حكم امهز*


بلحية شديدة السواد دخل هيكل حزب يُبنى، تلونت الأيام، وبَنى الهيكل مع اترابه، لكن اللحية الشريفة، تبدل لونها، وصارت بيضاء، ممهورة بخبرة أكثر من أربعين سنة من العمل المقاوم على كل الجبهات.

عباس مسيرة حزب الله السيد الشهيد هاشم صفي الدين، واحد من أعمدة أساسية قام عليها هيكل حزب الله الذي تحول قلعة، تتكسر على اعتابها، اجتياحات الاحتلال، وتتبدد على أبوابها مشاريع التقسيم، وتتغير عندها قواعد اللعبة إقليميا ودوليا، وباتت تفرض المعادلات..

السيد الشهيد، واحد من أولئك الذين، جسّروا "المجلس التنفيذي" معبرا للعمل الجهادي المقاوم، وسهل دروب الوصول إلى الانتصارات، واراح فكر المقاومين من عناء مسؤولية الاهتمام بأسرهم وعوائلهم، فكانت المؤسسات المختصة التي ترعى شؤونهم، دون أي تعقيدات، أو هموهم في الملمات والجراح والأزمات..

لم يكن السيد صفي الدين رئيس حكومة مغرورا بسلطة، فصاحب الابتسامة الدائمة الناعمة الهادئة.. يشرح صدرك بتواضعه الطيب، لتشعر وكأنك تعرف الرجل صديقا منذ زمن طويل.. ما إن تصافحه حتى يبادرك بكلمة تسقِط الحواجز معه، فترى فيه ابا او اخا او صديقا ألفته وألفك.. تسأله يجيبك، يساعدك يساندك.. ليس من اجل شيء، بل أن واجبه المقدس يفرض عليه ذلك.. ولا سبيل للمعاملات والروتين عنده..

بصوته الهادئ وطلته الشبيهة بطلة الشهيد الاقدس السيد حسن نصر الله، تستقرأ محيّا اهل البيت عليهم السلام.. وبلهجته تشتم رائحة الأرض المحررة في الجنوب، وبنبضه العالي، تستذكره ما امضاه في البقاع، وبسلاسة عباراته، تحط رحالك معه في سهل لبنان ووسطه..

طيب خُلقه لا يعبر عن موقفه الصلب من الظلم والاضطهاد، ولين حواره، لا يغير من موقفه الصوان المعادي للاحتلال، والرحيم على فلسطين والقدس وغزة..

حمل الراية السيد الشهيد.. ولم يخفضها ابدا، رغم الأهوال والعواصف، لم يغرف شربة ماء الفرات ليشرب وحبيبه الشهيد الاقدس عطشانا، ابى أن يرتوي قبله.. فعاجلت حبيبه الشهادة.. فمضى بالراية وقال "لا طيب العيش بعدك يا سيدي وحبيببي وروحي" ..."ولكن يتوجب علينا.. أن نثبت في الميدان ونقف متمسكين بمقاومتنا وحقنا وواجبنا في الدفاع عن وطننا وشعبنا" فاستحق عن جدارة لقب عباس المقاومة وسيدها.


* المقال نقل من موقع قناة العالم ويعبر عن رأي الكاتب