بقلم: ديكلان والش
السياسية:
ترجمة: جواهر الوادعي-سبأ
القاهرة – بعد خمس سنوات من الحرب، بدا ولي العهد السعودي, محمد بن سلمان، يبتعد عن حملته المدمرة في اليمن في الأسابيع الأخيرة, حيث اغتنم فرصة جائحة فيروس كورونا الجديد ليعلن وقف إطلاق النار من جانب واحد والذي على الرغم من عدم فعاليته، الا أنه على الأقل كانت إشارة إلى أن الأمير اتفق أخيرا مع منتقديه الذين أصروا على أن القتال لا يمكن الفوز به, أما حلفاؤه اليمنيون المتشددون فلديهم أفكار أخرى.
يهدد إعلان الحكم الذاتي في مطلع هذا الأسبوع من قبل جماعة انفصالية يمنية رائدة التي سيطرت على مدينة عدن الساحلية الجنوبية وبنكها المركزي باحداث فوضى جديدة في البلد الذي مزقته الحرب.
ويأتي ذلك في الوقت الذي يبتعد فيه الرعاة الرئيسيون للحرب السعودية والإمارات العربية المتحدة بسبب مشاكلهم الخاصة عن القتال.
وقد ترك ذلك حلفاءهم اليمنيين الذين كانوا متحدين سابقا ضد الحوثيين المدعومين من إيران والذين يسيطرون على شمال البلد في معركة من أجل السيادة.
وقد انخفض التمويل الدولي للمساعدات الإنسانية إلى البلد المهددة بالمجاعة هذا العام وكما شتت وباء كورونا الجديد انتباه اللاعبين الإقليميين. 
يسعى عمال الإغاثة جاهدين لدعم النظام الصحي اليمني المحطم في مواجهة تفشي مدمر محتمل لفيروس كورونا.
قال مكتب الأمم المتحدة في اليمن على الرغم من أنه تم الإعلان عن حالة واحدة فقط في اليمن تتعلق بعامل ميناء يبلغ من العمر 60 عاما، إلا أن هناك “إمكانية حقيقية جدا” لمزيد من الإصابات غير المكتشفة وحذرت من أن نقص التمويل سيعيق جهود مكافحة الفيروس, وقال البيان “هذا يزيد من احتمال حدوث زيادة في الحالات التي قد تطغى بسرعة على الامكانيات الصحية”.
يثير إعلان الحكم الذاتي الصادر عن المجموعة الانفصالية, المجلس الانتقالي الجنوبي, شبح تجدد الاشتباكات داخل التحالف الذي شكله الأمير محمد في عام 2015 في محاولة لإخراج الحوثيين من العاصمة اليمنية صنعاء.
المجلس، ومقره في عدن, على خلاف مع حليفه الاسمى, الرئيس عبد ربه منصور هادي الذي يقود حكومة اليمن الضعيفة والمعترف بها دوليا, حيث تتمركز قواتها في محافظتين مجاورتين لعدن.
اشتبكت الفصائل بشكل متقطع لأكثر من عامين وانحدر العداء إلى حرب مفتوحة في أغسطس الماضي بعد أن سحبت الإمارات معظم قواتها من جنوب اليمن التي سئمت على ما يبدو من الحملة التي تقودها السعودية ضد الحوثيين تاركة وراءها فراغا في السلطة.
بعد اشتباكات أسفرت عن مقتل اربعين شخصا نشرت السعودية قوات في عدن.
وفي نوفمبر توسطت في اتفاق سلام بين الانفصاليين الجنوبيين و هادي الذي تم توقيعه في الرياض.
انهار ذلك الاتفاق, عندما انتشر مقاتلون انفصاليون في شوارع عدن واستولوا على المكاتب الحكومية ولوحوا بعلم جنوب اليمن الدولة الشيوعية التي كانت موجودة من عام 1967 إلى عام 1990.
وناشد التحالف الذي تقوده السعودية الانفصاليين لإلغاء إعلان الحكم الذاتي الذي وصفه بأنه “عمل تصعيدي” في دعوة أيدتها الإمارات التي مولت وسلحت الانفصاليين.
انضم مبعوث الأمم المتحدة, مارتن غريفيث, إلى دعوات تخفيف التصعيد, قال جريفيث في بيان: “ان التحول الحاصل في الأحداث مخيّب للآمال, خاصة وأن مدينة عدن ومناطق أخرى في الجنوب لم تتعاف بعد من الفيضانات وتواجه خطر فيروس كورونا الجديد”.
