الأزمة المتعلقة بالنوع الاجتماعي
بقلم: ستانيسلاس تاين
(صحيفة ” لوموند ارب- lemonde-arabe” الفرنسية, ترجمة: أسماء بجاش- سبأ)
حث مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية – مركز أبحاث يسعى إلى تشجيع التغيير من خلال توليد المعرفة في اليمن والمنطقة المحيطة بها- من خلال تقريره الصادر منتصف ديسمبر المنصرم والمعنون: “الأزمة المتعلقة بالنوع الاجتماعي: فهم تجارب حرب اليمن”, على زيادة إشراك المرأة في محادثات السلام وفي العمليات السياسية بعد انتهاء الصراع, بالإضافة إلى إطلاق سراح جميع الجنود الأطفال بشكلٍ فوري من مستنقع التجنيد العسكري القسري واستئناف عمليات تسليم الرواتب الكاملة والمنتظمة لجميع موظفي القطاع العام في جميع أنحاء اليمن.
وبحسب التقرير الذي سلط الضوء بشكل أكثر تحديداً على الجانب “المبني على النوع الإجتماعي” في الصراع, حيث لم ينجو سوى عدد قليل من اليمنيين من التأثير الكارثي للحرب.
تعني معايير النوع الاجتماعي “الجنسانية” السائدة من جهة “النساء والفتيات” ومن جهة آخرى “الرجال والفتيان” الذين عانوا من الصراع بالأشكالٍ وصوراً مختلف.
ومن جانبه سوف يبحث المركز عن هذه المعايير الجنسانية التي قد شكلت “تجربة” الصراع من قبل جميع أطياف اليمنيين أو حتى كيف أن الصراع ذاته قد أعاد تشكيل هذه المعايير نفسها.
“أسوأ أزمة إنسانية في العالم”:
أشار فريق العمل البحثي لتقرير ” فوزية العمار وشمس شمسان والصحفية هانا باتشيت”, أنه في الفترة ما بين نوفمبر 2018 وفبراير 2019, تم أجراء 88 مناقشة جماعية على طول النطاق الجغرافي اليمني, كما أجريت 49 مقابلة مع “المخبرين الرئيسيين”، بالإضافة إلى 6 دراسات حالة منشورة ومراجعة أدبية, حيث تضمن التقرير مجموعات التركيز التي شارك فيها 674 شخص من 8 مناطق تمثل سياقات سياسية واجتماعية اقتصادية مختلفة بالقرب من القتال والبعيدة عنه وعلى جانبي الخطوط الأمامية.
يرى المشاركون في مجموعة التركيز والمخبرين الرئيسيين في جميع المجالات أن القيود المالية دفعت النساء إلى العمل, إذ كان له تأثير خطير على الفتيان والفتيات من حيث أمكانية الوصول إلى التعليم والتعرض للعنف القائم على النوع الاجتماعي.
تم تقويض الصراع الذي تم تدويله اواخر مارس من العام 2015, بعد أن تم الإعلان عن تشكيل التحالف العربي العسكري بقيادة المملكة العربية السعودية التي اخذت على عاتقها مهمة دحر القوات التابعة الحوثيين الشيعة الذين يتلقون الدعم بدورهم من إيران, كما عمل هذا الصراع أيضاً على تقويض القطاع الاقتصادي في البلد, حيث أشارت التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة أن الصراع الدائر في اليمن قد القاء بالبلد في شرك “أسوأ أزمة إنسانية في العالم”, حيث يصارع ما لا يقل عن 7 إلى 8 مليون شخص شبح خطر الوقوع في مستنقع المجاعة, كما سلط التقرير الضوء على أن نصف عدد السكان في اليمن قبل الصراع يعيشون في فقراً مدقع, وأكثر من 40٪ يعانون من انعدام الأمن الغذائي.
واليوم اتسعت رقعة البطالة والعمالة الناقصة، بالإضافة إلى تعليق عمليات دفع الرواتب وانخفاض قيمة الريال اليمني، حيث تم الدفع بالطبقة الوسطى إلى مستوى خط الفقر, حيث أن 20 مليون شخص من أصل 28 مليون يمني يصارعون شبح “انعدام الأمن الغذائي الشديد أو الحاد”.
يرى التقرير الصادر عن مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية, أنه مع الاقتصاد الذي شلته الحرب والحالة الإنسانية المقلقة للغاية، اضطر اليمنيون إلى مراجعة “عاداتهم وأعرافهم” في العمل, ولكن ليس بالضرورة أن يكون هذا التغيير للأفضل, حيث أشار المشاركون في مجموعة التركيز والمخبرين الرئيسيين في جميع المجالات إلى أن النساء والرجال قد أبحروا بشكل مغاير في الواقع الاقتصادي الجديد للبلد, إذ أدركوا أن القيود المالية دفعت بالمرأة إلى العمل، مما كان له أثر خطير على شريحة الشباب، من حيث الحصول على التعليم والتعرض للعنف القائم على أساس النوع الاجتماعي.
الواقع “أكثر تعقيدا”:
أشار بعض المراقبين من جهتهم إلى “مواقف الرجال الأكثر ايجابية إزاء عمل المرأة اثناء الحرب”، محتجين، على سبيل المثال، بأن الرجال أصبحوا يبحثون بشكل متزايد عن الزوجات اللاتي لديهن وظائف، خلافا للاتجاه الذي ساد من قبل, حيث كانوا يبحثون عن ربة منزل, غير أن الردود أكثر اختلاطا بشان ما إذا كان التمكين الاقتصادي للمرأة يوسع من تأثيرها على صنع القرارات الأسرية أو ما إذا كانت ستستمر إلى ما بعد الصراع, مما يشير إلى المنطقة التي يكون فيها الدعم لفترة ما بعد الحرب قد تكون حاسمة”.
وبالتناسب، كانت النساء العاملات أكثر تأثراً في بداية الصراع من الرجال في معظم المناطق, حيث انخفض عدد النساء العاملات في العام 2015, بنسبة 28 % مقارنة بانخفاض 11 % بالنسبة للرجال، رغم وجود اختلافات وطنية قوية, حيث تشير منذ البداية إلى أن “الهيكلة الأبوية والمعايير الجنسانية الصارمة” قد أدت إلى العديد من أوجه عدم المساواة، كما تم فرض تمييز اجتماعياً وقانونياً واقتصادياً وسياسياً على النساء وعلى سبيل المثال الحد من حصولهن على التعليم مثلما هو الحال في قطاع العمل وفي العدالة, فقد انخفض معدل حقوق المرأة على بعض الجبهات منذ توحيد اليمن في عام 1990, فعلى سبيل المثال, كانت التشريعات المحافظة في شمال الجمهورية العربية اليمنية تعلو على القوانين الأكثر تقدمية في جنوب جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.
ومن الأمثلة على ذلك ايضاً، من بين أمور أخرى: إلغاء المساواة أمام القانون في الدستور في العام 1994, واستبدالها بعبارة “النساء شقائق الرجال”.
ومع ذلك، فإن كون اليمن يعتبر البلد الأكثر تفوتاً في العالم بالنسبة للمرأة”, حيث احتل المرتبة الأخيرة في المؤشر العالمي للفوارق بين الجنسين لمدة 6 سنوات, ويمكن أن تختفي حقيقة “أكثر تعقيدا”, كما أن ثراء وتنوع التقاليد السياسية والاجتماعية والدينية في اليمن جعلت خبرات وتجارب المرأة أكثر تنوعاً.
* المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.