والسعودية في اليمن، واجتمع المسؤولون من حين لآخر مع ممثلي الحكومة اليمنية للترويج لمثل هذه المبادرات.
ومع ذلك، اتخذت الولايات المتحدة إلى حد كبير مقعداً خلفياً في الجهود الدبلوماسية من أجل وقف إطلاق النار أو التسوية السياسية.
يجب على الولايات المتحدة دعم مبادرات الأمم المتحدة بقيادة دبلوماسية جادة لإشراك شركاء إقليميين، بما في ذلك السعودية والإمارات وعمان والكويت، وكذلك بريطانيا والاتحاد الأوروبي للمساعدة في جلب الأطراف إلى الطاولة ووضع خطة استجابة قوية لمواجهة فيروس كورونا المستجد لليمن, ليس خياراً ترك هذه اللحظة الحرجة تمر.
* موقع”just security”الانجليزي,
* المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.