السياسية || محمد محسن الجوهري*

مع إعلان الكيان الصهيوني لخبر استشهاد أبو إبراهيم يحيى السنوار، كان هناك جملة من الأحداث المرافقة والتي تؤكد ضلوع الجانب المصري والسعودي في الجريمة، أهمها إقالة السيسي لرئيس جهاز المخابرات العامة وزيارة محمد بن سلمان لمصر في نفس اليوم.

وبالعودة للحادثة نفسها، فقد أعلن الكيان أن تصفيته للسنوار جاءت بالصدفة وليس عن خطة مسبقة، وفي مثل هذا الخبر ثمة علامات استفهام كثيرة؛ فالكيان لا يؤمن بالصدفة، وكل عملياته مدروسة بشكلٍ مفرط، كما أن عملياته في تل السلطان، حيث استشهد السنوار، كانت قد توقفت بتاريخ 22 سبتمبر، فكيف عادت مرة منتصف أكتوبر، ويصادف خلالها سقوط السنوار شهيداً!؟
والثابت أن المخابرات المصرية كانت على اتصال دائم مع السنوار وقيادة حماس بهدف التنسيق للتهدئة، وقد كشفت صحيفة أمريكية بأن الشهيد رفض مؤخراً عرضاً مصرياً بالخروج من غزة، وهذا يؤكد استمرار الاتصالات حتى الأيام الأخيرة.

وقبل إعلان الاغتيال بيوم، وصل ولي العهد السعودي إلى القاهرة ووقع صفقة مع النظام المصري بقيمة 25 مليار دولار، أعقبها إقالة السيسي لعباس كامل من رئاسة المخابرات العامة، ولم تكد تمر 24 ساعة حتى أعلنت إسرائيل اغتيال الشهيد السنوار، وأن الحادثة تمت بالصدفة من قبل جنود الاحتلال في تل السلطان، شمالي مدينة رفح، على مقربة من الحدود المصرية.

وإجمالاً فإن السنوار كان على علاقة طيبة مع عباس كامل، ويبدو أنه اعترض على العملية ورفض التعاون مع الكيان لاغتياله، ما استدعى حضور محمد بن سلمان شخصياً للإشراف على الأمر، ودفع مبلغ ضخم جداً للسيسي مقابل إقالة كامل واستدراج السنوار من قبل المخابرات المصرية، ومن ثمَّ تصفيته بعد محاولة فاشلة لاعتقاله حياً بسبب مقاومته العنيفة.

ومن يقرأ مواقف مصر سيرى بأنها مريبة وتتصنع الحزن على رحيل السنوار، وقد ظهر ذلك في البيانات الرسمية الناعية للشهيد، وهي المرة الأولى التي تنعي فيها مصر قيادياً في حماس، وكأنها تواري ضلوعها في الجريمة بتكلُّف الحزن على فقدانه، ولذلك اشترطت على الكيان إخفاء دورها الاستخباراتي، ومن هنا جاءت عبارة "بالصدفة" في البيان الإسرائيلي.

خبراء مصريون أكدوا تورط السيسي مباشرة في الجريمة، خاصة وأن حضور المخابرات المصرية في غزة يماثل نظيره الصهيوني، باستثناء أن مصر تقدم نفسها وسيطاً بين حماس والكيان واستطاعت عبر هذا الدور أن توقع الشهيد السنوار في كمين محكم للقوات المعادية.

ويبقى الحديث كله مجرد تحليل، لكن قادم الأيام سيكشف الكثير عن الحادثة، فالكيان لا يلتزم كثيراً بتعهداته وسيكشف المزيد من المعلومات للضغط على الحكومة المصرية في حال احتاج منها لدور آخر ضد حماس وسائر رجال المقاومة، كما كشفت من قبل دور النظام السعودي في استهداف الأنظمة والجماعات المعارضة لإسرائيل.

* المقال يعبر عن رأي الكاتب