السياسية – نجيب هبة:

تعددت مظاهر الفشل الإماراتي في عدوانها ومن ورائها السعودية على اليمن وجرائمها التي حاولت من خلالها إيجاد مكاسب سياسية أو اقتصادية ولكنها في كل مرة كانت تفشل وتعود خالية الوفاض وذلك بفضل طبيعة المواطن اليمني الذي يرفض الاحتلال والوصاية الأجنبية بالفطرة..

فقد كان إعلان الإمارات في يوليو 2019 الانسحاب من اليمن اعترافا بالهزيمة أو بالأحرى هروب منها ومما قد تواجهه من التبعات الثقيلة لتصرفاتها اللاإنسانية رغم زعمها أنه كان تمهيدا لما وصفته بـ “استراتيجية السلام” إلا أنها ظلت وإلى اليوم تدعم مرتزقتها وفصائلها المختلفة للاستمرار في إثارة النعرات والفتن وتمزيق اليمن.

الإمارات التي أصبحت أطماعها في السواحل والموانئ اليمنية حديث العالم خسرت سمعتها وثقة شعبها في حكامهم بعد تورطهم في مخططات تقسيم اليمن وغيرها من الدول العربية التي تدخلت فيها.

وفي الحقيقة لم يكن ذلك الإعلان سوى تصرفا تكتيكيا حيث أظهرت الخطوات العملية على الأرض سحب القوات الإماراتية إلى مناطق أخرى تعد ذات أهمية اقتصادية مثل مناطق النفط والغاز في شبوة والتي لم تغادرها إلى اليوم.

وأجمع مراقبون على أن الفشل يمثل النتيجة الحتمية لأطماع دولة الإمارات في حربها على اليمن وما تعمل على تحقيقه من أجندة خاصة مرتبطة بالسيطرة على الموانئ والمناطق الاستراتيجية في البلاد، وخدمة للأجندات الاستعمارية الأمريكية والاسرائيلية.

ولم يكن إعلان الانسحاب من اليمن – حتى وإن كان شكليا – مفاجئا بالنسبة لكثير من المحللين بقدر ماكان نتيجة طبيعية لجملة من الممارسات والقرارات المتهورة لنظام مراهق جاء تحت مبرر مساندة ما توصف ب”الحكومة الشرعية”، ثم ما لبث أن كشف عن أجندة خاصة تخالف الأهداف المعلنة جملة وتفصيلاً.

وفي هذا السياق، تناولت وسائل إعلام دولية تصريحا للنائبة المسلمة بالكونغرس الأميركي إلهان عمر عن استغرابها مما سمته “التجاهل الدولي لدور الإمارات في إغراق اليمن في الحرب والفوضى”.

وكتبت إلهان عمر على تويتر “في اليمن اعترف العالم بدور السعودية في الحرب الأهلية التي دمرت البلاد وتسببت في أسوأ أزمة انسانية”.. مضيفة “لكن الإمارات إلى حد كبير تمر دون أن يلاحظ أحد دورها بإغراق اليمن في الحرب والفوضى، لماذا؟”

وقد واجهت مخططات أبوظبي التقسيمية وممارساتها ضد المواطنين في المحافظات المحتلة، رفضاً يمنياً، ما جعل من انتكاسة الأطماع الإماراتية مسألة وقت، إلا أن هذه الممارسات خلال سنوات العدوان قد تركت آثارا مدمرة على وحدة اليمن وأمنه واستقراره.

وفي تقرير لصحيفة لوموند الفرنسية حول تطلعات بن زايد توقفت الصحيفة في إحدى الفقرات عند ما اعتبرته فشلاً ذريعاً لولي عهد أبوظبي في حصار قطر وحرب اليمن.

وقالت لوموند إن “الحرب في اليمن تحولت إلى إخفاق عسكري وإنساني لمحمد بن زايد وحليفه محمد بن سلمان ولي العهد السعودي”.

وفي مقال بذات الصحيفة قال أستاذ تاريخ الشرق الأوسط جان بيير فيلو “على عكس السعوديين ،انخرطت القوات الإماراتية على الأرض، ودفعت ثمنا باهظا حيث قتل 45 من جنودها بإطلاق صاروخ في سبتمبر 2015، لكنها فرضت إستراتيجيتها الخاصة على حليفتها السعودية”.

وبحسب “فيلو”، قوضت هذه الإستراتيجية الإماراتية بشكل دائم من سلطة عبد ربه منصور هادي، أخيرا، قرر محمد بن زايد تركيز الهجوم المشترك، اعتبارا من يونيو 2018، على ميناء الحديدة الإستراتيجي والضروري لإمداد العاصمة صنعاء وشمال البلاد.

لكن رغم أشهر من القتال العنيف، فإن الإمارات غير قادرة على اختراق الخطوط وقبلت وقف إطلاق النار تحت رعاية الأمم المتحدة”.

وأكد الكاتب أن القادة في أبوظبي استخلصوا دروسا من هذا الفشل، وأعلنوا خفض مشاركتهم العسكرية في اليمن، بيد أن انسحاب القوات الإماراتية، الذي اكتمل في فبراير 2020، لم يمنع الدولة الخليجية من الاستمرار في التأثير على الأزمة، لا سيما من خلال الرعاة الجنوبيين”.

واعتبر فيلو أن “الانسحاب الإماراتي ترك شبه الجزيرة العربية تواجه تحدي إنهاء مشرف للنزاع اليمني”.

لقد مثّل انسحاب الإمارات، نتيجة حتمية للتهور وللممارسات التي استغلت المحنة التي يمر بها اليمن لتنفيذ أجندة ضيّقة، مهما بدا أنها تحققت، فإنها ستتبخر في نهاية المطاف.. حيث أكد مراقبون أن التسريبات التي أطلقتها الإمارات بشأن بدء تقليص وجودها في اليمن حتى وإن كانت مجرد مناورة، مثل صورة للنهاية المتوقعة لتهور أبو ظبي في بلد مثل اليمن يفوق عدد سكانه الإماراتيين بنحو 29 ضعف.

وقد فاقم توقيت ذلك التصعيد الإماراتي، الخلاف بين السعوديين والإماراتيين في أعقاب العمليات والانتصارات التي حققها الجيش اليمني واللجان الشعبية في الأراضي السعودية، على نحوٍ خلق حالة من الإرباك في أوساط السعوديين، الذين فتحوا أعينهم على الأخطاء والإخفاقات المرتبطة بحربهم المشتركة مع الإمارات، ليظهر في النتيجة أن الجيش اليمني واللجان الشعبية ومن ورائهم تأييد الشعب، باتت في وضع أقوى، بعد ما يقرب من خمس سنوات من الحرب.