مقابلة, أجرها: ياسر جلزيم

 

(صحيفة” لو كوريه دو لاتلاس- le courier de latlas” الفرنسية – ترجمة: أسماء بجاش-سبأ)

 

تصوير: فلوريان سيريكس, منظمة العمل ضد الجوع

 

أعلنت المملكة العربية السعودية, في الـ 9 من ابريل الجاري, وقف إطلاق النار من جانب واحد لمدة 15 يوماً قابلة لتجديد, وذلك سعياً منها للحد من انتشار جائحة كوفيد-19, في البلد الذي  دمرته 5 سنوات من الحرب الشرسة.

 

ومن جانبهما, حذر جون كونليف، المدير الإقليمي لعمليات الشرق الأوسط في منظمة العمل ضد الجوع وسارة شوفين، مديرة مكتب منظمة أطباء العالم، من أن  24 مليون شخص في اليمن الذي اعلن عن ظهور أول حالة مؤكدة من جائحة كوفيد-19, أصبحوا في حاجة إنسانية حرجة, ومن المرجح أن يؤدي هذا الوباء والحصار وإغلاق الحدود بين البلدان التي تمر عبرها المساعدات الإنسانية إلى وقوع البلد في شرك مستنقع “أسوأ كارثة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية”.

 

الصحيفة: أعلنت الرياض عن وقف لإطلاق النار من جانب واحد لمدة 15 يوما في اليمن. ماذا يعني هذا على الأرض؟

 

 

سارة شوفين: يسرنا أن نرى هناك إعلان لوقف إطلاق النار, حيث يؤمل أن يؤدي هذا القرار إلى تحسين إمكانية إيصال المساعدات إلى السكان, كما أن مثل هذا القرار, يعطينا المزيد من الأمل لإيجاد حل لذلك الصراع الدائر في اليمن، حتى وإن ظلت القيود المفروضة على المعونات الإنسانية موجودة.

 

جون كونليف: على المدى القصير، هذا يعني القليل, حيث لم يبق سوى عدد قليل من الصراعات الداخلية, والأثر الفوري المباشر لذلك هو أن يكون هناك عدد أقل من الغارات الجوية, وبالنسبة للسكان فإن أكثر ما هم  في أمس الحاجة إليه اليوم أكثر من وقف إطلاق النار، هو إنهاء الحصار الذي تفرضه المملكة العربية السعودية, وهذا الاعلان – وقف الطلاق النار-  ليس سوى “الخطوة الأولى” فحسب.

 

تصوير: فلوريان سيريكس, منظمة العمل ضد الجوع

 

 

الصحيفة: هل تستفيد المنظمات غير الحكومية من الممر الإنساني لتقديم المساعدات في اليمن؟

 

سارة شوفين: قبل ظهور وباء كوفيد- 19, كانت هناك قيود شديدة وصارمة تتعلق بالحصار والإجراءات الإدارية وصعوبات النقل, حيث تزداد الحالة سوءا مع إغلاق كلاً من الأردن وجيبوتي لحدودهما, حيث كنا نتمكن من إيصال المعونة الإنسانية, بيد أن هذه الخيارات لم تعد قابلة للتطبيق في هذا الوقت, فنحن ننقل المعلومات التي نحتاجها بطرق أخرى, والخيار الوحيد المتبقي لدينا في هذه الأثناء هو السوق المحلية المشبعة, ولكن لا يمكن الاستمرار عندما تنظر إلى أن قيمة ميزان الحرارة، في سوق مدينتي عدن أو صنعاء، يكلف عدة مئات من الدولارات.

 

جون كونليف: على الرغم من الحصار المفروض على البلد، فقد تمكنا من الحصول على الحد الأدنى من المساعدات الإنسانية عبر ميناء الحديدة أو عبر مدينة عدن الجنوبية.

 

وآيا كانت المساعدة أو تلك التي يمكن أن تقدمها الأمم المتحدة أو المنظمات غير الحكومية في هذا الوقت، فإنها لن تكون كافية للاستجابة للأثر الذي خلفته الحرب في هذا البلد, وعلاوة على ذلك، فإن الحصار أطبق خناقه على السكان.

 

الصحيفة: ما هو الوضع الذي يعيشه السكان اليمنيون الآن؟

 

سارة شوفين: أصبح أكثر من  50% من المرافق الصحية في اليمن خارج نطاق الخدمة, وهناك مخاطر وبائية عالية جدا متربصة بالسكان، بما في ذلك وباء الكوليرا الذي سوف تترفع نسبة الاصابة به مع موسم هطول الأمطار.