لكن أصر نزار هيثم، المتحدث باسم المجلس الانتقالي الجنوبي، على أن الجماعة لن تتراجع يحق للجنوبيين أن يحكموا أنفسهم وأن يديروا عائداتهم.
أدت الفيضانات العارمة في عدن الأسبوع الماضي إلى غمر المنازل بالمياه والطين وأدت الى مقتل ما لا يقل عن اربعة عشر شخصا مما أثار موجة من الغضب العام بسبب الفساد وسوء الإدارة ودفع الانفصاليين إلى التحرك ضد هادي ولكن هناك عوامل أكثر واقعية أيضا وراء الاضطراب.
قال مسؤول كبير بالمجلس إن الإمارات توقفت منذ يناير عن دفع رواتب تتراوح بين 400 و 530 دولارا شهريا للمقاتلين الانفصاليين في عدن ورفض السعوديون تعويض النقص, مما أثار غضبا في صفوفهم.
وقال مسؤول, تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته, لتفادي اي انتقاد من الرأي العام للمملكة العربية السعودية, إن الإماراتيين واصلوا دفع رواتب المقاتلين اليمنيين في أجزاء أخرى من الجنوب, مثل حضرموت وشبوة, حيث يتم نشر وحدات قواتهم الخاصة في مهمات لمطاردة المتشددين الإسلاميين.
تضيف الحرب داخل الحرب بعُدا آخر للفوضى في اليمن, حيث أشعلت سنوات من التدخل الأجنبي منافسات يمنية طويلة وصراعات على السلطة. 
ويقول محللون إن أي اشتباكات عنيفة بين الجانبين من المرجح أن تندلع في محافظة أبين التي تقع بين قواتهم.
في الوقت نفسه, يتمركز قادة هذه الجماعات في البلدان المجاورة. 
عيدروس الزبيدي, رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، يعيش في أبو ظبي، بينما الرئيس هادي في السعودية.
يصب الانقسام الجنوبي في مصلحة الحوثيين المدعومين من إيران الذين دفعت قواتهم بقوة إلى محافظة مأرب الغنية بالنفط في الأسابيع الأخيرة.
حاول الأمير محمد بن سلمان إبطاء هذا التقدم بإعلان وقف لإطلاق النار من جانب واحد لمدة أسبوعين في التاسع من أبريلوتم تمديده لاحقا طوال شهر رمضان المبارك الذي بدأ في نهاية الأسبوع الماضي, لكن القتال استمر, حيث اتهم التحالف بقيادة السعودية والحوثيون بعضهم البعض بخرق وقف اطلاق النار.
يبدو أن شهية الأمير محمد للحرب في اليمن قد تضاءلت في العام الماضي وسط إدانة عالمية للتكتيكات العسكرية السعودية التي قتلت آلاف المدنيين في غارات جوية.
أدى انخفاض أسعار النفط في الأسابيع الأخيرة إلى زيادة الضغط المالي وبشكل كبير للحرب بالنسبة للسعودية.
قال مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى للحوثيين, لصحيفة يمنية إن سلسلة من المحادثات بين المسؤولين السعوديين والحوثيين بهدف إنهاء الحرب لم تحرز سوى تقدم ضئيل.
لكن من غير الواضح مقدار السيطرة التي يمارسها السعودية أو الإمارات على وكلائهم اليمنيين.
قال بيتر ساليسبري من مجموعة الأزمات الدولية عندما قامت الإمارات بسحب قواتها العام الماضي, أشاروا إلى أنهم لم يعودوا مستعدين “للسيطرة على الأمور حرصا على عدمم تفاقمها”.
قال ساليسبري إن التصعيد الأخير “يتعلق بمنافسة يمنية يمنية ذات إيحاءات إقليمية غير واضحة”.
وتعافى عامل الميناء اليمني الذي أصيب بفيروس كورونا منذ ذلك الحين, لكن العاملين الصحيين يقولون إنهم فشلوا في تعقب “المريض صفر”، وهو الشخص الذي جلب العدوى إلى اليمن ويخشون من أنه حتى الطفرة الخفيفة في الحالات من شأنها أن تطغى بسرعة على النظام الصحي المتدهور في البلد.
قال غريفيث: “الآن، أكثر من أي وقت مضى، يجب على جميع الأطراف السياسية التعاون بحسن نية والامتناع عن اتخاذ إجراءات تصعيدية ووضع مصالح اليمنيين في المقام الأول”.
حتى الآن, وعلى الرغم من ذلك، هناك القليل من الأدلة على مثل هذا التفكير المستنير بين أبطال الصراع المتعدد.
 * صحيفة نيويورك تايمز الأميركية
* المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.