السياسية || محمد محسن الجوهري*

لو كان للعدو الصهيوني أن يزيل بلداً ما من الخارطة لكانت غزة لما تتعرض لها من حرب إبادة شاملة منذ سنة، ولكنها رغم ذلك باقية وستستمر لأعوام وأعوام في المستقبل، بخلاف الكيان اليهودي الذي يمر بأزمة وجودية تنذر بزواله فعلياً من الخارطة، خاصةً لو تعَّرض لبعضٍ مما يرتكبه في القطاع أو الضاحية الجنوبية وهذا الاحتمال وارد في إطار التصعيد بين الكيان والعالم الإسلامي.

ولنا أن نتخيل الصواريخ الإيرانية وهي تنهمر كالمطر، ليس على المواقع العسكرية أو المصالح الاقتصادية لإسرائيل، بل على مستوطنات الكيان ومغتصباته، كـ"يافا" وحيفا وغيرها من التجمعات اليهودية في الضفة الغربية.

عندها سيعلم العدو هشاشة كيانه، بعد أن يفر اليهود إلى خارج فلسطين، ويكون من السهل للمجاهد الفلسطيني أن يقضي على ما تبقى من فلوله بما تيسر له من السلاح والإمكانيات، وبالذات لو ترافق الأمر مع فتح جبهات برية متعددة مع العدو، عبر أكثر من قطرٍ عربي، وهذا أمرٌ واردٌ أيضاً، ويسعى لتحقيقه محور المقاومة، وقد يكون قريباً إن شاء الله.

ولم يعد لليهود -حتى اللحظة- أي مصالح في البقاء على أرض فلسطين، فهم يعلمون أنها ليست أرضهم، وأن مستقبلهم فيها مظلم وليس سوى الموت يطوف حولهم، وقد ينقض عليهم في أي لحظة، وما فعلوه بأهالي غزة قد يتكرر بحقهم اليوم أو غداً، وليس هناك من يعترض في هذا العالم على ذلك بعد كل ما شاهدناه من جرائم يشيب لها الولدان بحق مسلمي غزة، والبادئ أظلم.

ويكفي أن يعتبر اليهود مما يشاهدونه حالياً، حيث لا مناطق آمنة لهم في كل فلسطين المحتلة، وكل مكان قد يتحول إلى مسرح لعملية فدائية لرجال فلسطين، كما أن كل شيء أمامهم قد يتحول إلى وسيلة لقتل المستوطنين الصهاينة، بعد أن أثبتت العقلية الفلسطينية أن صاحب الحق لا يعدم السلاح، وأن بندقية الجندي الإسرائيلي نفسها قد ترتد فتصيبه في نحره، كما رأينا في عملية يافا البطولية.

والأنسب لليهود أن يرحلوا عن فلسطين كافة، فالشتات أكثر أمناً لهم، وقيادات الصهيونية تحتفظ بملاذات آمنة في الخارج، وعلى استعداد في أي لحظة للفرار خارج الأراضي المحتلة بوسائل نقل خاصة، كما أن أبرز قيادات الصهيونية العالمية تقيم أساساً في الخارج، ومن النادر أن تزور فلسطين، كعائلة روتشيلد وغيرها.

* المقال يعبر عن رأي الكاتب