تحرير فلسطين يبدأ من المساجد
السياسية || محمد محسن الجوهري*
منذ بداية العدوان الصهيوني على قطاع غزة قبل أكثر من عام، قامت العصابات اليهودية بقصف وتدمير نحو 400 مسجد بشكل كامل، وحوالي 800 مسجد بشكل جزئي سواء من خلال الطيران أو بالتدمير والتدنيس المباشر، وكان الهدف من ذلك عقائدياً حسب ما أعلنه بعض الحاخامات الذين زعموا أن هذه الأفعال تأتي استجابة "لتعاليم يهودية ووصايا إلهية".
من بين هذه التصريحات، قال الحاخام إليشا ولفنسون "بعد سقوط غزة سيأتي دور (مسجد) قبة الصخرة، سنهدم هذه الأماكن ونبني هيكل سليمان"، وفقًا لمقطع نشره موقع "ميدل إيست آي" البريطاني في 25 فبراير الماضي.
وفي 25 أكتوبر الماضي، احتفى المتخصص في الاستشارات الاستراتيجية إيجال مالكا عبر منشور على منصة "إكس"، بنسف جيش الاحتلال الإسرائيلي مسجد الفاروق في خان يونس، قائلاً: "نسعى جاهدين، عبر قواتنا الجوية لتنفيذ الوصية الإلهية في خان يونس"، مختتمًا بسخرية: "إمام مسجد الفاروق لن يتصل بأحد بعد الآن"، في إشارة إلى تدمير المسجد.
كما تفاخر المؤرخ العسكري أور فيالكوف بقصف الجيش الصهيوني في سبتمبر الماضي مسجد "الشهيد سعيد صيام" في حي الشيخ رضوان شمال مدينة غزة، قائلًا: "نصيحة للحياة لا تطلقوا على المساجد أسماء الإرهابيين"، في إشارة إلى القيادي في حركة حماس وكتائب القسام سعيد صيام الذي استشهد عام 2008.
والشواهد على أهمية المساجد كثيرة، أهمها زعم صحيفة "الغارديان" البريطانية أن عملية طوفان الأقصى بدأت من المساجد، حيث تجمع مقاتلو حماس هناك قبل انطلاقهم لتنفيذ العملية التي مثلت أكبر رعب في تاريخ الكيان الصهيوني وأنذرت بزواله.
وهذا هو المتوقع من اليهود، فالصرع بيننا وبينهم ديني محض، ولا بد من توظيف المساجد بشكل فعال للقضاء على الصهيونية التي تعتبر الخطر الأكبر على البشرية، ويمارس دعاتها القتل والإرهاب بحق الكبار والصغار على أرض فلسطين، بدعوة من قياداتهم الدينية التي تؤمن أنه لا حق لغيرهم في الحياة، ولا حرج من ذبحهم وإبادتهم، ولو كانوا أطفالاً رُضَّعاً.
وقد تنبه الشهيد أحمد ياسين، رحمة الله عليه، إلى أهمية المساجد في بناء جيل مجاهد في إطار سعيه لتحرير فلسطين، وكان لذلك الجيل الدور الأكبر في تنفيذ عملية "طوفان الأقصى" وما سبقها من عمليات مباركة، وستظل تلك المساجد القبلة الأولى للمجاهدين منذ عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
وعلى السياق نفسه، توجه السيد حسين بدرالدين رضي الله عنه بصرخته إلى المساجد، داعياً إلى تفعيلها للجهاد في سبيل الله، وأن تكون مراكز للتوعية الإيمانية، لا أن تكون مكاسل للعجزة وغيرهم، وأن تُوظف في واقعها الديني كما كان مسجد رسول الله الذي جعل منه منارة للعلم والإيمان ولإدارة تحركاته الجهادية.
ولا ينبغي على الإطلاق أن نسمع لأولئك المضلين الذين يحاربون الدور الجهادي للمساجد، ويريدون لها أن تكون معابد وثنية مفصولة عن واقع الأمة، وهذا ما تريده الصهيونية العالمية، وقد نجحت في فرض ثقافتها العدائية تلك في الكثير من البلاد الإسلامية، بما فيها بلاد الحرمين، حيث عُطل مسجد رسول الله والمسجد الحرام عن أداء الواجب الجهادي في تحرير المسلمين من العبودية للغرب واليهود، وهذا أمر لن يستمر طويلاً بإذن الله.
* المقال يعبر عن رأي الكاتب