الحرب تتسبب في محو الهوية الثقافية لليمن
بقلم: كاترين شقدام
(موقع مؤسسة “سيتيزن تروث -“Citizen Truth الأمريكية، ترجمة: جواهر الوادعي- سبأ)
تدمير ثقافتهم يؤثر بشكل مباشر على هوية الشعب اليمني وكرامته ومستقبله، علاوة على قدرته على الإيمان بالمستقبل”.
هناك جانب مهم للحرب في اليمن تم تجاهله حتى الآن, إلا وهو أنه في ظل القصف المستمر لليمن التي تعتبر معلم تاريخي عالمي يتم بشكل عام طمس وتفجير وإبادة إرث ديني وثقافي مهم.
يظل تحديد ما اذا كانت هذه الحملة مخطط لها أو لا, ومع ذلك من المهم في هذه المرحلة أن ندرك أن فقدان رأس المال الثقافي والوطني هذا سيؤثر بشكل خطير ولا رجعة فيه على مستقبل الأمة الفقيرة وما بعدها في المنطقة بأسرها.
إن ضياع المعالم التاريخية: المساجد والمزارات والمعالم المدرجة في قائمة اليونسكو والمتاحف وغيرها من التذكارات الثمينة للتركيبة الثقافية الغنية في اليمن, سوف يثقل كاهل الاقتصاد والاقتصاد الاجتماعي والديني في البلد, وبدون ماض تمسك به وتلتزم به، وبدون معالم لتذكير الناس بالروابط التي توحدهم وتجعلهم كما هم دولة قومية، يمكن لجماعات مثل القاعدة أو تنظيم الدولة الاسلامية أن ترغب في اليمن وإعادة انشاءها.
عانت اليمن وهي بلد يضم ثلاثة مواقع للتراث العالمي لليونسكو – مدينة زبيد التاريخية ومدينة صنعاء القديمة ومدينة شبام القديمة – وعشرة مواقع أخرى على القائمة المؤقتة للمنظمة، كثيراً منذ مارس 2015, حيث أنه إضافة إلى الخسائر الفادحة في الأرواح, تعرضت المواقع التاريخية المهمة لأضرار جسيمة وفي أكثر الأحيان عن قصد.
هناك عدد لا يحصى من المواقع والمدن المعرضة لخطر الإبادة: قلعة القاهرة في تعز (بنيت في القرن العاشر) والتي تعرضت لأضرار خلال غارة جوية في يونيو 2015 وفقا لليونسكو وبعد ذلك متحف تعز في عام 2016 عندما شب حريق في المبنى.
شهدت مدينة صعدة القديمة- التي تأسست في القرن التاسع والمدرجة في قائمة اليونسكو, تدمير عدد من مبانيها التاريخية, حيث تتمتع صعدة، مثل صنعاء بأهمية ثقافية في جميع أنحاء العالم نظراً للتواجد المكثف للهندسة المعمارية التي تعود للعصور الوسطى – بما في ذلك سور المدينة و بوابة الستة عشر والمنازل والقصور والمساجد- وأهميتها كمركز مبكر للتعليم الإسلامي, وهكذا اختفت مدينة صعدة بالكامل تقريباً تحت وطأة القصف السعودي.
في يوليو 2015, أعلنت اليونسكو عن خطة عمل طارئة لحماية التراث اليمني بهدف زيادة الوعي وجمع المعلومات وتقديم المساعدة التقنية لخبراء التراث في اليمن.
وفي يوليو 2015 أيضاً, تمت إضافة مدينة صنعاء القديمة ومدينة شبام القديمة المسورة إلى قائمة اليونسكو للتراث العالمي المهددة بالخطر, رداً على مشاركة المملكة العربية السعودية في الحرب, كما تعرضت أحياء الفليحي السكنية المدرجة في قائمة اليونسكو للضربات الجوية ايضا.
أسست دراسة أجراها معهد الشفقنة للدراسات الشرق أوسطية بالتعاون مع مؤسسة التراث الإسلامي أنماط قصف أدت إلى استنتاج أن المواقع كانت مستهدفة بشكل ممنهج.
وفي معرض حديثها إلى عين الشرق الأوسط في سبتمبر 2015, انتقدت آنا باوليني، ممثلة اليونسكو لدول الخليج واليمن، المملكة لاستهدافها المتعمد للمواقع التاريخية، محذرة من أنه ما لم يتم إيقاف هذا التدمير المنهجي يمكن أن يؤدي لاستهداف مواقع ثمينة وغير قابلة للاستبدال.
في 25 أغسطس 2016, تم تدمير مسجد النبي شعيب (بني في القرن التاسع) في منطقة بني مطر في صنعاء، جراء غارة جوية, حيث أكدت المؤسسة العامة للآثار والمتاحف في البلد والهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية تدمير, إلى جانب الخسارة الواضحة للتراث، فإن التساؤلات المتعلقة بالنية من وراء هذه الحملة تبحث عن الإجابة, إذا تم الإعلان عن حرب ضد تراث اليمن الثقافي والديني والتاريخي كجزء من استراتيجية الحملة العسكرية غير المتكافئة، فقد يتم تصنيف مثل هذه الأعمال ضمن جرائم الحرب.
عانى التراث المنقول أيضاً من خسائر فادحة، كما في حالة متحف ذمار الذي كان يضم مجموعة من 12500 قطعة أثرية والذي دُمر بالكامل في مايو 2015.
تعرض متحف تعز الوطني كذلك للعديد من الهجمات و تعرضت المخطوطات القديمة لأضرار وحُرقت الوثائق التاريخية.
وما زال الأمر الأكثر إثارة للقلق هو الأثر طويل الأجل والتداعيات الاجتماعية التي ستنجم عن هذه الخسارة على الدولة.
إذا وضعنا في الاعتبار أن جماعات راديكالية مثل داعش والتي تعرف بتنظيم الدولة الاسلامية أو تنظيم القاعدة تعمل على محو التاريخ حتى يتمكنوا من رفع علاماتهم الخاصة بظواهرهم الدينية والاجتماعية والثقافية المشوهة، ويمكن أن تكون اليمن جاهزة لإعادة هندسة من نوع ما.
في أغسطس 2016, وصفت المديرة العامة لليونسكو، إيرانا بوكوفا، محنة اليمنيين بدقة، قائلة: “من الواضح أن تدمير ثقافتهم يؤثر بشكل مباشر على هوية الشعب اليمني وكرامته ومستقبله، علاوة على قدرتهم على الايمان بالمستقبل.”
لم تتمكن حتى الآن من تقييم الخسائر المالية على هذا النحو، لأن الفرق لم تحقق بعد في حجم الضرر.
ومن الناحية الاقتصادية، من المتوقع أن تعاني اليمن من خسارة هائلة في الدخل في صناعة السياحة لسنوات قادمة, وربما بشكل دائم في بعض الحالات.
أكد أمين جزيلان، المدير العام السابق لمكتب السياحة في إب، أنه حتى 25 مارس 2016, كانت صناعة السياحة اليمنية في وضع جيد لتتجاوز التوقعات السنوية, ووفقاً لوزارة السياحة اليمنية، حقق قطاع السياحة دخلاً سنوياً بلغ 848 مليون دولار في عام 2012 مقابل 780 مليون دولار في عام 2011.
كلفت الحرب في اليمن حتى الآن 6 مليارات دولار شهريا أو 200 مليون دولار يوميا, إذا تم إنفاق هذه الموارد لإعادة الإعمار فكان بالإمكان تأمين مستقبل اليمن.
* المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.