السياسية || محمد محسن الجوهري*

الاتجار بالبشر مهنة قديمة ومربحة لكنها في العصر الراهن تتخذ من "حقوق الإنسان" مظلة دعائية لها لجني الأرباح من جهة، وإخفاء الدوافع السياسية المحركة لها من جهة أخرى، كما هو الحال مع منظمة (هيومن رايتس ووتش) الأمريكية المنشأ والتمويل، والصهيونية التوجه.

ولمن لا يعرف حقيقة المنظمة، فقد تأسست في مدينة نيويورك عام 1978، ليس للدفاع عن حقوق الإنسان، بل لتوظيف حقوق الإنسان في خدمة الأغراض السياسية للولايات المتحدة الأمريكية ضد الكتلة الاشتراكية، عُرفت في البداية باسم "هلسنكي ووتش" لمراقبة الاتحاد السوفيتي وابتزازه بورقة حقوق الإنسان، عقب انهيار المعسكر الشرقي، غُيِّر اسمها لتتحول إلى أداة ابتزاز دولية خاصة في البلاد الإسلامية والدول المناهضة للهيمنة الغربية على العالم.

أما عن المؤسس، فهو اليهودي (روبرت لويس بيرنشتاين) أحد المتعصبين للكيان الصهيوني، ولذلك لا نستغرب التجاهل التام لمنظمة هيومن رايتس ووتش لكل ما يحدث من جرائم الإبادة الجماعية لأبناء قطاع غزة منذ أكثر من عام فهي بنظر الغرب عمومًا والمنظمة على وجه الخصوص، ليست بحق بشرًا، بل مجرد مخلوقات معادية للسامية، وتستحق أن تباد بالملايين ولو من أجل سلامة يهودي واحد في فلسطين المحتلة.

وخلال السنوات الأخيرة، كثفت المنظمة من جهودها لممارسة الإرهاب المثلي ضد شعوب ودول العالم، وأجبرت الكثير منها على تبني عقيدة الشذوذ الجنسي تحت عنوان "الأقليات الجنسية"، أو حماية مجتمع "م ع"، ومن ضمنها دول عربية كقطر التي خضعت لابتزاز المنظمة وسمحت للمثليين بالعيش على أراضيها.

في العراق، عدل البرلمان مشروع معاقبة المثليين، وخفف العقوبة من الإعدام إلى السجن لمدة لا تزيد عن 15 عامًا لكل من يثبت ممارسته لجريمة الشذوذ، ومع ذلك لم تسلم الحكومة العراقية من الانتقادات الغربية، وتوعدت بمعاقبة العراق سياسيًا واقتصاديًا ردًا على تلك الخطوة، بحسب ما أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، ماثيو ميللر في أبريل الماضي.

أما في مصر، فتتحرك المنظمة هناك لابتزاز النظام بالمثلية وتخضعه لتنفيذ السياسات الصهيونية، مع كل مرة يجري الحديث فيها عن حصار مصر لغزة، ويضطر السيسي عندها لتقديم المزيد من التنازلات للكيان الصهيوني ليحمي نفسه من تأجيج الشارع المصري باسم حقوق الإنسان، ولتبقى غزة أكبر سجن ومقبرة في العالم.

ومع الأسف تبقى غزة بعيدة جدًا عن اهتمام المنظمات الحقوقية، بما فيها هيومن رايتس ووتش، مما يؤكد أنها منظمات ربحية تمتهن الاتجار بحقوق الإنسان، ولو كانت صادقة في دفاعها عن الإنسانية، لكان من الأولى أن تبدأ من القطاع نفسه الذي بات صخرة تتكسر عليها كل الدعوات الزائفة، سواء كانت دينية أو إنسانية.

ولا سبيل لحماية سكان غزة من الإجرام اليهودي إلا بالجهاد والقوة، وصدق السيد القائد عندما قال في بداية العدوان على غزة: "أين هي حقوق الإنسان والمرأة والطفل في فلسطين؟ عندما يأتي أي أحد من أبناء الغرب الكافر ليمرر مؤامراته تحت عناوين حقوقية، سنلعنه".


* المقال يعبر عن رأي الكاتب