بقلم: احمد عبد الكريم
السياسية:
ترجمة: نجاة نور- سبأ

عدن، اليمن- في شمال اليمن، لم يقدم التحالف الذي تقوده السعودية حتى الآن سوى القليل من حملات الانتقام ضد المدنيين خلال شهر رمضان المبارك, حيث تعرضت العديد من المناطق- بما في ذلك محافظات مأرب والجوف والبيضاء وصعدة- لقصف جوي مستمر بشكلٍ تقريبي، بيد أن استمرار العنف ليس الشيء الوحيد الذي جعل حياة المدنيين اليمنيين صعبة في رمضان.
وفي جنوب اليمن، وهي منطقة تخضع محافظاتها لاحتلال قوات التحالف بقيادة السعودية منذ عام 2016, ارتفعت أسعار الغذاء والدواء بشكل كبير, فيما يكافح المدنيون في لحج وأبين وحضرموت وعدن ضد المجاعة وتفشي وباء الكوليرا غير المسبوق، وقد تفاقم الصراع بين السعودية والإمارات، وكلاهما عضوان في التحالف الذي تشن قواته الحرب على الأرض في اليمن.
يموت عشرات الأشخاص في عدن كل يوم بعد أن يعانون من ضيق في التنفس وحمى والتهاب في الحلق وكلها أعراض شائعة لفيروس كورونا بحسب تصريحات لأطباء هناك, وقد أُغلق مستشفى الوالي في المدينة بعد أن اجتاح وباء مجهول عدداً من المناطق.
ومن جانبه, قال مديرو المستشفيات لـ مينتبرس أن المرضى يعانون من أعراض مشابهة لتلك المرتبطة بفيروس كورونا، ولكن لا يمكن تأكيد الحالات بسبب نقص الفحوصات للكشف عن الفيروس.
يخشى العديد من المدنيين من أن التحالف الذي تقوده السعودية كان يغطّي نشاط الإصابات بفيروس كورونا بعد أن ضربت سلسلة من الوفيات الغامضة مستشفيات عدن.
سجلت السلطات الطبية في الحكومة التي يقودها هادي أول حالتي وفاة بسبب الفيروس التاجي بالمدينة بعد التأكد من خمس حالات جديدة.
وعلى الرغم من ذلك، فإن الحكومة المدعومة من التحالف التي تدير المدينة لم تفرض الحجر الصحي، ولا تزال العائلات والأصدقاء يتجمعون للصلاة، والإفطار والقيام بالزيارات الاجتماعية.
كل هذا يأتي في الوقت الذي أعلنت فيه المدينة مؤخراً منطقة منكوبة بسبب الأمطار الغزيرة التي بدأت قبل أسبوعين وتسببت في فيضانات مميتة في مناطق متفرقة بعدن، بما في ذلك صيرة والتواهي والعريش, وقد تسببت الأمطار في انهيار ما لا يقل عن 70 منزلاً في منطقة كريتر المركزية، بالقرب من خور مكسر، وكذلك الشيخ عثمان والتواهي, حيث قتل العشرات من السكان.
ووصف فرانز روشنشتاين، رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في صنعاء مدى إلحاح الوضع، قائلاً إن “اليمنيين يواجهون الكثير من الصعوبات كل يوم, حيث يتسبب القتال المستمر في أجزاء من البلد في مضاعفة اليأس الذي يعاني منه السكان، فيما تفتك الأمراض المعدية الموسمية بحياة آلاف من الأشخاص كل عام، وهناك تبعات التضخم المرتفع على أسعار المواد الغذائية والأدوية والسلع الأساسية الأخر, والآن فيروس كورونا هو مصدر قلق آخر للأشخاص الذين يعانون بالفعل من الضعف الشديد”.
لم تقتصر الفيضانات على عدن فقط, إذ شوهدت مشاهد الانهيارات الطينية والفيضانات التي تجتاح الشوارع والسيارات المغمورة والمنازل المتضررة وانقطاع التيار الكهربائي العديد من المدن اليمنية، بما في ذلك محافظات صنعاء وذمار وحجة والمحويت.
جاءت الفيضانات في الوقت الذي كانت فيه السلطات المحلية تنفذ تدابير وقائية لاحتواء فيروس كورونا.
قالت المتحدثة باسم المفوضية، شابيا مانتو، في مؤتمر صحفي في جنيف أن الأمطار الغزيرة والفيضانات الأخيرة أثرت على أكثر من 100 ألف شخص في جميع أنحاء البلد, في حين قال مسؤولو الصحة لـ مينتبرس إن الفيضانات أعاقت استعدادات إجراءات الوقاية من فيروس كورونا في البلد، التي دُمرت بالفعل جراء خمس سنوات من القصف السعودي الذي دمر 70 % من مرافقها الصحية.
وفي بيان للمديرية العامة للمركز الوطني لمختبرات الصحة العامة في عدن, أشار إلى أن المختبر أُجبر على الإغلاق بعد أن ضربت المدينة فيضانات تسببت في انقطاع الكهرباء وانقطاع المياه.