 

جون كونليف: لإعطائك فكرة بسيطة للغاية حول الوضع الحاصل في اليمن، يوجد  زهاء 400 ألف طفل يعانون من ضائقة غذائية وحوالي 1.7 إلى 2 مليون طفل يعانون من سوء التغذية, وإجمالاً، يحتاج ما يقرب من 85٪ من إجمالي عدد السكان, إي ما يعادل 24 مليون شخص إلى المساعدات الإنسانية، سواء من حيث الغذاء أو إمدادات المياه النظيفة أو الرعاية الطبية.

 

تصوير: فلوريان سيريكس, منظمة العمل ضد الجوع

 

الصحيفة: النظام الصحي معطل منذ عدة سنوات في اليمن, حيث وقد أعلن البلد للتو عن أول حالة مؤكدة من وباء كوفيد -19, لذا, ما هي الموارد المتاحة لهم للتعامل مع الوباء؟

 

سارة شوفين: كلنا نخشى الأسوأ مع ظهور وباء الفيروس التاجي الذي نجد صعوبة جمة في تقديره اليوم, حيث أنه من المعروف أن الظروف الصحية لن تسمح باتخاذ تدابير العزل, كما ينبغي أن لا ننسى أن البلد منقسم إلى قسمين وأن الوضع في الشمال يزداد سوءا جراء الحصار المفروض, وبالإضافة إلى ذلك، تم إغلاق المطارات في اليمن ويجب أن تعلم أن السبيل الوحيد لإيصال المساعدات يكمن في الطريق البحري عبر القوارب،  ولكن هذا الخيار يستغرق عدة أسابيع للوصول.

 

فاليمن لا تمتلك الكثير من الموارد, بيد أنه سيكون لديهم مساعدة خارجية, حيث تحاول منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة العمل على ذلك في هذا الوقت.

 

جون كونليف: الحرب في اليمن مستمرة منذ خمس سنوات, وهي بالفعل أفقر بلد في المنطقة, ففي هذا البلد أصبحت القدرة الطبية متوقفة تقريبا وأنا أتحدث إليكم… فإذا كنت تفكر في الوضع الذي نحن فيه في فرنسا أوفي العديد من البلدان في جميع أنحاء العالم، أقول لك, أن هناك لا تزال توجد أنظمة صحية تعمل, على عكس اليمن الذي لا يستطيع تقديم الرعاية الصحية لا للمرضى ولا الحفاظ على حياة العاملين في مجال الرعاية الصحية من خطر التلوث, فالنظام الصحي لا وجود له في اليمن! فقد كنت هناك في فبراير المنصرم, حيث قمت بزيارة العديد من مناطق في جميع العالم في حياتي, ولكنني لم أرى شيئاً مثل الحاصل في اليمن من قبل, وفي حال تطور كارثة كوفيد-19 في اليمن، فمن المؤكد أن هذه ستكون بمثابة أسوأ كارثة إنسانية في العالم منذ الحرب العالمية الثانية.

 

الصحيفة: ماذا يمكننا أن نفعله لتحسين الوضع؟

 

سارة شوفين: يجب أن نؤيد قرار إنهاء الحصار للسماح بوصول المعدات, كما يمكن أن يكون لقصر الاليزية الفرنسي صوت مسموع في ملف سير المفاوضات, فعندما نتمكن من التغلب وتجاوز الوباء في بلدنا، سيتعين علينا أن نظهر التضامن مع هذا البلد, وبالنسبة لليمن، فإن الأسوأ لم يأت بعد.

 

 

جون كونليف: نحن نتحمل مسؤولية كبيرة عما يحدث في هذا الجزء من العالم, نظراً لكوننا متورطون كدول غربية في حيثيات هذا الصراع, فهذه الحرب لم يكن لها أن تستمر كل هذا الوقت بدون صفقات بيع الاسلحة التي ابرمتها حكوماتنا, فعلى سبيل المثال, بلدي بريطانيا, التي انتقلت من المرتبة الخامسة لبائعي الأسلحة في العالم إلى المرتبة الثانية، حيث يرجع الفضل في ذلك بشكل خاص إلى المبيعات التي قمنا بها إلى السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة, فنحن بحاجة إلى ممارسة ضغط كبير على حكوماتنا لوقف بيع الأسلحة إلى الأطراف المتحاربة, فالأحرى بهم, أن يساعدونا على الوصول إلى السكان, وكسر الحصار وإيقاف العمليات العسكرية, كما أننا بحاجة أيضا إلى المال للتصرف, فاليمن اليوم عبارة عن صراع “منسي”, لا أستطيع حتى أن أتخيل عدد الوفيات التي سوف نصل اليها, في حال لم نتصرف بأسرع وقت ممكن.

 

* المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.