قبل بدء الفيضانات، قالت منظمة الصحة العالمية في اليمن أن الفرق كانت تعمل على تعزيز البنية التحتية الصحية المدمرة قبل بدء انتشار الفيروس في البلد، لكن الفيضانات قضت على أي تقدم حققتها الفرق, كما قامت قوات التحالف التي تدير معظم المحافظات الشرقية, وهي الأكثر تضرراً من الفيضانات، بالكثير لمعالجة الأزمة التي تلوح في الأفق.
حتى أن سكان عدن الغاضبين بسبب عدم استجابة التحالف بقيادة السعودية امتد إلى الشوارع، حيث قطع مئات المتظاهرين عدة طرق وأحرقوا الإطارات في الشارع, كما أضرموا النار في المباني الحكومية، بما في ذلك مبنى تابع لمكتب الإحصاء الحكومي في منطقة التواهي.
تعاني مدينة عدن، حيث درجات الحرارة مرتفعة للغاية في الصيف من نقص الخدمات الأساسية منذ عام 2016 عندما احتل التحالف بقيادة السعودية المدينة الساحلية, وحتى اليوم، بعد ما يقرب من خمس سنوات، لا تزال المدينة تعاني من انقطاع التيار الكهربائي المتقطع والانقطاع المستمر.
كما يزيد الفقر وسوء الصرف الصحي ونقص الكهرباء في المدينة من خطر تفشي كوفيد – ١٩ القاتل بشكل خاص، خاصة في أعقاب الفيضانات المدمرة, كما حذر مسؤولو الصحة من أن المياه الراكدة من الفيضانات يمكن أن تؤدي أيضاً إلى انتشار البعوض الذي قد يحمل أمراضاً معدية، بما في ذلك الكوليرا وحمى الضنك.
تم الإبلاغ في صنعاء عن 1000 حالة كوليرا في أحد المستشفيات التي تدعمها اللجنة الدولية خلال أسبوع.
عنصر إضافي للتأثر السريع:
في غضون ذلك، دمرت الفيضانات في مأرب وحجة وصنعاء، خيام آلاف الأشخاص الذين يعيشون في مخيمات النازحين, وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن العديد من متلقي مساعدات اللجنة الدولية في الشهر الماضي وجدوا أنفسهم مرة أخرى بحاجة إلى مساعدة طارئة.
وكالة الأمم المتحدة للاجئين قالت أن قرابة مليون شخص من النازحين المحليين في اليمن مهددون بفقدان مأواهم بسبب الأمطار الغزيرة الموسمية والفيضانات، محذرة من نقص حاد في التمويل في الوقت الذي تهدد فيه جائحة فيروس كورونا البلد.
دقت الأمم المتحدة ناقوس الخطر من أن نقص التمويل يهدد تقديم المساعدة الحرجة لحوالي مليون يمني , بالإضافة إلى النازحين, كما أشارت ايضاً المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن هناك حاجة ماسة إلى حوالي 89.4 مليون دولار في الأسابيع المقبلة للحفاظ على استمرار برامج المساعدة لإنقاذ الحياة في اليمن.
وقد دعت اليونيسف لتوفير 92.4 مليون دولار إضافية للمساعدة في مكافحة جائحة فيروس كورونا في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مع كون اليمن مصدر قلق كبير، وفقا لما جاء عن تيد شيبان، الرئيس الإقليمي لليونيسف لوكالة أسوشيتد برس، والذي قال: “لقد كان من الضروري بالفعل تلبية احتياجات الأطفال في اليمن, ومع فيروس كورونا، أصبح الآن لدينا هذه العنصر الإضافي من الثغرات”.
إذا لم تكن المخاوف بشأن الفيروس المستجد كافية، فقد اشتعلت الأعمال العدائية على مدى شهور بعد أن أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي وهي منظمة مسلحة مدعومة من الإمارات “حالة الطوارئ” في المحافظات الجنوبية لليمن.
ففي أغسطس 2019، اندلعت اشتباكات عنيفة بين السعودية والمسلحين المدعومين من الإمارات عندما حاول الأخير السيطرة على محافظة عدن، مما أسفر عن مقتل وإصابة المئات من المدنيين وإرغام آلاف العائلات على الفرار, لكن القتال توقف في نوفمبر 2019, عندما وقع الجانبان اتفاقية بوساطة سعودية لإنهاء صراعهما على السلطة في جنوب اليمن.
أصدر أعضاء مجلس الأمن الدولي بيانا أعربوا فيه عن قلقهم من أن تصرفات المجلس الانتقالي الجنوبي “يمكن أن تصرف الانتباه عن جهود المبعوث الخاص [للأمم المتحدة] مارتن غريفيث لتأمين وقف إطلاق النار على الصعيد الوطني، وتدابير بناء الثقة، وإعادة بدء قيادة يمنية وتدشين عملية سياسية شاملة”.
* موقع – mintpressnews” منتبرس نيوز” الانجليزي,
* المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.